-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
جوانب
معتمة للحياة في غزة: (1)
نحو مجتمع غزي قوي أ.د.
محمد اسحق الريفي تحظى
غزة بصورة وردية في أذهان الناس
في كل أرجاء العالم، كيف لا وقد
أصبحت رمزاً للمقاومة والثبات
والتحدي، ونداً عنيداً
للإمبريالية الأمريكية، وعقبة
كأداء في وجه المخططات
الصهيونية، وتحول أهلها إلى
أنموذج رائع لشعب أبي لا يساوم
على كرامته، ولا تنال الشدائد
من عزيمته، ولا يهن أمام أعدائه
العتاة الأشرار. ولكن،
رغم هذه الصورة المشرقة لغزة
الإباء والمقاومة، هناك جوانب
معتمة للحياة في غزة لا يدركها
إلا من انصهر في المجتمع الغزي،
وأزال ما بينه وبين أهلها من
حواجز، وحمل هموم غزة بصدق
وأمانة، وعاش معاناة أهلها،
ساعياً للإصلاح، وممارساً
للنقد الاجتماعي، بهدف التخفيف
من معاناة أهلها. فجاد
قلمه بالنصح والتوجيه، غير
مكترث بما يعترض طريقه من
تحديات وأخطار، ولسان حاله يقول:
إن أريد إلا الإصلاح ما استعطت،
وما توفيقي إلا بالله، عليه
توكلت، وإليه أنيب. وهذه
محاولة متواضعة للحديث عن تلك
الجوانب المعتمة، التي تعكس
ظواهر اجتماعية وثقافية خطيرة،
وتزيد معاناة الغزيين فوق
معاناتهم من العدو الصهيوني،
آملاً أن تسهم هذه المحاولة في
التنوير، وتبديد الظلام،
وحماية الأبناء من المنعطفات
الخطيرة في طريقهم إلى مستقبل
زاهر ومشرق، وتشجيع الكتَّاب
والمصلحين والقادة الاجتماعيين
على التصدي لتلك الظواهر السيئة
والمشاكل التي تفت في عضد
المجتمع الغزي، لتصبح صورة غزة
وحقيقتها أكثر إشراقاً مما هي
عليه في أذهان الناس، ولتتعزز
قدرة شعبنا على مواجهة التحديات
الثقافية التي يفرضها علينا
العدو الصهيوني. وفي
الحقيقية، كتبت عن بعض الجوانب
المعتمة للحياة في غزة، ولكن في
سياق سياسي، وأرى ضرورة الكتابة
عنها في سياق ثقافي واجتماعي
وتربوي، تجنباً لإثارة حفيظة
بعض الناس، الذين ينظرون إلى
الأمور من منظار حزبي مختل ولا
يؤمنون بأهمية الذوق العام
الرفيع والسلوك الراقي في تعزيز
حالة السلم الاجتماعي في
المجتمع الغزي، وإيماناً
بضرورة تسليط الضوء على الظواهر
السلبية في المجتمع الغزي،
وبأهمية البعد الثقافي في
الصراع مع العدو الصهيوني، الذي
يستهدف هويتنا الثقافية، ويسعى
لطمسها وإذابتها، لأنه يدرك أن
هويتنا الثقافية هي مناط
وجودنا، وأن إلغاء وجودنا يمر
عبر تجهيل الجيل الناشئ وتفريغه
ثقافياً. ولا
شك في أن الكتابة حول غزة
والتحديات التي تواجهها لها
أهمية إستراتيجية كبيرة اليوم،
فلغزة دور كبير في تحديد وجهة
منطقتنا العربية ومستقبلها،
ولصمود غزة في وجه العدو
الصهيوني والأمريكي أثر إيجابي
كبير إلى أبعد الحدود على حالة
المقاومة والممانعة ضد مخططات
الهيمنة الصهيوأمريكية على
منطقتنا، فالشعوب العربية
تستمد قوتها من صمود غزة،
والأمل في واقع عربي أفضل تنمو
جذوره في غزة. ولذلك
بت مقتنعاً بأهمية قوة المجتمع
الغزي في حماية منطقتنا من
أطماع الأعداء وإفشال مخطط
إقامة دولة يهودية في منطقتنا،
وبأهمية الارتقاء بالمستوى
الثقافي للجيل الغزي الناشئ،
الذي نعول عليه في تحرير فلسطين
من بحرها إلى نهرها، ولا سيما
بعد انتصار المقاومة على العدو
الصهيوني في حربه الأخيرة على
غزة، بفضل الله عز وجل، ثم بفضل
حركة حماس، التي تهتم بتنشئة
الجيل تنشئة إسلامية تحصنه من
عوامل الوهن والانحلال، ثم بفضل
صمود شعبنا وصبره ورباطه.
تحدثت
قبل عدة أشهر مع رئيس الجامعة
الإسلامية بغزة عن مشاكل سلوكية
وفكرية يعاني منها الطلاب
والشباب في غزة، وسألته: من يحمي
الشباب من الثقافات الهدامة
التي تُغرس في المجتمع الغزي
إذا استنكف المثقفون عن التصدي
لها؟! وكيف ستساعد الشهادات
الجامعية الجيل الناشئ في تنمية
مجتمعاتنا وبناء نهضة إذا كانت
هذه المجتمعات تعاني من أمراض
ثقافية واجتماعية فتاكة؟! من
هذا المنطلق، وحرصاً على
المساهمة في حماية أبنائنا
وتعزيز صمودهم في مواجهة العدو
الصهيوني، سأبدأ في الكتابة عن
الجوانب المعتمة للحياة في غزة،
وأرجو أنا أساهم بذلك في تسليط
الضوء على التحديات والإشكالات
الثقافية والفكرية التي تواجه
أبناءنا. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |