-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت  18/04/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الحل النهائي من وجهة نظر نتنياهو: "جنين +"

عريب الرنتاوي

تحولت مدينة جنين إلى قبلة الزوار والناظرين، فما من أحد من كبار المسؤولين الدوليين يزور مناطق السلطة الفلسطينية التي أطلق عليها مؤخرا، وفقط مؤخرا، "فلسطين المحتلة"، إلا ويؤخذ إلى هناك لإطلاعه على التقدم الهائل المتحقق في مجالات ضبط الفوضى والفلتان واستعادة الأمن والاستقرار، حيث يستمع الزائر إلى أحاديث متنوعة عن "نعمة الأمن والأمان" التي لا تنتقص منها سوى "الضائقة الاقتصادية"، وهي شكوى لم تعد متقصرة على جنين على أية حال، فالأزمة المالية والاقتصادية دفعت سكان طوكيو وباريس ونيويورك إلى الجهر بالشكوى من الضائقة، وفي هذا يتساوى ابن جنين مع أبناء عواصم العالم هذه ؟!.

 

وثمة تحقيقات صحفية أخذت تشق طريقها إلى صحف عربية وأجنبية، تدور في معظمها حول "قصة النجاح" التي تنسب لحكومة تصريف الأعمال والأجهزة الأمنية الجديدة في المدينة والمخيم الذي يحمل اسمها، والذي سبق أن كان ساحة لمعارك طاحنة بين  المقاومين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، أوقعت في صفوف الأخيرة من الخسائر البشرية، ضعف ما تكبدته في حرب الـ"23" يوما على غزة.

 

"بناء النموذج" في جنين واستنساخه في مدن أخرى كنابلس وقلقيليلة والخليل وغيرها، هو خط ثابت للسلطة، تلتقي حوله إرادات متناقضة، فإسرائيل بقيادة حكومتيها السابقة والحالية، تدعم هذا التوجه وتشيد به وتطالب بتوسيعه أفقيا ليشمل مختلف مناطق التجمع السكاني الفلسطيني (وليس مختلف مناطق الضفة) وعاموديا، بمعنى المضي أبعد ما يكون في استئصال شأفة المقاومين وحملة السلاح ومصنعيه ومهربيه، كما أن أطرافا دولية كالولايات المتحدة وأوروبا ترعى مباشرة هذا الاستراتيجية، من خلال الدعم السياسي للحكومة ورئيسها والإصرار على إعادة تكليفه تشكيل حكومة جديدة، والدعم المادي الذي تحظى به التشكيلات الأمنية الفلسطينية الجديدة.

 

مشكلة هذه "النماذج" التي يراد تعميمها، أنها تأتي في ظل الاحتلال، برضاه وبالتنسيق معه، حتى لا نذهب بعيدا في نظرية المؤامرة، ونقول أنها تأتي في خدمته كذلك، ذلك أن بناء هذه "النماذج" ما كان ممكنا لولا النجاح في كسر شوكة العمل المقاوم في الضفة الغربية واستئصال شأفة القوى التي تمارسه، على نطاق واسع، وبتنسيق غير مسبوق في طبيعته ومضمونه ومستوياته، بين أجهزة الأحتلال وإداراته، وأجهزة السلطة الفلسطينية وإداراته، كما تقول ذلك وتؤكده مصادر الطرفين على حد سواء.

 

والحقيقة أننا ما كنا لنشكو من تعميم هذه "النماذج" حتى وإن كانت باهظة الكلفة، لو أنها كانت تمهد للدولة الفلسطينية المستقلة، أو تستعجل انبثاقها، ولنا في ذلك من التجربة الإسرائيلية درسا وعبرة، إذ عندما تأكد قيام إسرائيل على أرض فلسطين باحتلال مناطق شاسعة منها في حرب 48 وعلى المستوى الدولي بقرار التقسيم الشهير، لم يتوان الآباء المؤسسون للدولة العبرية عن ضرب "القوى اليهودية المتطرفة" التي كانت تريد مواصلة القتال (الكفاح) وظلت مستمسكة بانشطة التهريب والتسليح والتسليح ذات الطبيعية المليشاوية.

 

مشكلة "نماذج" الأمر الواقع التي يجري تعميمها في مختلف مناطق الكثافة السكانية الفلسطينية في الضفة، أنها تخفض كلفة الاحتلال وفاتورته بدل أن تزيدها، وتصب في خانة "السلام الاقتصادي" لنتنياهو من حيث يقصد أصحابها أو لا يقصدون، وتوفر مناخات هادئة نسبيا لاستكمال عمليات التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية عموما وعمليات تهويد القدس على وجه الخصوص، من دون مقاومة تذكر، بل ومن دون ضجيج يتعدى "تحركات رفع العتب".

 

والمفارقة العجيبة، أن انتشار هذه "النماذج" يتزامن مع جنوح إسرائيل نحو التطرف واليمين، وتعثر عملية السلام والمفاوضات، وتعذر فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة، أي باختصار أنها تأتي في الوقت غير المناسب أبدا، وأنها تجعل من الضفة هدفا لعمليتين متزامنتين ومتوازيتين: توسع استطياني – عدواني زاحف من جهة إسرائيل، وتوسع في إحكام القبضة الأمنية من جهة السلطة.

 

وفي ظني أن الحل النهائي كما يريده نتنياهو وحكومته، لن يتخطى كثير "سيناريو جنين"، وهو السيناريو الذي يقتصر على إدارة محلية وحكم ذاتي وسيطرة "شرطية" على بعض "المناطق المدارة"، ويبقي لإسرائيل قبضتها على القدس والغور ومناطق خارج الجدار والمعابر والمياه والأجواء والسيادة...الحل النهائي من منظور إسرائيل ليس سوى "جنين +"، وهو وإن كان كان حلا مرفوضا فلسطينيا وعربيا، إلا أن "سياسة الإملاءات وفرض الوقائع على الأرض" الإسرائيلية، لا تبقي لأحد خيارا بديلا، لا بل يمكن القول، أن ربط حياة قطاعات واسعة من المواطنين بوجود السلطة وأجهزتها ودوائرها، سيجعل من الصعب عليها وعليهم، تبني خيار آخر.

ان أهم وأخطر "منجزات" عملية السلام حتى الآن، هو خلق هذا الارتباط العضوي بين حياة المواطنين اليومية وبقاء السلطة من جهة وفك الارتباط بين السلطة القائمة والدولة المنتظرة من جهة ثانية، فالسلطة أصبحت مطلوبة بذاتها وبقاؤها رهن بأدائها لأدوارها في صرف المخصصات ورواتب التقاعد والبدلات وتحريك السوق وحفظ الأمن والنظام، أما موضوع الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، فضلا عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين، فتلكم قصص أخرى، لها سياقات مختلفة.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ