-ـ

ـ

ـ

السبت  28/03/2009

ننتنياهو أيضا "يحترم" الاتفاقات ولا "يلتزم" بها

فماذا نحن فاعلون؟

عريب الرنتاوي

تتجه حكومة نتنياهو التي سترى النور في غضون أيام قلائل، إلى "احترام" الاتفاقات والتعهدات التي أبرمتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وليس إلى "الالتزام" بها، وفقا لما خرج به الاتفاق الائتلافي بين حزبي الليكود والعمل، والذي قايض أيضا "البؤر الاستيطانية" غير الشرعية في الضفة، بالبناء الفلسطيني "غير المرخص" في مدينة القدس على وجه الخصوص، داعيا إلى إزالة ذاك وتلك.

أهم ما في اتفاق الائتلاف، أنه أسقط عن سبق الترصد والإصرار "حل الدولتين لشعبين"، وهو الحل الذي دار حوله الحراك السياسي الإقليمي والدولي طوال أزيد من عقدين من الزمان، وتكثف بعد إعلان "رؤيا بوش" وإقرار الخريطة وصدور القرار 1515 عن مجلس الأمن مرورا بالطبع، بمبادرة السلام العربية.

باختصار، لقد مسح نتنياهو وأركان حكومته اليمينية المتطرفة، وبجرة قلم واحدة، كل هذا الركام من الأفكار والمشاريع والرؤى والخرائط، وأطاحوا في لمحة بصر، بعشرات – وربما بمئات – الساعات التفاوضية الشاقة والمريرة مع عباس/فياض/قريع، ورفعوا بقفاز التحدي في وجه أوباما وإدارته الديمقراطية، والعرب وقمتهم المنتظرة في الدوحة، والفلسطينيين بجولات حواراتهم الوطنية الماراثونية التي لم تعد أجندتها "ذات صلة" بعد الذي حدث في غزة ويحدث في إسرائيل.

ومع ذلك، لم ينتفض العالم في وجه نتنياهو وحكومة اليمين المتطرف، كما فعل في وجه حكومة حماس وحكومة الوحدة الوطنية من قبل، وكما يفعل اليوم في مواجهة محاولات استيلاد حكومة فلسطينية توافقية من حوارات القاهرة، وعلى يبد القابلة القانونية المصرية، إذ وبخلاف لغة الحسم والجزم والتهديد والوعيد التي اعتمدتها السيدة كلينتون في مواجهة حماس حكومة وحركة، لم تلوّح زعيمة الدبلوماسية بإعادة النظر في تحالفها الاستراتيجي مع حكومة الاحتلال، مع أن الأخيرة تنكرت للاتفاقات المسبقة، وسحبت اعترافها بحل الدولتين، وهي وضعت في صميم أهدفها إسقاط حكم حماس في غزة، ما يعني أنها ملتزمة باستخدام العنف والقوة، وليس المفاوضات والدبلوماسية، وسيلة لحسم صراعها مع خصومها.

لم يتبق أمام نتنياهو سوى أن يجمع نصوص اتفاقه مع إسرائيل بيتنا بنصوص اتفاقه مع حزب العمل، ليضعها في برنامج واحد، يذهب به إلى الكنسيت، ويخرج بحكومة أغلبية لا تقل عن سبعين عضوا، وربما تزيد، وهي أغلبية مريحة تدفع على الاعتقاد بطول عمر هذه الحكومة وبقائها.

ومن يقرأ الاتفاقات الائتلافية سيكون بمقدوره وضع الخطوط العامة للبيان الحكومة الوزاري لحكومة نتنياهو وخطة عملها، وهي كما بات معروفا: (1) اعتبار إيران، المصدر الرئيس للتهديد الوجودي للدولة العبرية، والعمل بكل الطرق المتاحة ومن ضمنها الخيار العسكري لمنعها من امتلاك برنامج نووي عسكري...(2) اعتبار حماس وغزة، كيان عدو، والعمل على الإطاحة بالحكومة القائمة هناك، وإنهاء مصادر التهديد للأمن الإسرائيلي الكامنة في القطاع...(3) إسقاط كل حديث عن "حل الدولتين" و"مسار أنابوليس ومرجعياته"و"المبادرة العربية"، والتركيز على ما يسمى السلام الاقتصادي والأمن أولا...(4) انتهاج مقاربة أمنية – عسكرية في التعامل مع سوريا ولبنان (حزب الله)، وسد سبل استئناف مفاوضات أنقرة غير المباشرة، والرد على مكامن التهديد الكامنة في سلاح حزب الله....(5) تسريع عمليات تهويد القدس وطرد سكانها العرب والتضييق عليهم بعدم منحهم تصاريح بناء وهدم منازلهم غير المرخصة، والتوسع في البناء الاستيطاني وتحديدا في الكتل الكبرى، إلى غير ما هنالك من بنود، يكفي كل واحد منها لإشعال نار حرب أو انتفاضة جديدة.

لا جديد في برنامج عمل حكومة نتنياهو، وقد سبق أن أتينا في هذه الزاوية قبل عدة أشهر على هذه النقاط جميعها،  لكن الجديد أن الليكود نجح في اللعب على "انتهازية العمل" وضمه إلى صفوف ائتلافه الحاكم، ليقوم بالوظائف القذرة تحديدا من عدوانات وتصفيات واجتياحات وإغلاقات.

اليمين زاحف على السلطة في إسرائيل، فما الذي سيضيفه ذلك إلى أجندة الحوار الفلسطيني في القاهرة، أو القمة العربية في الدوحة؟.

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ