-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
التحديات
في الشأن العراقي والدور
المطلوب لنصرة العراق بقلم
: وريشة هداية لا تزال
بلاد المسلمين تسقط واحدة تلو
الأخرى في أيدي المحتلين ولا
يكاد يندمل جرح حتى تتفتح جراح،
فالعراق وفلسطين المرتبطتان
برباط الألم والمعاناة لا
تزالان تعانيان من بطش المحتل
وفرقة الأهل وغفلة الإخوة. فيهما
القتل والأسر، فيهما الهجرة
والدمار، وغير ذلك من ألوان
العذاب التي يعرفها أهل البلدين
معرفة تشهد عليها أوجاعهم
ودموعهم. العراق..
العراق.. ومما لا
خلاف فيه أن قضية العراق من
القضايا الأكثر تعقيدًا والتي
تتداخل فيها الكثير من الأيدي
الظاهرة والخفية التي تحاول
التلاعب بهذا البلد طمعًا في
تحقيق مصالحها الشخصية.. وبعد ست
سنوات من احتلال العراق، وفي
الذكرى الأليمة لاحتلال بغداد
(09 نيسان/ إبريل 2003)، يعود
التاريخ بنا لأرض العزة
والإباء، أرض هارون الرشيد ومن
قبله جحافل خالد والمثنى،
ويتساءل أطفالنا عن ماض في
العراق عريق، أتت بعده سنوات
عجاف بل خدّاعات، ونتساءل نحن
عما يحدث بإخواننا وأهلنا هناك،
رافعين أكف الدعاء لهم أن
ينصرهم الله ويثبتهم ويشدّ
عضدهم. وفي هذا
الموضوع، وفي تلك الذكرى
السوداء، نحاول تلّمس التحديات
التي تواجه إخواننا في العراق،
ولعلنا نساهم ولو بالقليل، فلا
ننساهم ولا ننسى ما يصيبهم وما
يكّدر عيشهم، لنبحث سوياً عن
الدور المطلوب لنصرة العراق. وتمتاز
قضية العراق بالتعقيد لوجود
العديد من التحديات التي تعيق
مشروع وحدة الصف وإعادة النهضة
وإحياء البلد. ومن هذه التحديات: التحدي
العِرقي: حيث
يعيش في العراق أكثر من خمسة
وسبعون في المائة من العرب،
وعشرون في المائة من الأكراد،
وخمسة بالمائة من التركمان
والآشوريين وغيرهم. ولقد
كانت الخطوة الأولى التي ركّز
عليها الاحتلال الأمريكي هي
إثارة النوازع العِرقية في
محاولة لتقسيم العراق على أساس
عِرقي وقومي. وعلى ذلك فإن تقسيم
العراق يعني تجزئته إلى ثلاثة
أقاليم أساسية وهي إقليم السنة
العرب والشيعة والأكراد. التحدي
العلماني: أما
التحدي الثاني فهو التحدي
العلماني، والذي يدعو إلى عزل
الدين عن الحياة. وحين نتحدث عن
التحدي العلماني في البلدان
العربية فإننا نتحدث عن تحدٍ
علماني معاند لا يعزل الدين عن
الحياة فحسب، بل ويحارب الوجود
الإسلامي، كما هو الحال في
تركيا، وهذا على عكس العلمانية
المحايدة التي تتبنى فكرة فصل
الدين عن أمور الدنيا ولكنها في
الوقت ذاته تعتبر التدين من
الأمور الشخصية التي تقع ضمن
حقوق الفرد. أما
العلمانية في العراق فهي
علمانية معاندة، لها مؤسساتها
وكوادرها وتحركاتها في الوسط
العراقي. التحدي
الطائفي: والتحدي
الثالث في قضية العراق هو
التحدي الطائفي فنسبة المسلمين
الكُلية في العراق حوالي ستة
وتسعين في المائة، وتتضمن السنة
والشيعة، وأربعة بالمائة من غير
المسلمين، كاليهود والصابئة
واليزيدية والمسيحية. وقد عمل
الاحتلال على إشعال النزعات
الطائفية وبث الكراهية فيما
بينها حتى صارت توجه الضربات
لبعضها بعضًا بدلاً من توجيه
القوة لمواجهة الاحتلال. على
سبيل المثال تحاول إحدى
الجماعات تهميش السنة وإقصائهم
عن مراكز صنع القرار وذلك من
خلال توجيه ضربات قاسية للسنة.
فقد تم حرق و نسف أكثر من مائتي
مسجد للسنة، وقتل أكثر من
ثلاثمائة إمام وخطيب، وألف
وخمسمائة أستاذ جامعي،
بالإضافة إلى تهجير ما يزيد عن
خمسة آلاف وخمسمائة عالم
أكاديمي، فضلاً عن أربعة ملايين
عراقي مهجرين خارج العراق
وثلاثة ملايين مهجرين داخل
العراق، وهذه المآسي هي جزء من
المعاناة وليست جميعها. التحدي
السياسي: أما
التحدي الرابع فهو تحدي التشرذم
والتمزّق السياسي؛ ففي مطلع هذا
العام تكوّن ثلاثمائة وستة
وعشرون كياناً سياسياً حزبياً
يقع ضمن تسعة عشر ائتلافاً. وفي
الأنبار وحدها يوجد خمسون
كياناً سياسياً، ولكلٍّ أميره
ومنبره الذي ينادي منه. بل إن
مائة وعشرين صحيفة أصدرت في
بداية سقوط العراق، وكل واحدة
تتناول قضايا وآراء تدعم التوجه
الذي تنتمي إليه، وما يدري
هؤلاء أن فرقتهم هذه وتمزق
وحدتهم إنما يحقق الغاية التي
يسعى وراءها الاحتلال الذي يبني
سيادته ويغلغل وجوده بناءًا على
فُرْقة الشعب وتمزّق كلمتهم! التحدي
الأمني: والتحدي
الخامس هو التحدي الأمني والذي
زادت حدته في عامي 2006 و2007 وما
بعدهما، فقد أصبح الناس لا
يأمنون على أنفسهم وأولادهم
ونسائهم، وزادت نسبة الأرامل
والأيتام والعوانس، وتفشى بين
المتضررين الفقر حتى انتشر
التسوّل. ولعل
أشد المدافع التي تهدد أمن
العراق هو المدفع الإيراني حيث
توجه إيران ضرباتها في القلب
العراقي من خلال مجموعتين مثل
جماعة التكفيريين. وهذه
الجماعات أذاقت الشعب العراقي
الأمرّين وعاثت بينهم بالفساد
والقتل والاعتداء. العراق
يستصرخ ولا مجيب!! (دورنا وكلٌّ
مُنادى) التحديات
السابقة هي تحديات أساسية في
الشأن العراقي، وتشكل الخطوط
الرئيسة في قضية العراق. ولعل
قارئها يدرك أهمية العمل على
مواجهة هذه التحديات بتوحيد
الصف والكلمة في الداخل العراقي
والتنازل عن الأهواء والمطامع
الشخصية والتفكير بالمصلحة
العامة ومصلحة أرض العراق. من
ناحية أخرى فلا بد من عودة
العقول والكوادر العلمية
المهاجرة بل وتسهيل عودتها
وتأمينها، سواء تلك التي غادرت
العراق قبل أو بعد سقوط العراق
في مخالب الاحتلال، فهذه
الطاقات هي الأمل الذي يُبنى
عليه إحياء العراق وإعادة
بنائه. كذلك
بالنسبة لأصحاب رؤوس الأموال إذ
يتوجب عليهم استثمار ثرواتهم في
العراق، فأرض الكنانة غنية بكل
أسباب الثراء الاقتصادي
والاستثمار التجاري، ففيها
المياه والمعادن والنفط
والأيدي العاملة والزراعة
والصناعة. وتكمن أهمية
الاستثمار الاقتصادي بإحياء
اقتصاد أرض الكنانة والقضاء على
مشاكل الفقر والبطالة والحد من
هجرة الأيدي العاملة للبحث عن
العمل. ومن
الأمور الهامة التي تلعب دورًا
أساسيًا في دعم القضية العراقية
توعية الناس بالأخطار المحدقة
كخطر الاحتلال والخطر الإيراني
وعواقب الاستهانة بتفشي هذا
السرطان في البلاد الإسلامية.
وكذلك لا بد من العمل المنظَّم
وفق خطة واضحة مرسومة المعالم
حتى لا تتضاد الجهود ولا تختلط
الأمور بل يكون السير على بصيرة
ونور يراعى فيه فقه الأولويات
والموازنات والبدء بالأهم ثم
المهم. وبما
يتعلق بالمقاومة الوطنية فلا بد
أن تتخذ الموقع الصحيح وتوجيه
ضرباتها للعدو الحقيقي فلا
تشتغل فصائل المقاومة بعضها
ببعض وتنسى العدو الذي يفرض
وجوده على أرضها وينهب خيراتها
ويشعل بينها البغضاء والتنافر. وينبغي
على الأمة الإسلامية دعم ونصرة
العراق بالدعاء لإخوانهم
بالثبات والصبر وكذلك إعانتهم
بالدعم المالي الذي يتضمن كفالة
الأيتام والأرامل والذين
يتراوح عددهم ما بين خمسة
ملايين يتيم ومائتين و2.7 مليون
أرملة، ولا بد أيضاً من تولّي
إعانة ذوي الأسرى والشهداء
الذين لم يتبقى لهم سوى الله
تعالى وهو حسبهم ونعم الوكيل،
وكذلك بناء المستوصفات الصحية
وإعادة ترميم المدارس
والجامعات. وينبغي
على كل مسلم ومسلمة تلمّس
الأعذار لإخوانهم في العراق
وتفهّم اجتهادهم فيما يرونه
يخدم قضيتهم ويحافظ على وجودهم
في العراق، فهم إخوة لنا يقفون
وسط بحيرة من الدماء تحيطهم
تماسيح شتّى، كل ينهش كما يشاء،
فلهم الحق كل الحق بالتمسك بكل
طريقة ووسيلة تعينهم على الثبات
إن شاء الله. اللهم
احفظ العراق للإسلام
والمسلمين، وجنّبه البلايا
والمحن، ووطهّره من دنس
الاحتلال والعابثين ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |