-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عبد
العزيز بو خرّوبة وَشْمٌ على
الأوراس الدكتور
عبد القادرحسين ياسين* مدن القبور،
عادة، لا تتسع لغير الأموات ، إذ
لا حياة فيها ، وعبد العزيز بو خرّوبة (أو،
سي عبد العزيز ، كما كانوا
ينادونه) لا يريد أن يكون أحد
ساكنيها وهو المطارد في
الأحياء الشعبية. لذلك استطاع
سي عبد العزيز الإفلات
من"وجوده الزائد" في الأحياء الشعبية وأزقتها
اللزجة المظلمة إلى حيث بدأت
أناشيد الحصاد وقطاف الزوابع المحروثة ذهباً. قبل ذلك
أطبقت الحيرة على تفكيره، وشعر
أن انفعالاً غريباً قام في نفسه وأخذ
يتساءل: "أما من
أحد يثور أو يتمرد؟ إن الأمر غير
مفهوم… ومع ذلك فما أبسط التمرد. ولكن لماذا
لا يتمردون؟ لماذا لا
يثورون؟ أهُم
خائفون؟ مم هم خائفون؟". وفي ليلة
باردة تسلل سي عبد العزيز مع
النهر الصغير حاملاً النار إلى الزمن البارد، وذهب مع من
اقتسموا رغيف الخبز الأسمر
الجاف، عبر سنوات الجمر السبع الملتهبة، تسبقهم طلقاتهم
الأولى التي اخترقت جدار الخوف
ومداميكه إلى قمم الأوراس الشماء في عام قطاف الزوابع
المحروقة. صعد عبد
العزيز مع
المناضلين إلى جبال الأوراس في
الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1954 ،
وعاد معهم في الرابع والعشرين
من أيلول (سبتمبر) عام
1962 حاملاً بشارة
انتصار ثورة المليون ونصف
المليون شهيد. ومنذ اليوم
الأول لإعلان التحرير أدرك
"سي عبد العزيز" العائد من الأوراس أن
معركة أشد عنفاً تنتظره ورفاقه
تتطلب خوض غمارها صيغ جديدة
للانتماء للوطن ، وهي
العمل من أجل إقامة الدولة
الديمقراطية الشعبية الجديدة،
وبناء اقتصاد وطني قوي ،
وتغطية كامل التراب الوطني
الجزائري بشبكة من المدارس
والمعاهد العليا والجامعات ، حدودها أفق
الأوراس وصخورها الأطلسية . ومنذ اليوم
الأول لانتصار الثورة
الجزائرية وذكرياتها ( بحلوها
ومرها) لم تبرح خياله،
والحقيقة ماثلة أمامه : قرار
الثورة الجزائرية الذي يحتفظ
بصيغته الثورية
الطموحة في كل ما يتعلق بالحياة
الاجتماعية والاقتصادية
والثقافية لأبناء شعبه
المناضل ، وهو القرار الذي يعطي
الثورة والاستقلال الوطني
مضامينها الإيجابية. وفيما يصنع
الشعب الجزائري اليوم خططه
الطموحة في
التنمية الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية
بالطريقة التي اختارها إنما يحقق طموحات
شعوب العالم الثالث في تعويض
مراحل التخلف واللحاق بالركب
الحضاري . " سي
عبد العزيز " صار وشماً على
الصخور الأطلسية والأرض
المعطاء المخصبة بحبات عرقه... إن
"الأرض"، في رأي سي عبد
العزيز، هي "القيمة الأساسية
والمحسوسة للشعوب المقهورة والمستعمرة [بفتح
الميم] لأنها تكفل الخبز
والكرامة لأبنائها " ... هكذا قال فرانز فانون في كتابة " The Wretched of the
Earth "المعذبون
في الأرض" ... وقد تيقنت ،
منذ أن كان
لي شرف التعرف على
" سي عبد العزيز ، أثناء
زيارتي الأولى للجزائر ، "
أنه بقدر ما يرتبط الثوري بما
يمكن تحقيقه بقدر
ما يكون ثوريا
بالمفهوم الصحيح . ========== * كاتب
وأكاديمي فلسطيني مقيم في
السويد . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |