-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
السلام
بالإكراه.. وبطلان كامب ديفيد بقلم
محمد سيف الدولة لماذا
كل هذا الخوف من أمريكا
وإسرائيل؟ كان هذا
هو السؤال الأكثر ترددا بين
الناس في مصر أثناء العدوان
الأخير على غزة، يتداولونه فيما
بينهم وسط خليط من مشاعر
الدهشة، وعدم الفهم، والغضب من
موقف الإدارة المصرية. وانتهى
العدوان، ولكن ظل السؤال قائما،
وهو سؤال عمره أكثر من ثلاثة
عقود كاملة، منذ توقيع اتفاقيات
كامب ديفيد والتي تحلّ ذكراها
الثلاثون هذا الشهر. والإجابة
الصحيحة والقاسية في نفس الوقت
على هذا السؤال هي: نعم إن
مصر الرسمية مكرهة على كل ما
تفعله منذ حرب 1973، فلقد قبلت وقف
إطلاق النار تحت الإكراه، ووقعت
اتفاقيات السلام تحت الإكراه،
والتزمت بها، ولا زالت، تحت
الإكراه، وأن حياتنا جميعا منذ
ذلك الحين تجري وتدور تحت
الإكراه الأمريكي والصهيوني. والإكراه
يفسد الإرادة ويبطل التصرف. وعليه
فإن اتفاقيلات السلام المصرية
الإسرائييلية وكل ما ترتب عليها
باطلة بطلانا مطلقا طبقا
للمبادئ القانونية العامة
وطبقا لأحكام القانون الدولي. وفيما
يلى التفاصيل، نستهلها
بالتذكرة بما تناولناه عن كامب
ديفيد عبر العديد من المقالات: أهم
مساوئ كامب ديفيد سحبت
مصر من الصراع ضد العدوين
الصهيوني والأمريكي مما أطلق يد
إسرائيل لتعربد كما تشاء في
المنطقة. اعترفت
بإسرائيل وتنازلت لها عن فلسطين
1948 أضعفت
المقاومة الفلسطينية، وجعلتها
تقف منفردة وحيدة في مواجهة
الآلة العسكرية الصهيونية وضعت
سيناء رهينة دائمة في يد
إسرائيل، تستطيع أن تعيد
احتلالها في أي وقت تشاء أعادت
صياغة مصر عسكريا وطبقيا
واقتصاديا وسياسيا وثقافيا على
مقاس أمن إسرائيل وضعت
مصر ومن فيها تحت قيادة ورحمة
الولايات المتحدة الأمريكية أعطت
الضوء الأخضر لكل القوى
الطائفية في المنطقة للانفصال
عن الأمة، وتأسيس دويلات كردية
وشيعية وسنية ومارونية وقبطية
وزنجية على نموذج الدولة
اليهودية "إسرائيل" ضربت
وحدة الصف العربي التي تجلت في
أعلى صورها في حرب 1973 أسباب
البطلان تنص
اتفاقية فيينا لقانون
المعاهدات الصادرة في سنة 1969 في
المادة رقم 51: "ليس
لتعبير الدولة عن رضاها
الالتزام بمعاهدة والذي تم
التوصل إليه بإكراه ممثلها عن
طريق أعمال أو تهديدات موجهة
ضده أي أثر قانوني." كما تنص
في المادة رقم 52 من نفس
الاتفاقية على أن: "تعتبر
المعاهدة باطلة بطلانا مطلقا
إذا تم إبرامها نتيجة تهديد
باستعمال القوة أو استخدامها
بالمخالفة لمبادئ القانون
الدولي الواردة في ميثاق الأمم
المتحدة" خلاصة
المادتين السابقتين أن الإكراه
الواقع على الدولة أو على
ممثلها لتوقيع أي اتفاقية
يبطلها بطلانا مطلقا. وتنطبق
نصوص المادتين على حالة مصر في
الفترة من 1973 حتى 1979، وبالتحديد
في الوقائع التالية: وقائع
الإكراه أولا..
احتلال سيناء: الاحتلال
الصهيونى للأراضي المصرية عام
1967 وما بعدها هو استعمال للقوة
بالمخالفة لمبادئ القانون
الدولي الواردة في ميثاق الأمم
المتحدة وبالتحديد في الفقرة
الرابعة من مادتها الثانية التي
تنص على: يمتنع
أعضاء الهيئة جميعاً في
علاقاتهم الدولية عن التهديد
باستعمال القوة أو استخدامها ضد
سلامة الأراضي أو الاستقلال
السياسي لأية دولة أو على أي وجه
آخر لا يتفق ومقاصد "الأمم
المتحدة".. ثانيا..
سيناء رهينة: حالت
الولايات المتحدة دون أن يصدر
مجلس الأمن قرارا ينص على
الانسحاب الفوري من الأراضي
المحتلة عام 1967 بدون أي قيد أو
شرط، في سابقة هي الأولى من
نوعها في تاريخ الأمم المتحدة. وبدلا
من ذلك أصدروا القرار رقم 242
الذي تعامل مع سيناء وغيرها من
الأراضي المحتلة كرهينة لدى
إسرائيل، تعيدها إلى مصر بشرط
الاعتراف بها والسلام معها. ثالثا:
دعم أمريكا للعدو الصهيوني في
حرب 1973 قال
الرئيس أنور السادات في 16
أكتوبر 1973 "إن الولايات
المتحدة... أقامت جسرا بحريا
وجويا لتتدفق منه على إسرائيل
دبابات جديدة وطائرات جديدة
ومدافع جديدة، وصواريخ جديدة
وألكترونيات جديدة "… وقال فى
16 سبتمبر 1975 "إنه في ليلة 19 من
أكتوبر 1973 كان بقي لي عشرة أيام
أواجه أمريكا بذاتها". رابعا..
تهديد كيسنجر للسادات عن الثغرة:
اعترف
السادات في حديثه لمجلة الحوادث
اللبنانية عام 1975: أنه عندما
أخبر كيسنجر يوم 11 ديسمبر 1973
بأنه قادر على القضاء على
الثغرة، رد الأخير: "ولكن
لابد أن تعرف ما هو موقف أمريكا..
إذا أقدمت على هذه العملية
فستُضرب." وهو ما
دفع السادات، كما يدعي، إلى
التفاوض وقبوله إعادة 90 في
المائة من قواتنا التي عبرت إلى
مواقعها قبل العبور، وهو ما كان
له بالغ الأثر على النتيجة
النهائية لوضع القوات المصرية
طبقا للملحق الأمني في اتفاقية
السلام عام 1979 خامسا..
التهديدات العسكرية
الإسرائيلية قبل زيارة القدس
1977: ففي
خطابه أمام مجلس الشعب المصري
في 26 نوفمبر 1977 بعد عودته من
القدس جاء الاتي: "في
جلسة مع وزير الدفاع الإسرائيلي
عزرا وايزمان توجه إلى بسؤال:
لماذا كنت تريد أن تهجم علينا في
العشرة الأيام الماضية؟ قلت له
أبدا، بدأتم أنتم مناورة وعلى
طريقتنا بعد حرب أكتوبر
وبأسلوبنا أسلوب الدول
المتحضرة التي تعرف مسئولياتها
حينما بدأتم مناوراتكم بدأ
الجمسي مناورته أيضا بنفس
الحجم، قال إن تقارير المخابرات
كلها أمامى أهه (وعرضها) تقول
بأنكم كنتم ستضربوننا ضربة
مفاجئة وكان في شدة العصبية،
هذا هو الحاجز النفسي الذي
أتحدث عنه منذ عشرة أيام وهم في
شدة العصبية" سادسا..
تهديد كارتر للسادات: فى
كتابه "الاحتفاظ بالإيمان"
المنشور عام 1982، ذكر الرئيس
الأمريكي جيمى كارتر، أنه عندما
علم أن السادات قرر الانسحاب من
المفاوضات في كامب ديفيد
والعودة إلى القاهرة فإنه تصرف
ما يلي: "لسبب
ما، استبدلت بملابسي ملابس أكثر
رسمية..." "شرحت
له النتائج بالغة الخطورة التي
تترتب على إنهائه المفاوضات من
جانب واحد، وأن عمله سيضر
بالعلاقة بين مصر والولايات
المتحدة الأمريكية... وأن
مسئولية الفشل سيتحملها هو" "وكنت
جادا إلى أقصى حد وكان هو يعرف
ذلك. الواقع أننى لم أكن جادا في
أي يوم من حياتي أكثر من ذلك..."
انتهى
كلام كارتر. بعد هذا
اللقاء صرح السادات لأعوانه أنه:"
سيوقع على أي شيء سيقترحه
الرئيس الأمريكي كارتر دون أن
يقرأه". سابعا..
التهديد الأمريكي الصريح لمصر: في 25
مارس 1979 قبل يوم واحد من توقيع
الاتفاقية، تسلمت مصر رسالة من
الولايات المتحدة الأمريكية
تتضمن مذكرة تحمل عنوان "مذكرة
التفاهم الأمريكية الإسرائيلية"
جاء فيها: "1- حق
الولايات المتحدة في اتخاذ ما
تعتبره ملائما من إجراءات في
حالة حدوث انتهاك لمعاهدة
السلام أو تهديد بالانتهاك بما
في ذلك الإجراءات الدبلوماسية
والاقتصادية والعسكرية. 2- تقدم
الولايات المتحدة ما تراه لازما
من مساندة لما تقوم به إسرائيل
من أعمال لمواجهة مثل هذه
الانتهاكات خاصة إذا ما رُئي أن
الانتهاك يهدد أمن إسرائيل بما
في ذلك على سبيل المثال، تعرض
إسرائيل لحصار يمنعها من
استخدام الممرات المائية
الدولية وانتهاك بنود معاهدة
السلام بشأن الحد من القوات وشن
هجوم مسلح على إسرائيل. وفى هذه
الحالة فإن الولايات المتحدة
الأمريكية على استعداد للنظر
بعين الاعتبار وبصورة عاجلة في
اتخاذ إجراءات مثل تعزيز وجود
الولايات المتحدة في المنطقة
وتزويد إسرائيل بالشحنات
العاجلة وممارسة حقوقها
البحرية لوضع حد للانتهاك. 3- سوف
تعمل الولايات المتحدة بتصريح
ومصادقة الكونجرس على النظر
بعين الرعاية لطلبات المساعدة
العسكرية والاقتصادية لإسرائيل
وتسعى لتلبيتها." ثامنا..
التهديدات الأمريكية الصهيونية
بشأن الأنفاق والحدود مع غزة: وهو ما
نراه ونعيشه يوميا من تهديدات
من أعضاء في الكونجرس والإدارة
الأمريكييين بقطع المساعدات عن
مصر، بالإضافة إلى حملات
التفتيش الدورية على الحدود
المصرية، من قبل لجان من
المهندسين الأمريكيين وموظفين
بالسفارة الأمريكية ورجال
الكونجرس. تاسعا..
التصريحات الرسمية المصرية: منذ
اليوم التالي لتوقف إطلاق النار
في 22 أكتوبر 1973 وحتى يومنا هذا
في مارس 2009، والإدارة المصرية
ورجالها وإعلامها يؤكدون
بمناسبة وبدون مناسبة على أن
إلغاء كامب ديفيد يعني الحرب.
وكان آخرها تصريحاتهم تلك التي
صدرت أثناء العدوان الأخير. الخلاصة
إن
العدو الصهيوني بدعم من
الولايات المتحدة الأمريكية،
قد قام باحتلال سيناء في عام 1967
مع أراضي أخرى، ومنعت أمريكا
مجلس الأمن من إصدار أي قرار ينص
على الانسحاب دون قيد أو شرط،
وربطت الانسحاب بالاعتراف
بإسرائيل وتوقيع اتفاقية سلام
معها. فلما رفضنا ذلك وقررنا
تحرير الأرض بالقوة، وقفت
أمريكا دون ذلك وسرقت منا النصر
العسكري بدعمها لقوات العدو،
وتهديد رئيس الجمهورية حتى وقع
المعاهدة، ولم تكتفِ بذلك،
فاستمرت في تهديداتها لنا على
امتداد أكثر من ثلاثين عاما.
الأمر الذي يؤدي إلى بطلان كل
هذه الاتفاقيات بطلانا مطلقا
بموجب أحكام القانون الدولي،
ويجردها من أي مشروعية. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |