-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 27/04/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أمة نسيت أسراها!!

عبد الله قنديل

كم تقطعني المرارة وأنا أتنقل من نشاط إلى آخر، ومن فعالية إلى ثانية -خلال عملي في مجال الأسرى، والدفاع عن قضيتهم-، وأنا أرى ذات الوجوه هي هي التي تشارك وهي التي تتواجد باستمرار وفي كل مرة خلال الاعتصام الأسبوعي لأهالي أسرى قطاع غزة، وكم تقتلني ألف مرة صور الأطفال الذين يجيئون ولم يعرفوا بعد لماذا هم هنا، فكل الذي يعرفونه أن الصور التي يحملونها هي صور لشخص يسمى "بابا"، أما عن الأسباب، والحيثيات فلم يصدمهم الزمن بعد، لأنهم ما زالوا في عالم الطفولة البريئة، هم أدركوا معنى شهيد، وأدركوا أيضا لماذا وكيف وإلى أين، وأصبحت كلمة الجنة عند أطفال الشهداء كلمة يقولونها بكل فخر واعتزاز لاسيما بعد حرب الفرقان على غزة والتي كان من أبرز ثمارها هي زرع روح التحدي والمقاومة، بل والإصرار على المقاومة في نفس أصغر طفل فلسطيني، كيف لا وقد أصبحوا يرددوا "لما نستشهد بنروح الجنة".

اضطررت أن أبدأ بأطفال الشهداء، قبل الحديث عن أطفال الأسرى، فابن أو بنت الشهيد لديهم عقيدة أكاد أقول بأن الجبال لا تزحزحها من قلوبهم، ولعل تربية مجتمعنا تلعب دورا أساسيا ورائدا في ذلك.

لكن الحديث مع طفل أسير، والرد على أسئلته يعد ضربا من ضروب الصعوبة البالغة، فأن تقول له أن والدك أسير، أو معتقل، لا يمر مرور الكرام عنده، لتتوالى الأسئلة بعد ذلك.. ماذا يعني أسير، وأين أسير، وكيف أسير؟ وضعوا ما شئتم من أدوات الاستفهام، والصدمة الكبرى حينما يقول، متى سأراه.. حينها يكون والده يقضي حكما بالمؤبد" مدى الحياة"، ومعنى ذلك أنه لن يراه، والحالات في ذلك كثيرة، فعاصف عويضة كلاب نجل الأسيرة عويضة كلاب، اعتقل والده وكان عمره حينها أربعين يوما، ولقد تزوج قبل عام، ورزقه الله بطفل قبل أيام، وكل ذلك وهو حتى اللحظة لا يعرف عن والده إلا اسمه.

وإن مجرد الحديث عن القانون الإنساني، والاتفاقيات الدولية يعتبر بالنسبة لي نوعا من أنواع الملل، وأتمنى لو تسمح لي الفرصة ولو لمرة واحدة، وأن أقابل أحدا من الذين كتبوا هذه المواد، وطبعوا الآلاف المؤلفة من هذه الكتب، والمواثيق، لأسأله سؤالا واحد مفاده، ماذا تنظرون حتى اللحظة لبل ما كتبتم بالماء وشربه؟ وأعطيه بعض الصور من واقع أسرانا وذويهم في سجون الاحتلال.

وإن الحديث أيضا عن هؤلاء لا يعفي أمتنا مطلقا من مسؤولياتها، المسؤولين، الكبار والصغار، الغني والفقير، الإعلاميين والمثقفين، وهواة الإنترنت، وكل طبقات أمتنا لم تسمع بعد صرخات الأسرى، وحتى إن سمعت فهي منشغلة بسماع الموسيقى الكلاسيكية، وبالطرب لكل المتشدقين بالحفاظ على كرامة الأمة، وأنا لا أستوعب بالمطلق، أي كرامة لأي إنسان مسلم على شتى بقاع المعمورة، وأسيراتنا يقبعن في سجون الاحتلال في ظروف أقل ما يقال عنها بأنها بالغة السوء.

الأمة التي تتناسى وتتجاهل أسراها، أمة لا تستحق العيش بحرية وكرامة، وحسبي أنه إذا ما فقد أسرانا وأسيراتنا حرية الحركة والتنقل، فإن السواد الأعظم من أمتنا حكاما ومحكومين، فقد حرية الانتماء لدينه ولأرضه ولأمته.

أنا هنا لا أستجدي أحدا، ولا أستصرخ أحدا، بل لأشد على أيدي الذين يواصلون ليلهم بنهارهم، لجلب مزيد من الجنود والمستوطنين الصهاينة، ليكونوا زملاء لجلعاد في الأسر، كما كانوا زملاء في الخدمة العسكرية، ثم لأؤكد أن هناك الكثير من المخلصين في بلادنا العربية والإسلامية وحتى المغتربين العرب في بلدان أوروبا، الذين يشكلون معنا أداة قوية لفضح ممارسات الاحتلال بحق الأسيرات والأسرى، والذين لا يتوانون عن تقديم الدعم المادي والمعنوي.

بقي أن أقول وكالعادة، إن موعدكم بعد أيام قليلة مع الخطب الرنانة، والشعارات البراقة، حيث اقتراب يوم الأسير الفلسطيني، فالكل يسن لسانه لينبري خطيبا في قومه للحديث عن الأسرى، وكأنهم لا يذكرون الأسرى إلا في هذا اليوم.

بقدر ما يحمل مقالي من التشاؤم، بقدر ما تحمل روحي من التفاؤل، حيث أن عملية تبادل أحمد جبريل في الثمانيات، وعملية الوهم المبدد قبل سنوات، ما زالت حاضرة في الذهن، وإنني على يقين بأن من أتى بطائرة يستطيع أن يأتي باثنتين في المرة القادمة، ومن أتى بجندي من قلب دبابته يستطيع أن يأتي بمجموعة جنود في مرات قادمة، إن هذا هو الطريق، بعد أن نسيت الأمة أسراها وأسيراتها، ولا يوجد سبيل غيره وللأسف.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ