-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد  12/04/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


التراث المادي لدمشق من خلال رحلة مصري إلى بلاد الشام

أ. فايزة بوصلاح*

ذكر المساجد والمزارات والمشاهد بدمشق:

أعتقد أن هذه الممارسة المتمثلة في زيارة المزارات والمساجد والأضرحة والأولياء قديمة جدا وقد نجدها في مجتمعات عديدة، ذلك أن هذا النوع من المعتقدات ليس وليد الزمن الحاضر بل ارتبط بتطور البشرية، فالإنسان منذ القدم وفي أي مكان تعامل مع الظواهر الطبيعية والاجتماعية تعاملا عقائديا خرافيا، حيث يرد عدد من النكبات والأزمات إلى كائنات خرافية غير موجودة لكنه يعتقد في قدرتها على تحقيق الأشياء التي عجز عنها وإعانته ومساعدته أمام ما يعترضه من صعوبات وما يجتازه من أزمات، وهذا الدور هو ما ينطبق بالضبط على زيارة الأضرحة والأولياء قصد قضاء حاجات لم يستطع هذا الإنسان قضاءها بالطرق الطبيعية والمعتادة.

وما يلفت الانتباه في دمشق كما في عدد من البلدان العربية الإسلامية هو تلك المكانة البارزة التي تحتلها مزارات الأضرحة للأنبياء والصحابة والتابعين والعلماء والأولياء الصالحين في الثقافة والمخيال الشعبي عموما، ورسوخها في أوساط العامة لدرجة يمكن التساؤل فعلا عن طبيعة الفكر الذي دعم هذه الأهمية ورسخ بالتالي عددا من الطقوس التي لا تزال حاضرة بقوة إلى اليوم.

ومن أهم هذه المزارات نذكر على سبيل المثال لا الحصر مايلي:

أ‌- الجامع الأموي:

إنّ أول محل زرناه ورأيناه في دمشق هو المسجد الأموي، الذي هو من بناء بني أمية وهو كالجامع الأزهر في الاتساع، إن لم يكن أكبر منه، فيه مقصورة عظيمة بالجانب الشرقي منها مسجد سيدنا يحي بن زكريا  عليهما السلام، وفيه رأسه الشريف كما ذكره ابن جبير في رحلته المسماة" تذكرة الاتفاق عن اتفاق الأسفار ومثله في كتاب" الإرشادات إلى أماكن الزيارات لابن حوراني، وفي الجانب الشرقي من الجامع الأموي مشهد رأس الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه- وعليه بناء عظيم عالي منور إلى الغاية  وفيه المنارة الغربية، التي كان الإمام الغزالي يتعبد فيها".22

وفي أمام الجانب الشرقي بركة ماء فيها نوفرة عظيمة يخرج الماء منها بقوة زائدة ليلا ونهارا، وفي أمام الباب الغربي دكاكين لباعة الكتب والمجلدين في الطريق الموصل إلى باب البريد المشهور، الذي قيل فيه قديما:

ما بين جانبها وبين بريدها   قمر يغيب وألف شمس تطلع

ب – المدرسة الظاهرية:

نسبة إلى الملك الظاهر بيبرس تحت القبة، حيث استمر الشيخ طاهر أفندي الجزائري23 في علمه لإتمام ما عزم عليه ونقل ما كان موجوداً إلى مسجد الظاهر لتأسيس المكتبة الظاهرية. وهكذا تأسست المكتبة الظاهرية كمكتبة عامة، وجعلت لها الحكومة إدارة خاصة وعينت لها قواماً وسنّت لها قانوناً يضمن صيانتها على غرار المكتبات الكبرى في دول العالم" ووضعوا لها شرائط المكاتب الكبرى وذلك عام 1879 فجاءت مؤلفة من 3453 كتاباً منوعة عدا الكراريس والأوراق المتفرقة وفق ما جاء في الفهرست المطبوع بعد سنة من افتتاحها للطلاب.

وإلى هنا يشير عبد الجواد القاياتي إلى هذه المكتبة بقوله:" فودنا قبة ممتلئة بالكتب المجموعة بين الأوقاف، التي كانت مفرقة معررضة للضياع، وقد جمع الباقي منها وجعل في هذه القبة حتى صارت مكتبة عظيمة ينتفع بها أهل العلم...ووجدنا بها ففي ذلك الوقت حضرة العالم الشيخ طاهر أفندي الجزائري جالسا بها مشتغلا بالنقل والجمع".24

وبعد تعيين الشيخ طاهر أفندي الجزائري بناء على جهوده كمفتش للمعارف في ولاية سورية، بذل مجهودات جبارة في سبيل إصلاح أساليب التعليم والتدريس، وكان يتعهد المعلمين بالنصح والإرشاد والتوجيه، ويسمع بشغف لآراءهم في ابتكار أنجح الوسائل لتعليم الطلاب والدعوة إلى طلب العلم. وكان يسهر الليالي الطويلة عاكفاً على تأليف الكتب في مختلف العلوم الدينية والعربية والرياضية، مبسطاً أساليبها مختاراً ما تدل التجارب على نجاحه وسهولة تلقينه، وكان يشرف بنفسه على طبع كتبه في مطبعة الجمعية الخيرية.

ويسترسل عبد الجواد القاياتي في كلامه عن الشيخ طاهر أفندي الجزائري بقوله:" ثم خرج معنا لزيارة مشاهد الصحابة والعلماء والصالحين الموجودة في جهة باب توما وباب شرقي، فزرنا أولا ضريح السلطان صلاح الدين الأيوبي وهو أيضا قريب من الجامع الأموي من جهة الشمال، وزرنا في ذلك الجانب من قبور الصحابة قبر خولة بنت الأزور الصحابية، وشرحبيل بن حسنة كاتب الوحي بقرب باب توما وقبر ضرار بن الأزور الأسدي، شهد فتح دمشق ومات بها".25

كما زار الشيخ عبد الجواد القاياتي أهم المزارات الجليلة لأنبياء وعلماء وصلحاء بمقابر مختلفة كمقبرة الباب الصغير وباب توما ومقبرة الصوفية ومقبرة سفح جبل قاسيون، مثل ضريح محي الدين بن عربي وذلك من خلال قوله:" ثم طلعنا إلى الصالحية وجبل قاسيون، فابتدأنا بزيارة الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي الطائي صاحب المقامات والكرامات والمكاشفات الظاهرة والخوارق الباهرة، سلطان أهل الحقيقة وشيخ مشايخ الطريقة،...وقبره في داخل قبة عظيمة لها أطواق وشبابيك مطلة على البساتين والجناين وعلى قبره الشريف مقصورة من نحاس أصفر وكواكب الفضة المطلية  بالذهب الأحمر ولم نر في بلاد الشام ضريحا يشبه أضرحة آل البيت بمصر إلا هذا الضريح الأنور والمزار الأزهر. ومعه في هذه القبة الشهم الهمام والبطل المقدام الأمير عبد القادر الجزائري".26

ج- الجامع الأكبر:

وأما مسجد الشيخ الأكبر فإنه من أجمل مساجد الصالحية، فهو مشرف على بساتينها وما ورائها من الأشجار والأنهار في أرض الغوطة إلى مدينة دمشق، وبجواره يوجد ضريح الأمير عبد القادر. وبعد أن خرج الشيخ عبد الجواد القاياتي من زيارة هذا الضريح، توجه إلى زيارة القطب الأوحد والعلم المفرد الأستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي، وهو مدفون في داره بالصالحية، وعلى ضريحه قيم من ذريته يتولى القيام بخدمته ويتلقى الزوار بالترحاب...".27

 "...ثم توجّهنا لزيارة السادة "الأكراد الأيوبية" في قبة مخصوصة بهم، ورأينا قبورهم مسنمة مفتوحة من الجانب الغربي... بعد ذلك صعدنا في "جبل قاسيون" وزرنا ضريح نبي الله ذي الكفل في قبة مخصوصة به عليه السلام، وزرنا قبر الإمام ابن مالك النحوي في حوش تحت مشهد ذي الكفل  ومعه جملة من قبور العلماء الكبار... ثم بعد أن نزلنا من هذا الجبل صعدنا في قبة عالية بها قبة العالم العامل الشهير الشيخ خالد النقشبندي... ولم نخلص من الزيارات في الصالحية إلا وقت الغروب، وزرنا في المدينة ضريح السلطان العادل والملك الكامل الفاضل نور الدين محمود بن سعيد زنكي الشهيد".28

والدعاء عند قبره مستجاب، وهذا مستفيض عند أهل العلم، ذكره الحافظ محمد بن الحسن صاحب "مجمع الأحباب"، والكمال الدميري في"حياة الحيوان"، وصاحب" طبقات الحنفية" والبصروي في فضائله. وكان شيخنا العباس الطيبي يقول أن ذلك مجرب وجربناه مرارا".

ــــــــ

*باحثة بقسم اللغة العربية بجامعة وهران

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ