-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
فقـه
التغيير ـ12 ومن
مظاهر الأنانية ( الطائفية ) د.
خالد الأحمـد تعريف
الطائفية : جاء
في المعجم الوسيط : الطائفة :
الجماعة والفرقة ، وفي التنـزيل
{ وإن طائفتان من المؤمنين
اقتتلوا فأصلحوا بينهما } .
والطائفة : جماعة من الناس
يجمعهم مذهب أو رأي يمتازون بـه
. والطائفة : الجزء والقطعة .
والطائفي : نسبة إلى الطائف (
مدينة في الحجاز ) أو نسبة إلى
الطائفة ، والطائفية : التعصب
لطائفة معينة ( محدثـة ) ... هكذا
يقول المعجم الوسيط أن لفظ (
الطائفية ) بمعنى التعصب لطائفة
معينة محدث وليس قديماً في
اللغة العربية ... وكان في
الجاهلية التعصب للقبيلة كما هو
معلوم ، وكان أكثر قبحاً من
الطائفية المحدثة ... وعندما
نقف عند قوله : الطائفــة : الجزء
أو القطعة ، نفهم منها أن
الطائفة ليست الكل ، والكل
لايسمى طائفة في نظري ، لأن الكل
ليس جزءاً وليس قطعة ... وصار
معنى الطائفية : هي التعصب
لطائفة معينة ( لجزء معين من
الكل ) ، ومعنى التعصب هو محاباة
هذا الجزء على حساب الكل ، ومن
هنا يكمن خطرها ، فلوكانت
الطائفية تعصباً للكل لاتسمى
عندئذ طائفية ، وقد يكون التعصب
للكل محموداً في بعض الأحيان ،
كما في نشوء الانتماء الوطني أو
القومي ، والاعتزاز الوطني
والقومي ، ولانلمس فيه خطراً
لأنه تعصب للكل وليس للجزء . ويرى
بعض علماء السياسة أن لب مفهوم
الطائفية ، وهو وجود جماعة تؤمن
بما تعتقد أنه مثاليات تميزها
وتفصلها عن الاتجاهات السائدة
وقدرة هذه الجماعة على أن تعبر
عن مصالحها وآمالها وتطلعاتها
تعبيراً منظماً ، يوجد أيضاً في
المجال السياسي أفضل تعبير عنه
هو الأحزاب السياسية التي تطرح
برامج ذات طابع خيالي الطائفية
إذن هي التعصب لمذهب أو دين معين
وإعطاؤه ميزات على الطوائف
الأخرى في الدنيا في الوطن
الواحد ... كأن يحتكر الجيش
لأبناء طائفة معينة أو مذهب
معين ، ومن ثم تكون مفاصل الحكم
كلها أو معظمها بيد هذه الطائفة
... أقول في
الدنيا ، أما أن تعتقد مجموعة من
المواطنين أن دينهم هو الصحيح ،
وأنهم هم الفائزون بالجنة في
الآخرة ، دون أن يترتب على هذا
الاعتقاد أي تميز في الدنيا أو
احتكار للسلطة أو أي قطاع من
قطاعات الحياة الاجتماعية فهذا
ليس طائفية ولا أنانية .... الإسلام
ينبذ الطائفية : قال
تعالى في كتابه الحكيم : { لا
إكـراه في الديـن ... } ـ البقرة 256
ـ ويقول سيد قطب يرحمه الله في
تفسير هذه الآيـة
في الظلال ( 1/ 291) :
( إن حريـة الاعتقاد هي أول
حقوق الانسان التي يثبت له بها
وصف إنسـان ، فالذي يسلب
إنساناً حرية الاعتقاد ، إنما
يسلبه إنسانيته ابتداء ، ..... ) ، (
... والإسلام وهو أرقى تصور
للوجود والحياة ، ينادي بأن لا
إكراه في الدين ، وهو الذي يـبين
لأصحابه قبل سواهم أنـه لايجوز
لهم إكراه الناس على هذا الدين
... ) . ( وفي هذا المبدأ يتجلى
تكريم الله للإنسان ، واحترام
إرادتـه وفكـره ومشاعره ، وترك
أمـره لنفسـه فيما يختص بالهدى
والضلال في الاعتقاد ، وتحميله
تبعـة عملـه وحساب نفسـه ، وهذه
هي أخص خصائص التحرر الإنساني ...
) . ويقول
الشيخ سعيد حوى يرحمه الله في
الأساس (1/ 600) :
( لاتكرهوا أحداً على الدخول
في دين الإسلام . فإنـه بين واضح
، جليـة دلائلـه وبراهينه ،
لايحتاج إلى أن يكره أحد على
الدخول فيه ، بل من هداه الله
للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته
دخل فيه على بينـة ....) .
ويقول
سبحانه وتعالى :
{ ولو شاء ربك لآمن من
في الأرض كلهم جميعاً ،
أفأنت تكره الناس حتى يكونوا
مؤمنين }
ـ يونس 99 ـ ويقول
سيد قطب يرحمه الله في الظلال ( 3
/ 1821) : ( ولو شاء ربك لخلق هذا
الجنس البشري خلقة أخرى ، فجعله
لا يعرف إلا طريقاً واحداً ، هو
طريق الإيمان كالملائكة مثلاً ،
..... ولكن حكمة الخالق ... اقتضت
خلقة هذا الكائن البشري
باستعداد للخير وللشر وللهدى
والضلال ، ومنحته القدرة على
اختيار هذا الطريق أو ذاك ....
فالإيمان إذن متروك
للاختيار ، لايكره الرسول
عليه أحداً ، لأنه لامجال
للإكراه في مشاعر القلب وتوجهات
الضمير ....) . ويقول
الشيخ سعيد حوى يرحمه الله في
الأساس ( 5/2512) : ( ولو شاء ربك يا
محمد لآمن من في الأرض كلهم
جميعاً فيما جئتهم بـه ، ولكن له
حكمة فيما يفعله ، ومن حكمته أنه
لم يشأ ، وترك المسألة لاختيار
الإنسان ... أي ليس ذلك عليك ، ولا
إليك ، فلا إكراه في الدين ... ) . وفي
القرآن الكريم قوله تعالى : {
لاينهاكم الله عن الذين لم
يقانتلوكم في الدين ولم يخرجوكم
من دياركم أن تبروهم وتقسطوا
إليهم ، إن الله يحب المقسطين } ـ
الممتحنة 8 ـ
ويقول سيد قطب يرحمه الله في
الظلال ( 6 /3545 ) :
( إن الإسلام دين سلام ،
وعقيدة حب ، ونظام يستهدف أن يظل
العالم كله بظله ، وأن يقيم فيه
منهجه ، وأن يجمع الناس تحت لواء
الله أخوة متعارفين متحابين .
وليس هناك من عائق يحول دون
اتجاهه هذا إلا عدوان أعدائه
عليه وعلى أهله ، فأما إذا
سالموهم فليس الإسلام براغب في
الخصومة ولا متطوع بها كذلك ... ) .
وفي
الصحيحين أن أسماء بنت أبي بكر
رضي الله عنها قالت : قدمت أمي
وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا
فأتيت النبي r فقلت : يارسول الله إن أمي قدمت
وهي راغبة أأصلها
؟ قال : نعم صلي أمك . ويقول
الشيخ سعيد حوى في الأساس (10 / 5849
) : ( فمواطنونا من غير المسلمين
إذا لم يدخلوا في صراع معنا أو
قتال ، وإذا لم يبذلوا جهداً من
أجل إخراجنا من بلادنا فهؤلاء
يجوز البـر لهم ، والعدل فيهم ،
... وفي التاريخ الإسلامي نجـد أن
كثيراً من أطباء الخلفاء
العباسيين وفي الأندلس كانوا من
اليهود ، ونجد وزراء من اليهود
في هذه
الدول المسلمة . وفي
الســيرة النبوية : وصل
المهاجرون إلى المدينة ، وقامت
الدولة المسلمة الأولى وفيها
ثلاث قبائل من يهود هم بنو
قينقاع ، وبنو النضير ، وبنو
قريظة . فعاهد الرسول r يهود المدينة ، وكتب لهم صحيفة المدينة ،
وهي أول ماكتب من العهود في
الدولة المسلمة ، وحددت هذه
الصحيفة ما لليهود وماعليهم ،
مالهم من حقوق وهي حماية دينهم ،
ودمائهم ، وأعراضهم ، وأموالهم
، وعليهم الدفاع عن المدينة ضد
العدو الخارجي ، وعليهم عدم
التحالف مع أعداء المسلمين ،
وعدم الاعتداء على المسلمين ،
...... وعاش اليهود في المدينة ،
ولما نقضت قبيلة قينقاع العهد
أخرجها المسلمون وحدها ولم
يتعرضوا لبني النضير أو بني
قريظة بسـوء ، ولما نقض بنو
النضير العهد أخرجهم المسلمون
وحدهم ولم يتعرضوا لبني قريظة
بسـوء ، ولما خان بنو قريظة
العهد في أضيق الأوقات وأصعبها
على المسلمين ، طبقوا فيهم حكم
الله عزوجل . وبقي في
المدينة أفراد من اليهود
مسالمين موادعين للمسلمين ، أي
أخرج المسلمون اليهود الذين
قاتلوا المسلمين ، أو ظاهروا
عدوهم عليهم ، أما الذين لم
يقاتلوا المسلمين ولم يظاهروا
عليهم فتركوهم في المدينة ،
والأدلـة : 1 ـ توفي
رسول الله r ودرعـه مرهونة عند يهودي . 2
ـ جاء في مناقب عمر لابن الجوزي :
كان أمير المؤمنين عمر
بن الخطاب رضي الله عنه
يتفقد أحوال الرعيـة في المدينة
فرأى شيخاً طاعناً في السـن
يتسول ، فسأله عمر : ـ ماالذي
ألجأك إلى التسول ؟ أجاب : السـن
والجزيـة . فقال عمر : من أي أهل
الكتاب أنت ؟ ( وهذا يدل على وجود
نصارى أيضاً في المدينة ) . قال :
من يهود . فأخذ أمير المؤمنين
الكيس منه وحمل الكيس على كتفه ،
واصطحبه إلى خازن بيت المال
فقال له : انظر هذا وأمثاله ضع
عنهم الجزية ، وعين لهم راتباً
في بيت المال ، والله ما أنصفناه
أكلنا شبابه وتخلينا عنه في
شيبته . 3ـ وجاء
في العقد الفريد : فقد أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب درعاً
له بعد موقعة الجمل ، ورآها عند
يهودي من أهل المدينة ، فرفع
القضية إلى القاضي شريح ، الذي
أحضر اليهودي وأجلسه جوار خصمه (
أمير المؤمنين ) ، وطلب من علي
شهوداً فقال : لا أحد يعرفها سوى
ولديّ الحسن والحسين ( سبطي رسول
الله r ) فقال شريح : ولكن لاتصح شهادة
الولد لأبيـه ، هل عندك غيرهما ؟
قال علي : لا . قال شريح : إذن
الدرع لليهودي . وخرجا
من عند القاضي ، اليهودي ينتصر
على أمير المؤمنين في القضاء
الإسلامي ، وتتحرك بقايا الفطرة
عند اليهودي ويقول : أشهد أن لا
إله إلا الله وأن محمداً رسول
الله ، والله هذه أخلاق أنبياء ،
إنها درعك سقطت من جملك الأورق
يوم الجمل وقد خرجت أتعقب الجيش
لمثل ذلك . فيقول علي : أما وقد
أسلمت فهي لك . هذا غيض
من فيض ... يؤكد أن الإسلام ينبذ
الطائفية ، وأن المسلمين غير
طائفيين ، وقد عاشوا مع غيرهم من
أصحاب الديانات والمذاهب
الأخرى بسلام ... ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |