-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  30/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أميركا وإيران.. هل انتهت الحرب الباردة؟

د.سعيد حارب

لم يكن عيد النوروز عند الإيرانيين هذا العام كأي عام سابق. فقد تلقوا في هذه المناسبة رسالة تأخرت ثلاثين عاما، وهي قابعة في دهاليز السياسة الأميركية، لكنها وصلت أخيرا، وأن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبد، كما يقال.. فيوم الجمعة الماضي تلقى الإيرانيون رسالة تهنئة من الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يبدو أنه لم ينتظر المائة يوم المعتادة في العمل السياسي للحكم على إدارته، بل بادر منذ الأسبوع الأول للوفاء بتعهداته الانتخابية، فبدأ بقراره إغلاق المعتقل سيئ الذكر في غوانتانامو. وها هو يمد «حبل الوصال» إلى إيران كما وعد.. وقد اختار لرسالته يوم فرح عند الإيرانيين ليكون تأثيرها كبيرا عليهم. كما اختار كلماته بعناية فائقة مثل «الحوار النزيه والقائم على الاحترام المتبادل»، وتعهد إدارته «باتباع دبلوماسية تعالج مجموعة من القضايا التي نواجهها والسعي لإقامة علاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران والمجتمع الدولي» و«الولايات المتحدة الأميركية تريد أن تأخذ إيران الإسلامية مكانها الصحيح بين الدول، وأنتم تملكون هذا الحق، لكنه يأتي بمسؤوليات حقيقية».

إن من يقرأ أو يستمع لهذه الكلمات، يظن أن قائلها صديق لإيران، وليس رئيسا لدولة خاضت معها حربا باردة استمرت ثلاثين عاما، فمن الذي تغيّر.. إميركا أم إيران؟ أو بتعبير آخر ما الذي تغير؟ لايكفي القول إن أوباما يريد أن ينفذ تعهداته الانتخابية، فذلك ليس سببا كافيا في هذا التغيير، بل الهدف هو تغيير الصورة التي رسمتها السياسة الأميركية في العالم خلال السنوات الثماني الماضية، والتي تشوهت فيها صورة أميركا على يد الرئيس السابق جورج بوش.

ولذا أراد أوباما أن يبعث برسالة للعالم من خلال البوابه الإيرانية، يقول فيها إنه إذا كان قد مدّ يد التفاهم إلى «العدو اللدود»، فمن باب أولى أن يمدها إلى الآخرين، وإنه عازم على «تصحيح» صورة أميركا في العالم، ومع كل ذلك، فإن هذا السبب ليس كافيا كذلك لهذا التغيير، بل لابد من أسباب دفعته لتوجيه هذه الرسالة، أو رسم صورة جديده لعلاقة أميركا بإيران. ومن هذا أن السنوات الأخيرة قد أكدت ان إيران لاعب رئيس لايمكن تجاهله في المنطقة. وقد أثبتت الأحداث في العراق ولبنان وفلسطين وأفغانستان أن «الأيادي» الايرانية كانت حاضرة، وأن أي حل لهذه المشكلات لن يكتب له النجاح ما لم يكن لإيران دور فيه.. فتأثيرها على كثير من القوى السياسية في هذه الدول وغيرها واضح لا يمكن تجاهله، وقد لعبت إيران دورا في«تسهيل» مهمة الأميركيين في أفغانستان والعراق، إذ التقت مصالحهما على تغيير النظاميين السياسيين في كلا البلدين، ما أدى إلى تعميق الدور الإيراني في كلا البلدين.

ومن هنا فإن إداراة أوباما تعلم أن كل مشروعاتها في المنطقة لن يكتب لها النجاح ما لم تتم تسوية العلاقة مع إيران، ولو أدى ذلك إلى إعطائها قطعة «من الكعكة»، وبخاصة أن الرئيس أوباما ينوي نقل المعركة من العراق إلى أفغانستان، التي يعتبرها المصدر لـ«الإرهاب». لذا فهو بحاجة إلى دعم إيران والقوى المحسوبة عليها في أفغانستان من أجل كسب معركته مع طالبان.

كما أن رسالة أوباما تأتي وإيران مقبلة على انتخابات جديدة، ما يعني أنها موجهة إلى الداخل الإيراني لحثه على اختيار قيادات قادرة على أن تمد يدها إلى هذه الدعوة، وهذا يمكن أن يحدث إذا وصل إلى الرئاسة أحد الإصلاحيين كالمرشح الإصلاحي «مير حسين موسوي» رئيس الوزراء السابق، والذي يمكن أن يكمل الدور الذي لعبه الرئيس الإيراني الإصلاحي محمد خاتمي، وفي هذه الحالة يمكن أن نشهد تطورا في العلاقات الإيرانية الأميركية، وبخاصة إذا تم الاتفاق على تسوية المشكلة المتعلقة بالمشروع النووي الإيراني، والذي بدأ موقف الغرب منه «يتزحزح»، وقد ألمح «غوردن براون» رئيس الوزراء البريطاني منذ أيام إلى ذلك حين أشار إلى أن «من حق إيران الحصول على الطاقة النووية السلمية»، فإذا تمت تسوية هذا الملف فإن الطريق ستكون ممهدة أمام العلاقة بين البلدين، وهذا ما تسعى إليه إيران، أي الحصول على اعتراف أميركي ببرنامجها النووي، لكن أحدا في إيران لن «يجازف» بمد اليد تجاه أميركا خلال المرحلة القادمة، إذ تعوَّد الإيرانيون على أن تكون أميركا هي الحاضر الغائب في كل انتخاباتهم، حيث تتلقى «لعناتهم» وهتافاتهم بموتها، ولذا فإن الزعيم الإيراني ربط العلاقة بأميركا بالتطورات التي يمكن أن تحدث وبالتغيير الذي ستلمسه إيران من الرئيس الأميركي أوباما، وكأنه بذلك يقطع الطريق على أي محاولة لإرسال رسالة سريعة على دعوة أوباما وذلك لحسابات داخلية.. فالقرار الإيراني ليس واحدا، فهناك تعدد في مصادر القرار، كما أن الاستعجال في الرد قد يؤدي إلى انشقاق داخل المؤسسة الإيرانية، وخوفا من تجيير هذا القرار لمصلحة تيار دون آخر، ولذا حرض الزعيم الإيراني بصفته المرجع الأعلى على إرسال رسالة للداخل بعدم الاستعجال في الاجابة على دعوة «أوباما»، مطالبا إياه بخطوات عملية كرفع الحصار عن إيران لتأكيد حسن نيته، ما يعني أن الرد الإيراني سيتأخر حتى 11 يونيو القادم، حيث سينجلي غبار المعركة الانتخابية ليتم تحديد الموقف من هذه الدعوة، التي إما أن تؤسس لمرحلة جديدة أو تبقي على العلاقة بحالتها القائمة.. لكن تبقى إسرائيل هي العقبة الرئيسية أمام هذه العلاقة، فالولايات المحدة الأميركية لن «تفرط» في علاقتها بإسرائيل أو تتخلى عن طمأناتها بحماية أمن إسرائيل ووجودها أمام التهديدات الإيرانية بـ«زوال» إسرائيل، وهي التهديدات التي اعتاد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إطلاقها بين حين وآخر، ولذا فمجيء رئيس إصلاحي سيوقف هذه التصريحات، وربما استطاع أن يغير الموقف بما يخدم مصالح بلاده بأميركا، ولعل أوباما اراد كذلك استخدام الورقة الإيرانية للتلويح بها أمام الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة «نتنياهو» التي ستقود إسرائيل في المرحلة القادمة لتقديم مزيد من التنازلات لما يسمى بعملية السلام، أو على الأقل التخفيف من مواقفها المتطرفة.

ولعل الغائب في هذه الرسالة هم أصدقاء أميركا من العرب، إذ لم يشر أوباما في خطابه إلى ما يطمئنهم إلى أن هذه الموقف لن يكون على حساب العلاقات الوثيقة معهم، مما يتطلب النظر في السياسات العربية تجاه هذه المستجدات في العلاقة بين إيران وأميركا حتى لا تكون على حساب مصالحهم.

ـــــــــ

*كاتب من الإمارات

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ