-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
السفسطة:
بين الإعلام والسياسة! عبدالله
القحطاني *
السفسطة، كما تعرّفها كتب
اللغة، منقولةً عن اليونانية،
هي: قياسٌ مركّب من الوهميّات،
والغرض منه: إفحام الخصم
وإسكاته. يقال: سفسَط: غالَط،
وأتى بحكمة مضلّلة! والمعنى،
ببساطة، هو: أن السفسطة نوع من
خداع العقول، وتضليلها،
بالكلام.. كما يَخدع المشعوذ
العقول، ويضلّلها، بالشعوذات
التي توهم الأبصار، وتدفعها إلى
تصديق ما تراه أمامها، من
مَخرقات وحيل، وخدع بصرية.. هي
عمليات تزييف محض، للحقائق
الحسّية البدَهية، المعروفة
لدى البشر! *
السفسطة في الإعلام: الإعلام،
بمعناه العامّ الواسع، قد يشمل
أنواعاً من الخداع، والتضليل،
والتوريط، والاستدراج،
والإغراء، والتخويف.. ونحو ذلك،
ممّا ينصبّ في حواسّ البشر، من
معلومات متنوّعة، عبر
الإعلانات والدعايات:
التجارية، والسياسية،
والاقتصادية، والاجتماعية،
والثقافية.. ونحوها، ممّا تضخّه
وسائل الإعلام، المرئية
والمسموعة والمقروءة.. صباحَ
مساءَ، في عقول البشر، عبر
حواسّهم! وبناء
عليه؛ قد يمارس بعض المحترفين
في التضليل، الإعلامي السياسي،
وغيره.. أنواعاً من الخداع،
اللفظي والبصري، لتحقيق مكاسب
سريعة، لا يبالي، بعدها،
المحترفون، بما يحصل لهم، من
فساد السمعة، بعد اكتشاف
خداعهم! ولا لغيرهم، من أذىً
محتمل، تسبّبه لهم السلعة
المسوّقة؛ سواء أكانت سياسية،
أم ثقافية، أم تجارية! ومصائب
البشر، المنصبّة عليهم، اليوم،
صباحَ مساء.. من صحّية، ومالية،
وسياسية.. عبر الإعلام الفاسد،
والدعاية المضلّلة الفاسدة..
هذه المصائب، لا تحتاج إلى شرح
وتفصيل، وضرب أمثلة! فليس ثمّة
عاقل واحد، لا يرى أنواعاً
منها، كل ساعة، في حياته
اليومية الخاصّة، وفي الحياة
العامّة، في المجتمعات بأسرها! *
السفسطة في السياسة: السياسة،
في الحياة عامّة: حياةِ الأمم
والدول والشعوب.. هي أمّ
المسائل، كلها! فهي التي تقود
الحياة العامّة، وتهيمن عليها،
وتوجّه أنشطتها جميعاً، من
اقتصادية، وتربوية، وثقافية،
واجتماعية.. وفي مجالات الحرب
والسلم، وفي غيرها من أمور
الحياة الإنسانية! وهي تتأثّر،
بالطيع، بغيرها، من حقائق
الحياة، ومقتضيات الواقع!
لكنها، هي، صاحبة التأثير
الأقوى؛ لأنها، هي التي تقود
الواقع، وتسعى إلى تغيير
معطياته ومقتضياته، بما يناسب
صنّاع السياسة، وينسجم مع
رؤاهم، وتصوّراتهم للأمور،
الداخلية والخارجية! بناء
على هذا؛ فالسياسة بناء أساسي،
عامّ، يهيمن على أنواع شتّى من
البناء: الاقتصادي،
والاجتماعي، والتربوي، ونحوها!
وأيّ خلل في هذا البناء الأساسي
العامّ، يحدِث خللاً في حياة
الدولة والمجتمع ؛ سواء أكان
هذا الخلل، منصباً على نوع واحد
من أنواع البناء، أم على أبنية
عدّة! فقد يصيب الجانبَ
الاقتصادي، مباشرة، فيكون
تأثيره في الجوانب الأخرى،
الاجتماعي والتربوي والثقافي..
حاصلاً بالتبعية! وكذلك، لو
انصبّ الخلل، مباشرة، على
الجانب التربوي، فإن الأنشطة
الأخرى، تتأثّر به، بالتبعية،
كلّ بحسَبِه! ومن
هنا، تأتي خطورة القرار
السياسي، والموقف السياسي،
والنشاط السياسي، على العلاقات
بين الناس، داخل الدولة
الواحدة.. وعلى العلاقات بين
الدول! واستناداً
إلى كل ما تقدّم؛ ينبغي أن تُبنى
السياساتُ: قراراتٍ ومواقفَ،
وسلوكات وأنشطة.. على أسس راسخة
صلبة، مقنعة للناس، حائزة على
ثقتهم، داخلياً.. ومقنعة
للآخرين، في الدول الأخرى،
حائزة على ثقتهم خارجياً!
ليستطيع الناس، داخلياً
وخارجياً، التعامل فيما بينهم،
على أسس واضحة، بشكل عامّ.. حتّى
لو خفيت بعض الأهداف، لبعض
الساسة، في مراحل معيّنة! وحتّى
لو مارس بعض الساسة، أنواعاً من
التداهي، في ظروف معيّنة،
وحققوا أنواعاً معيّنة من
المكاسب! فهذا، كله، لا يغيّر من
حقيقة الأمر شيئاً! لأن
السياسة، لو قامت على السفسطة،
والحذلقة اللسانية،
والإنشائيات البلاغية،
المزيّفة لحقائق الواقع،
بتسويغات باهتة هشّة.. فإنها
ستكون عامل تدمير، لحياة الناس،
برمّتها! إذ، لا يستقرّ لهم
بنيان، على أيّ وجه، وفي أيّ
مجال! لأنهم لا يثقون بأيّة
فكرة، أو مشروع، أو قرار، أو
اقتراح، أو تصريح.. مادامت هذه،
كلها، معرّضة للنقض، في أيّة
لحظة! فينام الناس على قرار،
ويصحون على آخر مناقض
له..ويرتّبون أمور حياتهم على
منهج، ليجدوه قد نسِف، وحلّ
محلّه منهج آخر.. وهكذا! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |