-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أحلام
الأفراد الوردية، نيابة عن
الشعوب: لا
يشفع نبلها النظري، لكارثيتها
في التطبيق! عبدالله
القحطاني * لا بدّ
من التفرقة، بداية، بين أحلام
الشعوب، الغائمة الفضفاضة..
وبين أحلام الأفراد نيابة عن
الشعوب، وتوظيف الشعوب في رحلة
تحقيق هذه الأحلام، الفردية،
المنسوبة إلى الشعوب! *
التاريخ، في أكثر صفحاته،
باستثناء المراحل التي صنعتها
النبوّات للأمم، في حياة
الأنبياء.. إنّما هو سلاسل
طويلة، متتابعة، من الأحلام
الفردية، التي أتيح لأصحابها،
أن يغامروا، بالسعي إلى جعلها
حقائق، على الأرض.. فكانت، في
أكثريّتها، كوارث، متفاوتة في
القسوة والشدّة والتدمير: * أحلام
الأفراد لأنفسهم، بأن يصبحوا
زعماء، أو قادة، أو حكّاماً على
شعوبهم، في بلادهم: هذه
الأحلام، يوظّف فيها أصحابها،
مجموعات ضخمة من البشر..
لتحقيقها على حساب الآخرين،
الذين تَفرض عليهم الأحداث، أن
يكونوا ضحايا، مقصودين أو غير
مقصودين.. للعنف الذي يرافق
تحقيق الأحلام، أو يعقبها! كما
أن الكثيرين، الذين يوظَّفون في
تحقيق الأحلام، كثيراً ما
يكونون وقوداً لها، أو ضحايا..
بعد أن يحقّقها الأشخاص الذين
حلموا بها، واستتبّت لهم أمور
الحكم، أو السيادة.. في بلدانهم! * أحلام
الأفراد، في صناعة (أمجاد!) على
الأرض، لأسرهم، أو قبائلهم..
تمرّ، غالباً، في المراحل،
ذاتها، التي تمرّ بها أحلام
الأفراد لأنفسهم؛ من حيث المآسي
والكوارث، التي تلحق بالآخرين! * أحلام
الأفراد لأحزابهم، في استلام
الحكم، في بلادها، بأساليب
مختلفة، كالثورات الشعبية،
والانقلابات العسكرية، وتصفية
الشركاء في الحكم والسلطة..
تصطبغ، في كثير من الأحيان،
بأشكال مختلفة، من المكر
والخداع، والغدر والدموية! * أحلام
الأفراد (الحكّام والزعماء
والقادة) لأنفسهم، في توسيع
مناطق حكمهم، وفي السيطرة على
دول أخرى، أو احتلالها.. مجاورة
أو غير مجاورة! تجند، في السعي
إلى تحقيقها، شعوب كاملة،
ومقدّرات دول كاملة! ويحصل في
رحلة تحقيق الأحلام، هذه، كوارث
وبلايا، لا يعلمها إلاّ الله!
ويكون ضحاياها، عادة، من شعب
الزعيم الحالم، ومن شعب الدولة
المعتدى عليها، ومن مناطق أخرى،
مجاورة، أو قريبة، أو واقعة في
طريق الرحلة! * أحلام
الأفراد لشعوبهم، في تحقيق
السيادة على شعوب أخرى، واحتلال
أوطانها.. لا تختلف، كثيراً،
النتائج الكارثية، المترتّبة
عن السعي إلى تحقيقها، عن نتائج
أحلام الزعماء لأنفسهم! وغالباً
ما يمتزج طموح الشعب، الذي
يترجمه الحاكم إلى جهد على
الأرض.. بطموح الحاكم نفسه، الذي
يسرّه أن يكون زعيماً لدولة
واسعة الأرجاء، وفيرة الثروات..
سواء استطاع أن يحتلّ الدول
الأخرى، ويضمّها إلى دولته بشكل
تامّ، أم أن يخضعها لسلطانه،
ويجبي منها موارد، ويتّخذ منها
قواعد لعساكره، ويصبح
إمبراطوراً! والكوارث، هنا،
تشبه الكوارث، هناك، حين يحلم
بزعامة فردية واسعة لنفسه، في
أنحاء كثيرة من العالم.. فيوظّف
شعبه لتحقيق حلمه الخاص! *
الفروق كبيرة، بين أحلام
الشعوب، التي تشترك في صياغتها،
بشكل واضح منضبط، عبر قادتها
الشرعيين، الذين تنتخبهم
بحرّيتها، ليصنعوا لها
القرارات التشريعية والتنفيذية..
وبين أحلام الأفراد الذين
ينيبون أنفسَهم عن الشعوب، في
صياغة الأحلام، واتّخاذ
القرارات النظرية والتطبيقية،
لتحقيقها! فهاهنا، ضوابط كثيرة،
يشارك في وضعها ومراقبتها، قادة
الأمّة، من علماء وساسة ومفكرين..
بينما أحلام الزعماء الأفراد،
تخضع لأمزجتهم، وطرائقهم
الخاصّة، في الحساب! فقادة
الشعوب العقلاء المخلصون، لا
يغامرون، عادة، بشعوبهم
وأوطانهم! والشورى بينهم، صِمام
أمان قوي، ضدّ أيّة مغامرة
مهلكة،أو مجازفة في المجهول!! * أمثلة
من الأحلام الفردية: ـ بعض
الأحلام القديمة، للحكّام
والقادة، في الغزو أو التوسّع،
كانت مبنية على الثأر أو
الانتقام.. أو على ردّة فعل
استفزازية، ضدّ حاكم آخر، أو
دولة أخرى! ـ
وبعضها كان من أجل امرأة،
أحبّها أحد الحكّام، وحشد جيشه
لغزو بلادها، لانتزاعها
بالإكراه! ـ
وبعضها كان نابعاً من حرص
حقيقي، لدى الحاكم، على تحقيق
أمور هامّة وعظيمة، لأمّته أو
شعبه، باحتلال دولة ما، أو قهر
شعب ما.. لكن، بقرار فردي من
الحاكم، لم يشرك شعبه في
صياغته، أو وضع الخطط لتنفيذه! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |