-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تعليق
الإخوان لنشاطهم المعارض.. هل
هو قفزةٌ في الفراغ أم خطوةٌ
محسوبة؟ الطاهر
إبراهيم بالرغم
من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على
تعليق جماعة الإخوان المسلمين
السورية لنشاطها المعارض فما
تزال ارتدادات تلك الخطوة
تتفاعل على مستوى الداخل
السوري، وحتى إقليمياً. ومع أن
الإخوان ربطوا الخطوة بما تتعرض
له حركة "حماس" من اجتياح
إسرائيلي ومحاولة اقتلاعها من
غزة وإنهاء وجودها ككيان مؤثر
في فلسطين، إلا أن مراقبين
زعموا بأنها رسالة إلى النظام
أيضاً. بهذا المعنى فقد كان رد
فعل النظام "باهتاً"، بحسب
ما قاله "علي صدر الدين
البيانوني" المراقب العام
للإخوان المسلمين لمحرر موقع
"إسلام أون لاين".
مسوغات
تعليق الإخوان المسلمين
لنشاطهم المعارض، كما أفصح عنها
بيانهم، كانت استجابة شعورية
منهم للحالة التي مرت على قطاع
غزة عموماً، وعلى حركة حماس
خصوصاً، عندما فتحت
"إسرائيل" أبواب جهنم على
كل من هب ودب، وكل ساكن ومتحرك
داخل قطاع غزة. تلك الأيام لم
تكن عصيبة على أهل غزة فحسب، بل
شملت كل مواطني العالم العربي
من محيطه إلى خليجه. لست هنا في
معرض تمييز جمهور الإخوان
المسلمين عن غيرهم من العرب،
لكن الحقيقة أن الإخوان
المسلمين كانوا يشعرون أن
استهداف حماس بهذه الهجمة إنما
هو استهداف لهم. وأن
"إسرائيل" –أصالة عن نفسها
ونيابة عن أمريكا وأوروبا وبعض
الأنظمة العربية- تريد أن تقتلع
هذه النبتة التي نما عودها
واستغلظ واستوى على سوقه في
فلسطين، يعجب الزراع ليغيظ بهم
اليهود ومن شايعهم ومن ناصرهم. لذا لم
يكن عجباً أن يجد الإخوان
المسلمون السوريون رجعَ صدى
أحداث غزة في واقعهم وقد ذاقوا
مرارة اللجوء في أصقاع الأرض،
فأحسوا أن عليهم أن يشاركوا
إخوانهم في حماس ولو "بجهد
المقل" فأعلنوا تعليقَ
نشاطهم المعارض -وقد أدركوا مدى
العلاقة بين حماس ودمشق-
مشاركةً وجدانية منهم لإخوانهم
في غزة التي تحاصرها
"إسرائيل" من جهات ثلاث،
وقد أكملت الشقيقة مصر دائرة
الإغلاق "الكهربائي" على
غزة من جهة رفح، فلا معونة
ترفدهم، ولا أحد يستطيع الهرب
من أهالي قطاع غزة، فإن أخطأت
القذائف رؤوسهم دمرت بيوتهم.
ومع ما
يوحي به التوصيف السابق لواقع
حماس -إخوان فلسطين- خلال
الاجتياح الصهيوني، فقد أعلن
الإخوان مبادرتهم رغبة في
"توفير الجهود للمعركة
الأساسية". إلا أن المراقبين
ألمحوا إلى وجود رسالة أخرى
متضمنة مع رسالة المناصرة
لحماس. كأن الإخوان أرادوها أن
تكون رسالةً إلى النظام السوري
لعله يلتقط المبادرة ويعيد
حساباته. وهذا ما أكده
"البيانوني" لموقع
"إسلام أون لاين" عندما
قال: (دعونا النظام في البيان
نفسه إلى المصالحة الوطنية،
وإزالة كل المعوقات التي تحول
دون قيام سوريا بواجبها في
تحرير أرضها المحتلة).
من جهة
ثانية فقد كان التنسيق قائماً
بين الإخوان في بعض الأقطار
العربية وبين النظام السوري.
وكانوا يزورون دمشق، وربما
سمعوا كلاماً مفاده أن إخوان
سورية هم من يرفض الحوار. وربما
نصح إخوان الأردن إخوان سورية
أن يخففوا من معارضتهم للنظام
وأن يفتحوا معه قنوات للحوار.
لذا جاء تعليق الإخوان السوريين
لنشاطهم المعارض للنظام السوري
مناسبة لإخوان الأقطار
العربية، لحث دمشق وتشجيعها على
إجراء حوار مع الإخوان
السوريين، هذا إذا كان النظام
السوري يرغب فعلاً في هكذا حوار
مع الإخوان السوريين. استطراداً،
وبصورة أوضح، فإن رسالة التعاطف
مع حماس التي أعلنها الإخوان
السوريون في تعليق نشاطهم
المعارض تأتي في مناخ التعاون
بين النظام وبين حماس (إخوان
فلسطين). وفي أجواء التناغم
والتنسيق الذي يربط النظام
بإخوان بعض الأقطار العربية
الأخرى، فإلى أي مدى يمكن لدمشق
مراعاة هذه العلاقات إذا ما
أرادت فتح حوار مع إخوان سورية،
لاسيما أن هناك من يزعم أن
النظام كان هو المقصود الأول في
تعليق الإخوان لنشاطهم؟ بصيغة
أخرى، فهل كان الإخوان السوريون
يأملون إن تنهي رسالة تعليق
نشاطهم المعارض هذه أيَّ تردد
عند النظام، فيشرع في إجراء
الحوار مع الإخوان؟ نحن
نزعم أن الإخوان المسلمين في
سورية أرادوا تعليق نشاطهم
المعارض في الأساس، كي يشعر
إخوان حماس أن إخوانهم السوريين
يعيشون معهم بعواطفهم
وأحاسيسهم. ولا يمنع ذلك أنهم
أرادوا أن يعلم المواطن السوري
أنه ليس صحيحاً أن الإخوان لا
يسعون إلا إلى الخصام مع
النظام، ورسالتهم هذه تثبت أنهم
يمدون أيديهم للنظام للمصالحة
الوطنية معه. كما يقولون لمن كان
يعتب عليهم من إخوانهم في دول
الجوار العربي أن الفرصة أصبحت
مواتية أمامهم ليتأكدوا فيما
إذا كان النظام يريد الحوار مع
جماعة الإخوان المسلمين في
سورية أم لا؟ البعض
يؤكد أن رسالة الإخوان محسوبة
بدقة، وأنهم ألقوا الكرة في
ملعب النظام في الوقت
المناسب. فليس مقبولاً،
سورياً ولا عربياً، أن يمد
النظام يده ل"إسرائيل"
لإجراء مفاوضات معها -مباشرة أو
غير مباشرة لا فرق- ثم يرفض
الحوار مع فصيل من فصائل الشعب
السوري.. وليس من المُستبعد أن
تلفِت "أنقرة" التي تحب أن
تتحرك بصمت، نظرَ دمشق بأنه
ربما يكون من المناسب أن تجري
حواراً مع الإخوان المسلمين
السوريين، وأن يكون هذا الحوار
له أسبقية على المفاوضات مع
"إسرائيل". أخيراً!
بقي النظام السوري حتى الآن
يتحاشى التعليق على مبادرة
الإخوان السوريين. هذا السكوت
قد يوحي بأن وراء الأكمة ما
وراءها، علينا أن ننتظر، وعسى
أن لا يطول انتظارُنا!.. ـــــ *كاتب
سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |