-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رسالتي
إلى القطاع الخاص في غزة م.
مازن سنقرط* أودُّ
بدايةً أن أُشيدَ بالدور
الريادي والموقف الوطني الأصيل
الذي لعبه القطاع الخاص
الفلسطيني على مر السنوات
السابقة سواءٌ في قطاع غزة
الحبيب أو هنا في الضفة الغربية
، حيث استطاع أن يأخذ دوراً
تنظيمياً أكبر من حيث المساهمة
الفعّالة في تطوير وصياغة
القوانين والتشريعات
الاقتصادية والمالية ، أو من
خلال السياسات التي تؤثر
تأثيراً مباشراً أو غيرَ مباشرٍ
في المناخ الاقتصادي
والاجتماعي في فلسطين ،
وبالتالي تعزيز القدرة الذاتية
على بناء اقتصادٍ وطنيٍ حرٍ
ومستقل . أما في
قطاع غزة ، فقد سطّر القطاع
الخاص ملاحمَ بطوليةٍ بسواعد
أبنائه واستثماراته المالية
التي طالت كافة النواحي
والقطاعات الاقتصادية كالقطاع
الصناعي والزراعي والتجاري
وتكنولوجيا المعلومات والإسكان
والإنشاءات ، كما كان المشغّل
الرئيس لعجلة التنمية في قطاع
غزة من حيث مقدرته على استيعاب
وتوفير عشرات الألوف من فرص
العمل للخريجين الجدد
والعاطلين عن العمل وتمكينهم من
العمل والعيش بكرامة ، كما
استطاع بخبراته المتراكمة
وقدراته المتميزة على استخلاص
العِبر ونقل التكنولوجيا
وتوفير البدائل من السلع
والخدمات الإحلالية ، مضيّعاً
بذلك الفرصة على تمكين الاحتلال
من جعل قطاع غزة سوقاً
استهلاكياً لمنتجاته وسلعه
وخدماته ، بل وتعدّى ذلك إلى
القدرة على التصدير بميزةٍ
تنافسيةٍ إلى الأسواق
الإقليمية والعالمية ، الأمر
الذي مكّنه من تأطير نفسه من
خلال المؤسسات القانونية
والرسمية وبناء المؤسسات
التمثيلية مع القطاع الخاص في
الضفة الغربية وأخذ مكانته فيها
من خلال التمثيل والمشاركة في
مجالس الإدارات المشتركة
والهيئات الاقتصادية العمومية
والرسمية . وقد شكّل هذا رافعاً
حقيقياً للقطاع الخاص في غزة
بعيداً عن التجاذبات السياسية
والمصالح الشخصية والفئوية
الضيقة . لقد
أكّدنا ، وما زلنا نؤكّدُ بأن
هنالك اقتصادٌ وطنيٌ قويٌ في
قطاع غزة ، ويمتلك من الخبرة
والمهارة ما يمكّنه من الانطلاق
لما هو أبعد من ذلك ، غير أن
الاحتلال الإسرائيلي بانسحابه
أحادي الجانب من القطاع في
أيلول 2005 قد جعل من غزة سجناً
كبيراً لأهلها ومقدّراتها ،
وصار يشتدُّ الخناق على قطاعي
المال والأعمال حتى وصل إلى
الواقع الذي هو عليه حالياً من
حيث الانعدام الكامل للصادرات
وقلة الواردات بما لا يتجاوز 5% ،
وإنهاء عمليات الاقتراض
والتسهيلات من البنوك بسبب عدم
توفّر السيولة المالية لدى هذه
البنوك تارةً ، أو عدم توفر
الأفق التنموي والتشغيلي تارةً
أخرى . وللحقيقية
والتاريخ ، وانطلاقاً من خبرتنا
الاقتصاديةٍ والاجتماعيةٍ
والإداريةٍ نقول بأن القطاع
الخاص الفلسطيني في قطاع غزة
كان ، ولا زال ، حريصاً على
السير قُدُماً والتواصل الدائم
مع زميله في الضفة الغربية ، من
خلال الإبقاء على مؤسسات القطاع
الخاص قائمةً وفعّالةً ونشطة ،
بل والإبقاء على مجالس الإدارات
الوطنية لهذه المؤسسات
وهيئاتها العمومية ، بعيداً عن
أية انقساماتٍ جغرافيةٍ أو
سياسيةٍ أو حزبية . لقد كان
القطاع الخاص ، ولا زال ، صابراً
متحملاً صعوبة التكيّف مع
المتغيرات التي حصلت قبل
العدوان على غزة وبعدها ، وما
خلّفه ذلك العدوان من خسائرَ
فادحةٍ ودمارٍ شاملٍ لكافة
نواحي الحياة الاجتماعية
والاقتصادية على وجه الخصوص . نعم ...
لقد كانت الخسائر المباشرة وغير
المباشرة فادحةً وضخمة ، وإن لم
تُعالج هذه الخسائر بأقصى سرعةٍ
ممكنة ، فستكون المصيبة أعظم
والفاتورة أكبر . ويجب أن لا
ننسى هنا بأن القطاع الخاص
والمجتمع المدني بمؤسساته هو
الذي أبقى على الروابط الأخوية
والمهنية والاجتماعية بين
الضفة وغزة ، حيث كان القطاع
الخاص بخبراته المتميزة وعطائه
اللامحدود ومسؤوليته الوطنية
دائم الحرص على إبقاء اللُّحمة
والتواصل بين الضفة وقطاع غزة . وهنا ،
نجده لزاماً علينا بأن نعترف
بأننا مقصّرون بحق هذه الفئة
التي استثمرت وعملت جاهدةً من
خلال المساهمة بأموالها
وجهودها على بناء اقتصادٍ وطنيٍ
مستقلٍ وحر ، وتوفير الآلاف من
فرص العمل لأبناء القطاع . نحن
مقصّرون ، على الرغم مما نراه من
اجتهاداتٍ من المسؤولين
أحياناً ومن الدول والمؤسسات
المانحة أحياناً أخرى ، غير أن
كلَّ هذه الاجتهاداتِ ما زالت
تحوم في دائرة الكيفية التي يتم
فيها التعويض وإعادة البناء
والإعمار ، هذا في الوقت الذي
رأينا فيه أن إسرائيل كانت قد
أعدّت البرنامج الكامل لتعويض
المستوطنين والمستثمرين من
اليهود في قطاع غزة قبل
الانسحاب أحادي الجانب في أيلول
2005 ، سواء من ناحية التعويض
المالي أو المعنوي أو غير ذلك ....
فلماذا لم يلقَ القطاع
الفلسطيني الخاص في غزة مثل هذا
البرنامج وهو صاحب الحق الأصلي،
وبأي حقٍ يُحرَمُ من تعويضه عن
خسائره الفادحة التي أودت بكل
ما لديه من مقوّمات وإمكاناتٍ
كان قد بناها بجهوده وأمواله
على مر السنوات السابقة ... هل
هذا هو جزاؤه لأنه ساهم بكل ما
يملك من أجل بناء اقتصادٍ وطنيٍ
شامخٍ نعتزُّ به جميعاً ، أم
تُراهُ ذنبٌ اقترفَهُ حين فكّرَ
وساهمَ وجاهدَ من أجل الانسلاخ
من التبعية الاقتصادية
والاجتماعية والمهنية لدولة
الاحتلال ؟؟؟؟ ـــــــــ *وزير
الاقتصاد الوطني الأسبق ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |