-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الخيمة
في غزة .. صمود وعزة بقلم
: فارس عبد الله* الخيمة
في ذاكرة الشعب الفلسطيني , ترمز
إلى رحلة الشتات والتهجير
القسري عن القرى والمدن
الفلسطينية , بعد العدوان
الغاشم وإقامة الكيان الصهيوني
على أنقاض الوطن الذبيح
بمساعدة القوي الاستعمارية
العظمي , وبخذلان الأنظمة
العربية الرسمية واستمر الشعب
الفلسطيني في رحلته مع التشرد
واللجوء , وكانت الخيمة عنوان
للصمود وإشارة لتحدي القهر
ورفضاً للانكسار. الخيمة
سهلة في عملية الترحال والتنقل ,
وتعطي شعور بعدم الاستقرار وهذه
رسالة سياسية بامتياز , حاول
أجدادنا تأكيدها من خلال التمسك
بالخيمة وإعلان أن العودة قريبة
للديار والبيوت والحقول , وان
التوطين والركون لحالة الهجرة
الدائمة غير وارد , وليس بالخيار
للشعب الفلسطيني , فانتصبت
الخيام ورفرفت عليها أمنيات
العودة وانتشر عطر البلاد مع
نسائم الصبح , وكانت الخيمة على
حدود الوطن وبابها مشرعاً
للعودة . ومضت
الخيمة مرافقة للنضال
الفلسطيني , وشكلت علامة تراثية
في تاريخ الشعب الفلسطيني ,
وخرجت جيلاً فلسطينياً كاملاً
عاش وترعرع في الخيمة , وشرب
حليب الكرامة وتعلم حب الأوطان
بين جنباتها , لقد كانت الخيمة
بمثابة أكاديمية العمل المقاوم
ومركز التعبئة الجهادية , الجدة
والأم والوالد تضمهم الخيمة في
سهراتهم وجل الأحاديث عن الوطن ,
والصهيوني السارق والعودة
والمقاومة والفدائي , واستقبلت
الخيمة حياة جديدة للاجئ
الفلسطيني خرجت فيها الخيمة
أفوجا من المقاتلين , واستقبلت
الشهداء العائدين يحملون على
جباههم حبات الرمل من الوطن
المحتل , وزداد عطاء الخيمة بفعل
ساكنيها فالأجيال التي حازت على
أعلى الدرجات العلمية , هم أطفال
كبروا في الخيمة وأصبحوا رجالاً
في مواطن يعتز بها الوطن . لقد
قهرت الخيمة ببساطتها سياسات
المحتل الصهيوني , في تشتيت
المواطنين داخل وطنهم المحتل
لإرغامهم على الرحيل والهجرة ,
عبر سياسة هدم البيوت التي
مارسها العدو الصهيوني بذرائع
مختلفة , من المساهمة في العمل
المقاوم إلى عدم الحصول على
ترخيص من سلطات الاحتلال , فكانت
الأسرة الفلسطينية تنصب الخيمة
على أنقاض المنزل وتزرع الأوتاد
وتقول باقون هنا على أرضنا ,
سواء عشنا ببيت من حجارة أو تحت
غطاء خيمة كما واجه المواطنين
منع الصهاينة بناء المساجد
الجديدة , بإقامتها من الخيام
والصفيح وعسف النخيل في إرادة
بقاء وتشبث في الأوطان وقف
العدو أمامها عاجزاً. وتسجل
الجامعة الإسلامية والتي شيدت
برغم أنف المحتل الصهيوني , وفى
مواجهة سياسة التجهيل التي كانت
تعتمدها سلطات الاحتلال ,
وتحاول فرضها على الشعب
الفلسطيني تم تأسيس الجامعة
الإسلامية وكانت عبارة عن
مجموعة من الخيام , ودرس فيها
الطلاب وتخرج منها الكوادر
والعلماء , التي شاركت في مسيرة
البناء والمقاومة وبعد القصف
والتخريب الذي استهدف الجامعة ,
استحضرت التاريخ وعادت على موعد
مع الخيمة لتحطم عليها سياسة
المحتل الصهيوني وتقهره من جديد
. اليوم
وبعد العدوان الصهيوني الأخير
على غزة , دمر الاحتلال أكثر من
خمسة ألاف منزل وأكثر من 90 مسجد ,
والمئات من المؤسسات والجامعات
والمدارس والوزارات , يتجلي
الصمود بأعظم صورة الفلسطيني
, لا ينكسر كيف لا وهو صاحب ثقافة
تقوم على المقاومة وتحدي المحتل
, ومواجهة سياساته الإجرامية
وعدم الخنوع والخضوع لإجراءاته
الوحشية , فلقد صمد هذا الشعب في
مواجهة أفضع حصار في التاريخ ,
ووقعت عليه حرباً جبانة صبت
فيها النيران من البحر والجو
والأرض إلا أن شعبنا وقف شامخاً
يواجه مؤامرة الاعمار عبر شعار
باقون على الثوابت ولو قضينا
العمر في خيمة . تناولت
وكالات الصحافة الكثير من
المواقف , التي ليس لدينا أدني
شك أن يتأخر عنها شعبنا المقاوم
, شيخ طاعن في السن يخاطب
الصحافة لن نغادر أرضنا وسوف
نبني إلى جانب البيت المهدوم
خيمة ونعيش , وانتشرت الخيام من
جديد في مناطق شمال وشرق غزة
والتي أراد العدو الصهيوني من
خلال هدم البيوت , تهجير ساكنيها
لإقامة منطقة عازلة إلا أن
إصرار المواطنين على العيش في
الخيام على أنقاض البيوت أفشل
الهدف الصهيوني. وفى
مشهد أخر عدد من العرسان لم يقف
الخراب , الذي أحدثه العدو في
منازلهم عائق أمام إتمام مراسم
الزواج وكانت ليلة العمر في
خيمة , كما أن وزارة الداخلية
دشنت مقرها الجديد بجهود وطنية
ولم تحتاج للمال الأمريكي
والتمويل الغربي من أجل ذلك ,
ورأس المال في ذلك خيمة ويبقى
الوطن في منعة من تدخلات
الأجنبي. لسنا من
هواة الخيام وما يحدث في غزة ,
ليس نوعا من أنواع الترف حين
يحاول البعض تغيير روتين الحياة
, بممارسة بعض الطقوس الحياتية
على شاكلة التخييم في الصحراء
أو على شاطئ البحار , أن المواطن
في غزة يحتاج إلى كل عوامل
الحياة المدنية وان عملية
الحرمان الممنهجة , عبر الحصار
المشدد منافية لأبسط معايير
حقوق الإنسان , وبعد أن سقطت كل
مبررات الحصار فلم يعد سبيلا
إلا لرفع عن كاهل المواطن الذي
أعطي إشارات الصمود والاستمرار
في الحياة , ولو كانت في كنف خيمة
إذا كان الواجب الوطني
والمسؤولية اتجاه القضايا
المركزية يحتم ذلك , وأكد شعبنا
جاهزيته للتضحية والعطاء في كل
المراحل التاريخية , ووقف سداً
منيعاً في مواجهة المؤامرات
واستهداف القضية الفلسطينية. ــــــ *كاتب
وباحث فلسطيني ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |