ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هل
يمكن أخذ سوريا على محمل الجد؟ كلود
صالحاني* واشنطن – يبدو
الرئيس السوري بشار الأسد جاداً
في السعي للسلام. ولكن ما مدى
جديته؟ يبدو أن الأسد صادق بحق
من حيث رغبته في عقد محادثات
سلام وهو موضوع شرحه سفيره في
واشنطن بتفاصيل أوسع. ولكن هناك
المزيد حول هذا بعد لحظات. أشار الرئيس السوري
أثناء زيارته إلى فرنسا في وقت
مبكر من هذا الشهر إلى أنه على
استعداد لفتح بعثة دبلوماسية
سورية في العاصمة اللبنانية،
وهي خطوة تعترف بسيادة لبنان
كأمر واقع، وإيماءة طالما تردد
السوريون بالقيام بها تجاه
جيرانهم اللبنانيين منذ
استقلال الدولة عن فرنسا في
نهاية الحرب العالمية الثانية. كما أن هناك مؤشرات
بأن دمشق قد تقوم بالضغط على
حماس وحزب الله، وهما مجموعتان
تدعمهما إيران ويتهمهما الغرب
بالتورط في نشاطات إرهابية. تأخذ الحكومة
التركية المبادرة السورية
بجدية، وقد عملت كوسيط لنقل
المقترحات والمقترحات المضادة
بين الإسرائيليين والسوريين. يأخذ الرئيس الفرنسي
نيكولاس ساركوزي الرئيس السوري
على محمل الجد، وكان هو أول من
أخرج الرئيس السوري من عزلته
عندما دعاه لحضور قمة اتحاد دول
البحر الأبيض المتوسط في باريس
وطلب منه بعد ذلك البقاء كضيف
شرف على سرادق العرض في يوم
الباستيل في الرابع عشر من تموز/يوليو.
ومن المعتقد أن موافقة سوريا
على فتح سفارة لها في بيروت، بعد
عقود من الرفض، يعود الفضل فيها
إلى نجاح الدبلوماسية الفرنسية. تأخذ الحكومة
الإسرائيلية إيماءات سوريا
بالسلام على محمل الجدّ من خلال
متابعة مبادرات سوريا
وتصريحاتها المتكررة بأن دمشق
ترغب بصدق في تحقيق معاهدة سلام
مع الدولة اليهودية. في مقابلة نادرة مع
"الأميركيون من أجل السلام
الآن"، وهي منظمة أميركية
تساند إسرائيل، قال عماد مصطفى،
سفير سوريا لدى واشنطن أن بلده
يسعى لتحقيق سلام شامل مع
إسرائيل "في مضمون تطبيعي". وقد ذكر أن باستطاعة
توقيع معاهدة سلام مع سوريا أن
تمهد الطريق لإسرائيل للتوصل
إلى سلام مع كامل العالم العربي. "نقول نحن في دولة
سوريا لدولة إسرائيل أننا نرغب
بإنهاء حالة الحرب بيننا وأن
نحقق السلام بين دولتينا، وأن
نعترف ببعضنا بعضاً ونعيش
كجيران مسالمين مع بعضنا بعضاً،
في مضمون تطبيعي"، حسبما صرح
السيد مصطفى، مضيفاً: "نعتقد
أن هذا اقتراحاً جاداً بشكل
كبير ... وهذا هو الأمر العظيم
الذي نعرضه: لنجلس معاً ولنصنع
السلام، ولننه حالة الحرب بشكل
نهائي" بين بلدينا. وقد وصف السيد مصطفى،
في حديث له مع أوري نير، الناطق
باسم "الأميركيون من أجل
السلام الآن"، المحادثات
الحالية بين إسرائيل وسوريا على
أنها "فرصة تاريخية لصنع
السلام ليس فقط مع سوريا
ولبنان، لأننا نؤمن أنه بطريقة
ما أو بأخرى، تلعب سوريا دور
حامي البوابة بين إسرائيل
والعالم العربي". وقد أخبر السيد مصطفى
منظمة "الأميركيون من أجل
السلام الآن، أن زعماء سوريا
"طالما قالوا للإسرائيليين
خلال السنوات الخمس عشرة
الماضية: "نحن نريد أن نصنع
السلام. نحن نؤمن بسلام عادل
وشامل معكم". ويواصل قائلاً:
"السبيل الوحيد قُدُماً، ولا
يوجد بديل ثالث له، هو الجلوس
معنا وصنع اتفاقية سلام". إلا أن هناك عنصر
رئيسي مفقود، يبطئ الدفع نحو
السلام بين سوريا وإسرائيل،
إضافة إلى التغييرات الأخرى
المقترحة أو التي يتم التلميح
إليها من قبل السوريين: العنصر
الحاسم المفقود هو مشاركة
الولايات المتحدة. تبقى إدارة الرئيس
جورج دبليو بوش الطرف الوحيد
الذي لا يأخذ سوريا على محمل
الجد فيما يتعلق برغبتها في
التغيير. هناك احتمال بعيد بأن
تكون سياسة الإدارة الأميركية
فيما يتعلق بدمشق صحيحة بينما
يكون الآخرون جميعهم،
الفرنسيون والأتراك
والإسرائيليون، على خطأ. إلا أن المخاطر
مرتفعة جداً، وفرص السلام
الدائم في الشرق الأوسط قريبة
جداً، بحيث يستحق الأمر
المقامرة والطلب من السوريين
إثبات وعودهم بالنوايا السلمية
بأعمال راسخة. ماذا يمكن أن
نخسر؟ إذا أخلَّت سوريا بأي من
وعودها، تستطيع واشنطن دائماً
أن تعيدها إلى الزاوية وتوقف
المحادثات معها وتستأنف سياسة
البرود تجاهها. من ناحية أخرى لدى
إدارة الرئيس بوش الكثير لتربحه
في آخر أيامها في البيت الأبيض
إذا تمكنت من إتمام اتفاقية
سلام تاريخية بين سوريا
وإسرائيل. لا يمكن لحالة
الدومينو الناتجة عن اتفاقية
كهذه إلا أن تنعكس إيجابياً على
الجارين العربيين الباقيين
المجاورين لإسرائيل اللذين لم
يحققا السلام مع الدولة
اليهودية: لبنان والفلسطينيين. إذا تمكنت الولايات
المتحدة من حيث الجوهر من تحرير
معاهدة سلام بين السوريين
والإسرائيليين مع حلول وقت
الخروج من البيت الأبيض، فلن
يكون الرئيس بوش قد نجح في رؤية
إنشاء الدولة الفلسطينية كما
قال أنه سيفعل، ولكن حجر
الزاوية لإنشاء تلك الدولة يكون
قد تم وضعه من قبله. هذه فرصة ذهبية
للرئيس، الذي سيترك البيت
الأبيض خلال حوالي 175 يوماً
والذي سيترك وراءه حربين لم
يكملهما، لأن ينهي رئاسته بحدث
إيجابي. هناك الكثير الذي
يمكن ربحه والقليل الذي يمكن
خسارته في مغامرة كهذه. يتطلب
صنع السلام أحياناً شجاعة أكثر
من شن الحرب. سوف تثبت عروض
مقدمة من واشنطن إلى دمشق مدى
جدية السوريين. ------------------------------ *
كلود صالحاني هو المحرر السوري
والمحلل السياسي مع اليونايتد
برس إنترناشيونال في واشنطن
العاصمة. وهو حالياً محرر
الميدل إيست تايمز. تقوم
خدمة Common Ground
الإخبارية بتوزيع هذا المقال،
ويمكن الحصول عليه من الموقع www.commongroundnews.org مصدر
المقال: الميدل إيست تايمز، 29
تموز/يوليو 2008 تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال. ---------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |