-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
نشكر الأستاذ صبحي غندور
على هذا المقال ونؤكد أننا لو
أردنا أن نبني الفرد العربي
والجيش العربي على أساس الرؤية
الأمريكية لاتهمنا بالإرهاب!! ..
زهير سالم أمثولة
التجربة التاريخية الأميركية لِمَ
لا تدعو إدارة الرئيس أوباما
العالم كلّه للأخذ بخلاصات
التجربة الأميركية في
مجالات المقاومة والتحرّر،
البناء الدستوري والتكامل
الاتحادي، ورفض الحالات
الانفصالية؟! صبحي
غندور* هناك خلاصات هامّة من تاريخ التجربة
الأميركية. فاستقلال أميركا عن
التاج البريطاني في العام 1776
كان حصيلة مقاومةٍ أميركية
مسلّحة قادها جورج واشنطن
وعُرفت باسم "الثورة
الأميركية". كذلك، في التجربة
الأميركية أنَّ أبراهام لنكولن
قاد الجيش الاتحادي الشمالي
ضدَّ انفصال الجنوب الأميركي في
العام 1861، ولم يكن موقف واشنطن
آنذاك قائماً على حقّ "الجنوب
الأميركي" بتقرير مصيره! أيضاً في التجربة الأميركية، أنَّ قادة 13
ولاية اجتمعوا في فيلادلفيا عام
1787 لأشهر عديدة وهم يتحاورون
حول كيفية تحقيق الاتحاد
والتكامل بين هذه الولايات،
عوضاً عن الشرذمة فيما بينها
والصراعات التي عصفت بها عقب
الاستقلال الأميركي. وبرزت
أسماء جيفرسون وماديسون
وغيرهما كآباء للدستور
الأميركي الذي استطاع أن يؤسس
لبناء الدولة العظمى الآن في
العالم. إنَّ النظام الاتحادي الفيدرالي
الديمقراطي الذي حصل بين
الولايات الأميركية لم يأتِ عن
طريق تجزئة وتقسيم كل ولاية
ثمَّ إعادة جمعها كقطع مبعثرة
في لوحةٍ فيدراليةٍ واحدة، كما
جرت السياسة الأميركية خلال
إدارة بوش في كلٍّ من العراق
والسودان.. فلِمَ ساهمت واشنطن
بتعطيل المحاولات المتكرّرة
لتطوير صيغ التكامل العربي، بل
حتى بالحدّ الأدنى التضامن
العربي، وشجّعت على تجزئة
الكيانات القائمة عوضاً عن
الاتحاد فيما بينها؟ إنَّ العرب يريدون لأوطانهم ولأمَّتهم
العربية ما أراده الأميركيون
لولاياتهم التأسيسية التي شكلت
نواة الأمَّة الأميركية: • مقاومة ضدَّ
الاحتلال الإسرائيلي وكافة
أنواع الهيمنة الأجنبية من أجل
التحرّر الوطني والقومي
الشامل، كما فعل الأميركيون ضدّ
هيمنة التاج البريطاني. • حقّ اختيار
البناء الدستوري السليم
المتلائم مع طبيعة الأمَّة
العربية وحضارتها، والذي يكفل
أيضاً حرّيات المواطنين
وحقوقهم في المشاركة بصنع
القرار الوطني دون أيِّ تمييز. • تكامل بين
أوطان الأمَّة الواحدة وتطوير
صيغ العمل العربي المشترك
وصولاً إلى النموذج الاتحادي
الأوروبي، إن تعذَر الوصول في
المستقبل القريب إلى النموذج
الفيدرالي الأميركي بين
الولايات الخمسين المؤلفة الآن
للولايات المتحدة الأميركية. • حقّ رفض أيّة
دعواتٍ انفصالية أو تقسيمية في
كلِّ بلدٍ عربي، وتثبيت وحدة
الكيانات ووحدة الأوطان ووحدة
المواطنين. هذه خلاصات من التجربة الأميركية في
مجالات المقاومة والتحرّر،
والبناء الدستوري والتكامل
الاتحادي، ورفض الحالات
الانفصالية، فلِمَ لا تدعو
إدارة الرئيس أوباما العالم
كلّه للأخذ بهذه الخلاصات؟ ولِمَ لا تجعل واشنطن من تجربتها نموذجاً
تتمثل به كل شعوب العالم، فتكون
أميركا فعلاً بمثابة (الحلم
الأميركي) وليس كما كان حال
سياستها في ظلّ الإدارة
السابقة، التي جعلت العالم كلّه
يحذر من "الكابوس
الأميركي"!. لعلّ الإجابة تكون عند البعض، أنّ أميركا
تخشى من أنَّ تعميم نموذجها
يعني تعميم بناء الدول الكبرى
وولادة منافسين دوليين لها، لكن
هل حالت القنابل الأميركية
النووية في اليابان من ولادة
المنافس الاقتصادي الياباني؟
وهل منع وجود قواتٍ أميركية في
معظم دول أوروبا الغربية هذه
الدول من الاتجاه نحو التكامل
والاتحاد؟ وهل أنهى تقسيم
ألمانيا واحتلالها عناصر القوة
وروح الاستقلال وإرادة الوحدة
في الأمَّة الألمانية؟ هذه أمثلة لأميركا علّها تتعظ بها، وهي
أيضاً نماذج للمنطقة العربية كي
تتمثّل بها إنْ وجدت نفسها الآن
غير قادرةٍ على تطبيق كل
الخلاصات الإيجابية للتجربة
الأميركية. ولعلّ الأمّة العربية بحاجة أيضاً إلى
التعامل مع قضية
"العلمانية" برؤية مختلفة
لما ساد في العقود الماضية من
انقسام حادّ حولها بين مؤيّد
ومعارض. فمصطلح
"العلمانية" يخضع للكثير
من الذمِّ والمدح دون اتفاقٍ
أولاً على مفهوم المصطلح نفسه،
أو على التمييز المطلوب بين
التجارب العلمانية في العالم.
فالمسلمون في أميركا – كما
غيرهم من أتباع الديانات
الأخرى- يمارسون كامل حقوقهم
الدينية في ظلِّ مجتمع قائم على
النظام السياسي العلماني. لكن
علمانية الدستور الأميركي
اختلفت مثلاً عن علمانية
التجربة الفرنسية من حيث
النشأة، كما من حيث التطبيق
أيضاً. ففرنسا اختارت العلمانية
تاريخياً من أجل وضع حدٍّ
لتدخّل الكنيسة في شؤون الدولة،
بينما الآباء الدستوريون في
أميركا، وفي مقدّمتهم توماس
جيفرسون، اختاروا النظام
العلماني لضمان حرّية تعدّد
الطوائف الدينية (المسيحية
آنذاك) ولعدم طغيان طائفة على
أخرى. فأميركا لم تشهد تاريخياً
الصراع الذي جرى في أوروبا بين
رجال الكنيسة وبين رجال وأمراء
الدول، ولذلك اختلف المفهوم
واختلف التطبيق رغم وحدة
التسميات. وهذا ينطبق أيضاً على
الفارق بين التجارب العلمانية
الشيوعية وغيرها من الأنظمة
العلمانية الديمقراطية، حيث
سعت العلمانية الشيوعية لفصل
الدين عن المجتمع كلّه، لا لفصل
الدين عن الدولة فقط كمفهوم عام
لمصطلح العلمانية. إنَّ "العلمانية الأميركية" لا تفصل
الدين عن الدولة كلياً كما هو
الحال مثلاً في فرنسا وتجارب
أوروبية أخرى، ولا يجد الرئيس
الأميركي (أي رئيس) حرجاً في
الذهاب أسبوعياً للكنيسة من أجل
الصلاة، بينما لا يُتصوّر قبول
ذلك في تجارب علمانية أوروبية. فالعلمانية الأميركية تشجّع على الإيمان
الديني ولا تحاربه، وتقوم
المؤسسات الحكومية بدعم
المراكز والمؤسسات الدينية
(وبعضها إسلامي) وتتمّ الصلاة في
مؤسسات حكومية وتشريعية بشكلٍ
مشابه تماماً لما يحصل في كثير
من البلدان العربية والإسلامية.
وحقوق الناس في ممارسة شعائرهم
الدينية (بما في ذلك مسائل الشكل
واللباس) هي مصونة بحكم القانون.
وهذا أمر لا توفّره مثلاً
التجربة العلمانية الفرنسية أو
التركية. فالعلمانية، في التجربة الأميركية، هي
لضمان حقوق كل الطوائف والأديان
ولمنع هيمنة إحداها على الأخرى،
بينما يتمّ استخدام العلمانية
في تجارب عالمية أخرى للحدِّ من
دور الدين في المجتمع. *** إنّ معالجة مشاكل العنف باسم الدين ليس
حلّها بالابتعاد عن الدين
بدلالة ظهور حركات العنف في
أميركا وأوروبا على أساس ديني
رغم وجود الأنظمة العلمانية. إنّ المجتمع العربي بحاجة فعلاً إلى
الاستفادة من التجربة
"العلمانية الأميركية"
وإلى طرح "العقلانية
الدينية" في المجال الفكري
والثقافي، والانطلاق من العقل
لفهم النصوص، واعتماد المرجعية
الشعبية في الوصول للحكم وفي
أعمال المؤسسات التشريعية
المنتخبة، وأيضاً بإلغاء
الطائفية السياسية في بعض أنظمة
الحكم (كالحالة اللبنانية
مثلاً)، أي عدم اشتراط التبعية
لدين أو مذهب أو عرق في أيّ موقع
من مواقع الحكم ووظائف الدولة،
مع اعتماد النهج الديمقراطي في
مؤسسات الحكم وفي الوصول إليها،
وبتحقيق المساواة الكاملة بين
المواطنين (بما في ذلك المساواة
بين المرأة والرجل) في الحقوق
والواجبات. إن الدول العربية "تستورد" من أميركا
الكثير إلاَ حصيلة تجربتها
الدستورية والتكاملية، وهي ما
تحتاجه الأمة العربية فعلاً. إنّ العرب هم الآن أمَّة منقسمة على
نفسها، محكومة بأوضاع دستورية
واقتصادية وسياسية بحاجة كلّها
لإعادة النظر بها وفق رؤى فكرية
تستند إلى الهويَّة الحضارية
لهذه الأمَّة، وإلى الانتماء
الثقافي العربي المشترك، وإلى
مضامين الحرّية والعدالة
والبناء الدستوري السليم
القائم على المساواة بين
المواطنين، وهذه مضامين موجودة
أصلاً في تجارب إنسانية عديدة
وهي في تراثنا الفكري الحضاري
الذي غاب عن التطبيق منذ قرون
عديدة. ــــــــــ * مدير "مركز الحوار
العربي" في واشنطن ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |