-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 26/04/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


"أوباما" في أنقرة وليس في القاهرة! .. لماذا؟

الطاهر إبراهيم*

المتابع لأخبار المنطقة العربية لا يجد أي صعوبة في الجواب على هذا التساؤل، فهو تحصيل حاصل. وإذا كنا كمسلمين لا نجد أي غيرة أو حسد لأن الرئيس الأمريكي الجديد اختار تركيا كأول بلد مسلم يزوره، إلا أننا نشعر بالحزن العميق أن لا تكون مصر هي البلد الذي ابتدأ به "أوباما" زيارته للمنطقة. مصر التي يحلو لكتاب القصة والرواية، حين تكون القاهرة مسرح أحداث رواياتهم أن يقولوا: "مصر أم الدنيا".

لا نريد أن ننبش في الماضي البعيد لكل من مصر وتركيا لنعرف لماذا اختار "أوباما" أنقرة وليس القاهرة؟ إذ يكفينا رصد الأشهر الأولى للعام 2009 الجاري حتى نجيب على "لماذا" هذه أعلاه، ففيها ما يكفي ويزيد للإجابة على التساؤل؟

عندما حاولت إسرائيل اجتياح غزة واقتلاع حماس منها، كان التمايز واضحا بين موقفي كل من مصر وتركيا من هذا الهجوم المبيّت. وإذا كنا لا نريد أن نشق على القلوب وننبش عن النوايا، فقد كانت تصرفات الحكومة المصرية اللينة تجاه إسرائيل وتصرف حكومة "أردوغان" الصلبة تجاهها ما يفصح عن البون الشاسع بين الحكومتين. وحتى نخرج من نطاق مقارنةٍ قد يظن البعض أن فيها شيئا من الانتقاص لهذه الدولة أو تلك، سنستعرض مواقف حكومة مصر ومواقف حكومة "أردوغان"، كل على حدة، "وبضدها تتميز الأشياء".

سنضرب صفحا عن إغلاق حكومة مصر لمعبر رفح قبل نشوب الحرب ونكتفي بفترة الحرب وما بعدها. فقد رفضت الحكومة المصرية فتح المعبر لدخول قوافل الإغاثة التي تكدست خارج معبر رفح من جهة مصر، بينما كان الفلسطينيون يتضورون جوعا، وبكاء الأطفال الرضع كان يختلط بأزيز الرصاص، لأنهم لا يجدون الحليب. كما كانت قوافل الأطباء العرب تتجمع أمام معبر رفح من جهة مصر، فلا يسمح لهم بعبوره ومشاركة إخوانهم أطباء غزة في مداواة جرحى آلة الحرب الإسرائيلية.

ومما يؤسف له أن تقوم إسرائيل بفتح جزئي للمعابر الأخرى التي تسيطر عليها، حتى لا يقال في  الإعلام العالمي أنها أقفلت هذه المعابر كليا في وجه قوافل الإغاثة والوقود. بينما أصرت حكومة مصر على إغلاق معبر رفح بصورة شبه كاملة إلا لفترات صغيرة لا تكاد تذكر، كأن المحصورين ما وراء المعبر حيوانات ضارية ينبغي إيصاد الأبواب في وجهها.

ويوم كان "عمر سليمان" يقود المفاوضات بين حكومة حماس وحكومة أولمرت لتحديد شروط

وقف إطلاق النار، كان الضغط المصري يتركز في اتجاه حماس لكي تقبل بشروط إسرائيل في ما يتعلق في المعابر. وعندما طارت وزيرة خارجية إسرائيل "ستيفي ليفني" إلى واشنطن والتقت "رايس" قبل ثلاثة أيام من انتهاء صلاحيتها في مبنى وزارة الخارجية الأمريكية، وتم بينهما اتفاق على وضع رقابة لمنع التهريب عبر الأنفاق من الجهة المصرية، ما يعني سحب البساط من تحت أقدام الوسيط المصري، فما عادت إسرائيل تحتاج هذا الوسيط. يومها رأينا وزير الخارجية المصري "أحمد أبو الغيط" يزمجر قائلا: نحن نرفض أي تفتيش فوق الأرض المصرية. وظهر الرئيس المصري بوجه عابس وهو يلقي باللوم على إسرائيل، لأنها أفشلت الوساطات التي عرضتها مصر لوقف إطلاق النار. لم يطل هذا الغضب المصري إلا ساعات ، حيث توافد زعماء أوروبا إلى شرم الشيخ تنفيسا للغضب المصري. لم ينس من حضر إلى شرم الشيخ أن يهاجموا الإرهاب ...إرهاب من؟ ثم لينتقلوا بعدها إلى "القدس الغربية" ليشربوا مع "أولمرت" أنخاب تدميره كل شيء في قطاع غزة، وربما رقص الضيوف مع مضيفهم الإسرائيلي على أنغام أشرطة "فيديو" تصور دمار غزة.

أما في تركيا فالأمر مختلف. فهي لم تنكر أنها حليفة للغرب، ولها علاقات مميزة مع إسرائيل. لكن على أرض الواقع، كان سلوك حكومة "رجب طيب أردوغان" مختلفا جدا. لو تذكرنا كيف أن الحكومة التركية في آذار عام 2003 ربطت موافقتها على طلب واشنطن عبور الآليات الأمريكية التي شرعت في غزو العراق بموافقة مجلس النواب التركي، الذي رفض الطلب بما يشبه الإجماع. وقدعملت مصر بخلاف أنقرة حين سمحت لحاملات الطائرات الأمريكية عبور قناة السويس متجهة إلى الخليج للحرب ضد العراق في عام 1991 وفي عام 2003.

ومع أن"أنقرة" كانت ترعى المفاوضات بين دمشق وتل أبيب، فقد أوقفتها مباشرة دون الرجوع إلى طرفي المفاوضات لأن إسرائيل شنت هجومها على غزة. وقد أكدت أنقرة أنها لن تسمح باستئناف المفاوضات ما لم توقف إسرائيل عدوانها وتنسحب من غزة وتفتح المعابر. لم توقف القاهرة وساطتها مع إسرائيل، وهي تعلم علم اليقين أن "يهود أولمرت" لن يسمح بفتح المعابر وإدخال المواد الغذائية والمحروقات ما لم يتم نزع سلاح المقاومين. ولو أن القاهرة أوقفت وساطتها لأحرجت "أولمرت" أمام العالم ولأعذرت إلى الفلسطينيين المحاصرين.

لقد كان موقفا شجاعا ما فعله "رجب طيب أردوغان" عندما انسحب من جلسة مؤتمر "دافوس" وأنه لن يشارك فيه ثانية، لأنه لم يعط الوقت الكافي ليرد على أكاذيب "شمعون بيريز". وكان موقفا مشهودا آخر، عندما رفض الرئيس التركي "عبد الله جل" الموافقة على تعيين "اندريس فوغ راسموسن" رئيس وزراء الدانمارك أمينا عاما لحلف "الناتو" بسبب موقفه المؤيد للرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم،إلا بعدما وافق الناتو على أن يكون نائب "راسموسن" تركيا. لقد كانت السياسة التركية حاضرة في معظم القضايا الإسلامية، من دون تهديد ووعيد. وعندما كثرت تهديدات طهران لدول الخليج الصغيرة، جاء الرئيس التركي ليلقى خطابا في مجلس الشعب البحريني في المنامة، كأنه يقول لطهران: نحن هنا.

لقد فقدت القاهرةخلال سنوات العقد الأول من القرن الحالي تأثيرها السياسي الدولي والإقليمي. فلم يكن لمصر أي تأثير في إيقاف العدوان على لبنان صيف عام2006. ولم يكن لها أي دور في إيقاف عدوان إسرائيل على غزة مطلع عام 2009. كما غابت مصر عن حضور قمتين عربيتين في دمشق وفي الدوحة. وبدلا من أن تكون فاعلة في شئون المنطقة العربية، رأيناها كيف تحصر نفسها في خصومة مع حزب الله ومع إيران من دون فاعلية.

هذا الاستعراض السريع يجعل المراقب يدرك أن مصر ليس لديها ما تؤثر به على واشنطن، كما تفعل أنقرة. ولم تكن تستطيع الوقوف في وجه ابتزاز واشنطن لها، كما كانت تفعل أنقرة، والناس عادة تحترم الخصوم الأقوياء أكثر مما تفعل مع المسايرين لهم. لذلك لم يشعر الرئيس الأمريكي الجديد "أوباما" أن هناك شيئا ينقصه يمكن أن تقوم به القاهرة. بعد ذلك لا بأس أن يقوم الرئيس المصري بزيارة واشنطن، ضمن القائمة الطويلة التي ستحج إلى واشنطن مثلما سيفعل غيره من زعماء المنطقة.

ــــــ

*كاتب سوري.  

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ