-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
في
القاهرة , المصالحة فصائلية و
التعميد بمياه تلمودية أحمد
الفلو*
نحن شعب فلسطين علينا أن
نعترف بكل فجاجة أننا خُدعنا,
رغم ارتفاع مستوى التعليم في
أوساطنا واتساع الرؤى السياسية
في مجتمعاتنا ولدى نخبنا
الثقافية, أربعون عاماً وشلال
الدم الفلسطيني لم ينضب يوماً
ولا ساعة, والتضحيات لم تتوقف من
أجل فلسطين, بدأ الجوهر السياسي
لقضية فلسطين يتآكل تدريجياً
بعد ذلك و يعود السبب إلى مجموعة
من العوامل ربما كان المحرك
الأساسي لها هو أن استجابة
قيادة المنظمة كانت دوماً دون
مستوى الطموح الشعبي الفلسطيني
من جهة , أما الأشخاص الذين
تصدروا لقيادة المنظمة فلم
يكونوا مؤهلين لا سياسياً و لا
ثقافياً ولا حتى وطنياً لتسُّنم
الأمر, كانوا ومازالوا يفرضون
رؤيتهم السياسية النابعة من
مصالحهم المالية من جهة أخرى , و
فيما يتعلق بممارسة العمل
السياسي والقرارات المصيرية
فإنه لا يستند إلى أي مرجعية
دستورية أو شعبية أو وطنية بل
إلى أمزجة مجموعة من الأشخاص
يقيسون الأمور بميزان انتفاخ
أرصدتهم المالية فحسب , ودون أي
اعتبار لمصالح الشعب الفلسطيني
تلك العصابة القابعة في
القصر الأسود في رام الله , لا
تكلّ ولا تملّ , هي في دأب مستمر
تبحث عن وسائل البقاء في سلطة
الحكم الذاتي المحدود , وتطرق كل
الأبواب المفضية إلى المكوث في
أطول فترة ممكنة في السيطرة على
الحالة الأمنية كي تحمي منافعها
الشخصية و موارد السرقة والنهب
الذي اعتادت عليه منذ أكثر من
أربعين عاماً ونيف , ويبدو أن
حجم السعي الحثيث هذا نحو
التمسك بالسلطة يتناسب طردياً
مع ضخامة المنافع و الامتيازات
التي اعتاد الفتحاويون
الاستحواذ عليها
يصرُّ الوفد السلطوي
للمحادثات على مبدأين أساسيين
أولهما اعتراف حركة حماس بحق
إسرائيل بثلاثة أرباع أرض
فلسطين و ثانيهما الإقرار
باللجنة الرباعية باعتبارها
المرجعية السياسية لأي حكومة
مقبلة و لمنظمة التحرير
الفلسطينية, والالتزام الأخير
هذا يشمل التخلي عن المقاومة
باعتبارها إرهاباً و التخلي عن
القضايا الأساسية مثل عودة
اللاجئين و الإقرار بالاستيطان
كونه أمراً واقعاً و اعتبار
قرية أبو ديس بديلاً عن القدس
كما جاء في ( مراسلات عباس -
بيلين ) , كما يشمل ذلك تكريس
قيادة الجنرال الأمريكي دايتون
باعتباره المنسق العام لقوات
الأمن الفلسطينية
إنَّ الوفد الفتحاوي ومعه
وفود اليسار المرتزقة تحت إبطه
يرتكزون في مطالباتهم على نقطتي
قوة هامتين أولاهما الدعم
المصري القوي من خلال الحصار
المجرم و الوحشي على قطاع غزة
والذي يهدف إلى تطويع المقاومة
الإسلامية للأجندة الإسرائيلية
من جهة , و استغلال السعي المخلص
و النوايا الحسنة لقيادة حماس
لتحقيق المصالحة .
و ربما كان لمكان انعقاد
مفاوضات المصالحة في مباني
المخابرات المصرية مدلولات
خطيرة تنمُّ عن نوعية التعامل
المصري المتجبِّر و المتغطرس
تجاه الشعب الفلسطيني , و كذلك
تشبُّث القيادة المصرية بتلك
النظرة الاستعلائية النمرودية
في فرض رؤيتها على الشعب
الفلسطيني , وكم كنا نتمنى لو أن
هذه الرؤية نابعة من حرص الأخ
الأكبر على أشقائه ولكنها
بالفعل تمثل فرض رؤية أمريكية
متصهينة على الشعب الفلسطيني
بحيث تكون أداتها المنفِّذة هي
النظام المصري
ونعود لنؤكد بأنه لا يوجد
انقسامات شعبية في الصف
الفلسطيني مطلقاً و الأمر بكل
بساطة يمكن تلخيصه بأن هناك
مجموعة لا تمثل سوى نسبة ضئيلة
من الشعب الفلسطيني استولت على
السلطة و قامت إسرائيل و
الإدارة الأمريكية بتنصيبها و
فرضها على الشعب الفلسطيني
لتكون أداة لفرض المخططات التي
تؤدي لتصفية القضية الفلسطينية
و الاستيلاء الكامل على أرض
فلسطين , و قد قام هؤلاء بدورهم
في تصفية القضية منذ أكثر من
أربعين عاماً و هم مستمرون بهذا
الجهد الملعون مقابل الثراء و
المال الذي أغدقته عليهم
الولايات المتحدة وحلفائها
العرب , وعندما ظهرت المقاومة
الإسلامية الباسلة باعتبارها
اتساقاً طبيعياً لسنن التاريخ و
نواميس الحياة فقد تصدى لها
صنائع الصهيونية هؤلاء , خاصةً
أنهم حاربوا دخول الإسلام إلى
صراعنا ضد إسرائيل , مع أنهم
أدخلوا الإيديولوجيات التي
تجعل العمال و الفلاحين
الفلسطينيين أخوة لنظرائهم
اليهود في وحدة ماركسية طبقية ,
في الوقت الذي استبعدوا الإسلام
لأنه يرفض الصهيونية بكل
أشكالها
لقد تلاعبت القيادة
الفلسطينية بالقضية حتى كادت أن
تمحوها من الوجود , و لنا أن
نتصور كيف تدهور حال القضية
الفلسطينية على أيدي تلك
الشرذمة , ففي 1964 أنشِئَت منظمة
التحرير بهدف تحرير فلسطين التي
احتُلَّت عام 1948 و لكن القيادات
التي استولت على المنظمة ما
لبثت عام 1974أن تبنت مشروع دولة
ديمقراطية علمانية ضمن حدود
فلسطين الانتدابية و هو مشروع
طرحه اليساري نايف حواتمة و
تبناه ياسر عرفات و أدخله في
البرنامج المرحلي للمجلس
الوطني الفلسطيني, ذلك المجلس
غير المنتخب وغير الوطني وغير
الفلسطيني الذي كان عرفات يقوم
بتعيين أعضاءه من الموالين له,
في عام 1988 تبنت منظمة التحرير
رسميا خيار الدولتين في فلسطين
التاريخية ، والعيش جنباً لجنب
مع إسرائيل في سلام شامل يضمن
عودة اللاجئين واستقلال
الفلسطينيين على الأراضي
المحتلة عام 1967.
وفي عام 1993 قام رئيس اللجنة
التنفيذية بمنظمة التحرير
آنذاك ياسر عرفات بالاعتراف
رسميا بإسرائيل، في رسالة رسمية
إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي
آنذاك إسحق رابين, نتج عن ذلك
تأسيس السلطة الفلسطينية في
الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي
تُعتبر من نتائج اتفاق أوسلو
بين المنظمة وإسرائيل , شخص أو
مجموعة من الأشخاص تلاعبوا
بقضيتنا و مازالوا يتلاعبون و
قد أصبحت مرجعيتنا الوطنية على
يد هؤلاء توني بلير والجنرال
دايتون و في أحسن الحالات أعضاء
الرباعية .
وحتى الآن مازلنا نتحدث
بخجل عن القيادي فلان ونقول لا
للتخوين , حتى لو باعنا وباع
إنسانيتنا مع أرضنا للصهاينة
فهو ليس خائناً , إنه تقديس و
صنمية تلبَّست نفوسنا و قلوبنا
نحن الفلسطينيون فتعودنا أن
نجامل الغرب على حساب وطننا
وأرضنا, كي لا يقول عنا المجتمع
الدولي وحوش و إرهابيون فليذهب
الوطن إلى الجحيم وليعيش
الختيار, ثم ليعيش من هم بعد
الختيار و ليملأوا أرصدتهم
بالملايين من أثمان الإسمنت و
الطحين و من بيع القدس بينما
نحرص على الوحدة الوطنية أو
نُوْهِم أنفسنا بأن هناك شرخاً
في بنية الشعب, كي نوجد لأتباع
دايتون و أولمرت وبلير المبررات
ليستمروا بذبحنا وبيع قضيتنا ,
يبدو أننا نخاف على الخبز أكثر
من خوفنا على الوطن , فلتكسب
عصابة عباس و وداعاً للمقاومة
وفلسطين ــــــــــ *كاتب
فلسطيني ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |