-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مستقبل
إعادة إعمار غزة في عهد حكومة
نتنياهو صالح
النعامي لازال
عشرات الآلاف من الفلسطينيين
الذين دمر جيش الإحتلال بيوتهم
خلال الحرب الأخيرة على قطاع
غزة يعيشون بدون مأوى، في ظروف
مأساوية، على الرغم من مرور
أكثر من شهرين على انتهاء
الحرب، ولا يوجد للأغلبية
الساحقة منهم آمال في إعادة
بناء بيوتهم قريباً. وواضح
تماماً أنه على الرغم من أن هناك
إجماع على أن إنهاء الإنقسام
الفلسطيني الداخلي والتوصل
لإتفاق يعيد وحدة الضفة الغربية
وقطاع غزة يمثل متطلب ضروري
لتهيئة الظروف لإعادة الإعمار،
إلا أنه مما لا شك فيه أن
إسرائيل ستلعب دوراً مركزياً في
تحديد ظروف إعادة إعمار القطاع
كونها تتحكم في المعابر
الحدودية التي عبرها سيتم نقل
مواد اللازمة لإعادة إعمار ما
تم تدميره. وقد حددت إسرائيل
موقفها من عملية ما قام جيشها
بتدميره خلال حربها الإجرامية
على قطاع غزة من منطلق
إستراتيجي يقوم على أن سماح تل
أبيب بتنفيذ هذه العملية يتوقف
على عدم إضطلاع حماس وحكومتها
بدور فيها. وقد خرجت وزيرة
الخارجية الإسرائيلية تسيفي
ليفني في الرابع عشر من يناير
الماضي وفي الوقت الذي كانت
الطائرات الإسرائيلية تواصل
قصفها لمدن ومخيمات وقرى
القطاع، لتعلن في مؤتمر صحافي
أن إسرائيل لن تسمح بحال من
الأحوال بأن تشرف حركة حماس على
عملية " إعادة الإعمار ".
وأضافت بالحرف الواحد قائلة "
لن نسمح بأن تتحول عملية إعادة
الإعمار إلى مصدر قوة آخر لحركة
حماس ". والذي جعل إسرائيل
أكثر حساسية لدور حماس في عملية
" إعادة الإعمار " هو تجربة
حرب لبنان الثانية، حيث تجمع
دوائر التقدير الإستراتيجي في
تل أبيب على أن إسرائيل نجحت
بالفعل في ردع حزب الله،
والدليل على ذلك هو الهدوء
السائد في الجبهة الشمالية، لكن
هذه الحرب في المقابل عملت على
تعزيز مكانة حزب الله السياسية
بدلاً من إضعافه، وذلك لأن
الحزب أضطلع بدور كبير ومركزي
في عملية " إعادة الإعمار "
التي تلت الحرب، وهو ما مكنه من
احتكار تمثيل الشيعة في لبنان
عملياً، وتعزيز تحالفه مع
قطاعات من الموارنة، وشق الصف
الدرزي الذي يقوده وليد جنبلاط.
لذا فقد قدم قسم الأبحاث في شعبة
الإستخبارات العسكرية
الاسرائيلية المسؤولة عن بلورة
التقييم الإستراتيجي للدولة
العبرية تقريراً لصناع القرار
أكد على أن أحد معايير انجاز
الأهداف المرسومة لحرب "
الرصاص المصهور " التي شنت
على القطاع هو منع حركة حماس من
الإضطلاع بأي دور في عملية
إعادة الإعمار. وتربط إسرائيل
إعادة الإعمار بالتهدئة، ووقف
عمليات المقاومة، وإنهاء ملف
شليت، مع العلم أن مؤتمر شرم
الشيخ تبنى رسمياً هذا الشرط
الإسرائيلي حيث ربط بين إعادة
الإعمار والتوصل لتهدئة وإنهاء
الإنقسام. وتطالب إسرائيل بعدم
توظيف أموال إعادة الإعمار في
إعادة بناء ما تعتبره "
المؤسسات والأنشظة الإرهابية
"، مع العلم أن هذا مصطلح
فضفاض، وقد يعني رفض إسرائيل
السماح بدخول بعض المواد بزعم
أنها تدخل في صناعة الصواريخ،
أو إصدار فيتو إسرائيلي على
إعادة إعمار بعض المؤسسات بزعم
أنها تستخدم لأنشظة " إرهابية
"، ورفض السماح بإعادة بناء
منازل المقاومين دمرت خلال
الحرب. ولا تختلف حكومة اليمين
المتطرف بزعامة نتنياهو عن
حكومة اولمرت في نظرتها لحماس،
بل أنها ضمنت البرنامج السياسي
لها بنداً ينص على الإلتزام
بإسقاط حكم الحركة. ومع ذلك
فإن هناك عدة عوامل ستقلص قدرة
حكومة نتنياهو على إعاقة عملية
إعادة الإعمار، وقد تكون حكومة
نتنياهو أكثر استعداداً
للتجاوب مع متطلبات اعادة
الإعمار أكثر من حكومة برئاسة
حزب كاديما. فبرنامج نتنياهو
السياسي يركز على " السلام
الإقتصادي "،
الذي يعني عملياً أن تصبح
غاية الإتصالات مع السلطة
الفلسطينية تحسين ظروف
الفلسطينيين المعيشية بدلاً من
الإنسحاب من أي جزء من الضفة
الغربية، حيث لا تسمح تركيبة
حكومة نتنياهو له بأي هامش
مناورة، بالحديث عن تسوية تقوم
على مبدأ الإنسحاب، حتى ولو على
الصعيد الدعائي، وهذا ما سيضطر
نتنياهو لإبداء مرونة في مجال
إعادة الإعمار. من ناحية ثانية
ثبت تاريخياً أن حكومات اليمين
تؤمن دوماً بفكرة البدائل
الاقتصادية كحلول للصراع. من
ناحية ثانية، فإنه على الرغم من
مسارعة الدول الأوروبية
للتأكيد أنها ستتعامل مع
الحكومة الإسرائيلية الجديدة
برئاسة نتنياهو، فأن هذه
الحكومة ستباشر العمل وهي تعاني
من أزمة شرعية دولية، حيث يدرك
نتنياهو أن الدول المؤثرة في
العالم تعي الطابع المتطرف جداً
لحكومته وأن هذه الدول قلقة
بالفعل من سياسات هذه الحكومة،
وبالتالي فإن نتنياهو متيقن أن
هذه الدول لا تخفي القلق من هذه
الحكومة، وبالتالي يمكن
الإفتراض أن يدفع هذا الواقع
نتنياهو إلى عدم إعاقة عملية
إعادة الإعمار، سيما وأن الكثير
من الدول تبدي حماساً لها. يدرك
صناع القرار في إسرائيل أن بقاء
الوضع على حاله إلى أمد بعيد في
القطاع سيؤدي الى تفجر الوضع
الأمني في القطاع، مع العلم أنه
من الواضح أن على رأس الأجندة
الأمنية لحكومة نتنياهو ستكون
إيران وليس قطاع غزة. أن قدرة
الفلسطينيين على الشروع في
عملية إعادة الإعمار يتوقف بشكل
كبير أيضاً على الكيفية التي
يديرون بها الصراع في المرحلة
المقبلة، وأهم متطلب لذلك يتمثل
في نجاح الحوار وإنهاء الإنقسام
الداخلي. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |