-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مؤتمر
دربان 2:تراجع في التأييد
العالمي أم خلل في الدبلوماسية
العربية؟ د/إبراهيم
ابراش في جنيف
وفي سياق الإعداد لمؤتمر دربان 2
الذي سيعقد يوم الاثنين القادم
تدور معركة سياسية دبلوماسية لا
تقل أهمية عن المعركة الدائرة
على أرض فلسطين وفي العالم بين
قوى التحرر المدافعة عن حق
الشعب الفلسطيني بالحرية
والاستقلال و عن حقوق الإنسان
وضد العنصرية والتحريض الديني
من جانب والكيان الصهيوني و
حلفائه وخصوصا واشنطن من جانب
ثان، فحتى يوم 17 ابريل أي ثلاثة
أيام من عقد المؤتمر تم تسجيل
قرابة ثلاثة الآف وثمانمائة شخص
للمشاركة في مؤتمر استعراض دربان. ويتضمن
هذا العدد أكثر من مائة رئيس وفد
من الدول الأعضاء بما فيهم
الرئيس الإيراني ، وأكثر من ألفين وخمسمائة ممثل من
المنظمات غير الحكومية مما يدلل
على أهمية المؤتمر،والملفت
للاهتمام غياب التغطية
الإعلامية الكافية وكأنه مقصود
التعتيم على هذا المؤتمر. سبب
هذه المعركة خشية إسرائيل وواشنطن
والدول الأوروبية من إثارة
موضوعات تحرج الغرب وإسرائيل
كما جرى مع دربان 1 الذي عقد في
دربان في جنوب إفريقيا بين 31
أغسطس و8 سبتمبر 2001 بناء على
قرار الجمعية العامة للأمم
المتحدة رقم 52/111 لسنة 1997. ففي
ذاك المؤتمر أثيرت قضايا أحرجت
الغرب واستفزت إسرائيل مثل
أسباب العنصرية وأشكالها
وإجراءات التعويض عن أضرارها
كما أن مؤتمر دربان الأول أشار
في المادة 63 من الإعلان إلى "القلق
إزاء المحنة التي يعانيها الشعب
الفلسطيني تحت الاحتلال
الأجنبي" واعترف "بحق
الشعب الفلسطيني الغير قابل
للتصرف في تقرير مصيره وبناء
دولة مستقلة" وفي مادة 64 من
الوثيقة الختامية جاء "تحقيق
سلام عادل وشامل ودائم في
المنطقة" وفي المادة 65 جاء أن
الدول المشاركة في المؤتمر "تسلِّم
بحق اللاجئين في العودة الطوعية
لديارهم وممتلكاتهم بكرامة
وأمان" و "تحث جميع الدول
على تيسير هذه العودة.هذه قضايا
تعتبرها إسرائيل خطوطا حمراء
وتعتبرها الدول الغربية
وواشنطن تدخلا في قضايا سياسية
حساسة ليست من اختصاص المؤتمر. إذن
نشطت الدبلوماسية الإسرائيلية
والأمريكية بشكل رسمي وغير رسمي
و قبل أن تبدأ الأشغال
التحضيرية للمؤتمر من اجل تأليب
الدول والرأي العام وخصوصا
الأمريكي والأوروبي لمقاطعة
المؤتمر خشية من أن يصدر عن
المؤتمر قرارات كالقرارات التي
صدرت عن دربان 1 والتي نددت
بالعنصرية وبالممارسات
الصهيونية في فلسطين بل وطالب
بمحاكة إسرائيل على الممارسات
التي تقوم بها ضد الفلسطينيين
،ومن المعلوم أن المظاهرات
والأنشطة التي قامت أثناء
انعقاد دربان 1 كانت لا تقل عن
قرارات المؤتمر نفسها في
الأهمية وفي إثارة الرأي العام
العالمي ضد إسرائيل، وخصوصا أن
المؤتمر يجيء في وقت مازال
العالم فيه مستفز بشدة من
الممارسات الإرهابية لإسرائيل
في غزة وما أرتكب من جرائم
،والتخوفات الصهيونية أن تطرح
مجازر غزة على المؤتمر ويصدر عن
المؤتمر قرارات بمحاكمة
إسرائيل أو على الأقل اتهامها
بالعنصرية وربما مطالبة بإحياء
قرار قرار الأمم المتحدة رقم
3397 لعام
1975 والذي اعتبر الصهيونية شكلا
من أشكال العنصرية وهو القرار
الذي ألغته
الجمعية العامة للأمم المتحدة
بقرارها رقم
86/ 46 بتاريخ 16/12/1991 وللأسف
بموافقة غالبية الدول العربية،
أيضا توجد خشية من إثارة
ممارسات الجيش الأمريكي في
العراق وفتح ملفات التعذيب في
سجن أبو غريب وفي غوانتانامو
،والتمييز ضد الأقليات
والحريات الدينية الخ ،وبالفعل
فإن الوثيقة التحضيرية التي
كانت معدة لتقديمها للمؤتمرين
في جنيف كانت تتضمن إدانات قوية
لإسرائيل وللعنصرية والتمييز
العنصري وتعتبر إسرائيل دولة
احتلال عنصري. ومن
هنا استبقت إسرائيل و دول أخرى
الأمر وأعلنوا مقاطعة مؤتمر
دربان فيما واشنطن ودول الاتحاد
الأوروبي ضغطت لتغيير الوثيقة
التي ستُقدم للمؤتمر والتي تحمل
عنوان "متحدون ضد العنصرية:
الكرامة والعدالة للجميع".
ويبدو أن قوة المعسكر المناوئ
لعقد المؤتمر أو الراغبة
بالتخفيف من حدة قراراته كانت
اكبر من قوة المعسكر المدافع عن
حقوق الإنسان والمناوئ
للعنصرية والتمييز العنصري
،حيث المعسكر الأول جند قوة
الاتحاد الأوروبي ومؤسساته
وإعلامه والحركة الصهيونية
العالمية بتحالفاتها الدولية
وإمكانياتها المالية
والإعلامية
ومنظمات حقوقية وشخصيات
سياسية وإعلامية لمقاطعة
المؤتمر منها وثيقة من 1300 من
سياسيين وإعلاميين واقتصاديين
رفعها هؤلاء للحكومة
الألمانية مطالبين إياها
بمقاطعة المؤتمر ،بالإضافة إلى
التعتيم الإعلامي على المؤتمر
وهو ما نلمسه ليس فقط على مستوى
الإعلام و الفضائيات الأجنبية
بل والعربية أيضا ،أما المعسكر
الآخر وخصوصا العرب فتحركهم
محدود ومخجل، فباستثناء
الوثيقة التي وقعت عليها حوالي
خمسين من المنظمات الحقوقية
العربية وتطالب بأن تتضمن
الوثيقة التي ستصدر عن المؤتمر
إدانة لإسرائيل والصهيونية فلا
يوجد تحرك عربي جاد في هذا
الاتجاه. وللأسف نجحت الجهود
الأوروبية والأمريكية في تغيير
الوثيقة التي سُتعرض على
المؤتمر بحيث تم اختزالها
من 63 صفحة إلى 17 صفحة واسقط
منها أي إشارة لإسرائيل أو
للقضية الفلسطينية بشكل عام
وكذا الإشارة للتحريض الديني
،وهذا يعتبر تراجعا كبيرا عن
مقررات مؤتمر دربان 1 . في جميع
الحالات إن كان من المهم حضور
اكبر عدد من الوفود
الرسمية وغير الرسمية وأن
تصدر قرارات داعمة للقضية
الفلسطينية إلا أن الأهم هو
القدرة على تنفيذ القرارات أو
جعلها مؤثرة على سلوكيات الدول
وخصوصا على الكيان
الصهيوني،فلدينا ذخيرة من مئات
القرارات الدولية وبعضها من
مجلس الأمن وكلها تتحدث عن
الحقوق الفلسطينية وتدين
الممارسات الصهيونية ولكن
العرب لم يوظفوا هذه الذخيرة
لتشكيل جبهة ضاغطة على إسرائيل
وكان مصير هذه القرارات كمصير
قرارات القمم العربية حبرا على
ورق ،والخلل ليس في القرارات
نفسها ولكن في غياب الإرادة
والتصميم العربي على الاستمرار
قدما نحو تطبيق هذه القرارات
،وهنا اُذكِر بقرار محكمة العدل
الدولية بشان جدار الفصل
العنصري ونتساءل ما مصيره؟
ونذكر بقرار مجلس الأمن 1515 الذي
أشار إلى حق الفلسطينيين بدولة
مستقلة وغيرها من القرارات ،بل
ونذكر بقرارات دربان قبل ثمان
سنوات وما
مصيرها ؟.يبدو أننا كعرب لدينا
مشكلة في فهم الشرعية الدولية
وفي فهم قراراتها وآلية تنفيذها
وفي كيفية التعامل مع الرأي
العام العالمي بالإضافة
إلى غياب وحدة السياسة والموقف
عند المجموعة العربية ،وكما
اشرنا فإن قرار 3379 الذي يعتبر
الصهيونية شكلا من أشكال
العنصرية وهو أهم واخطر قرار
يصدر عن المنتظم الدولي في
إدانته ليس فقط للممارسات
الصهيونية بل وفي توصيف الوجود
الصهيوني ،هذا القرار ألغيَّ
بموافقة وتصويت غالبية الدول
العربية،ويبدو أيضا أن
الانقسام في الصف الفلسطيني
والخلافات العربية العربية
وتعارض الأجندة الإقليمية في
المنطقة كل ذلك أضعف من إمكانية
تشكيل جبهة فلسطينية عربية
إسلامية بموقف موحد يواجه
الموقف الأمريكي
الإسرائيلي،بمعنى ان خلافاتنا
الداخلية انعكست سلبا على
قدرتنا على التأثير في المحافل
الدولية.. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |