-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 07/05/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أمريكا وخطر تفكيك باكستان

عوني صادق

جاء رضوخ الرئيس الباكستاني أصف علي زرداري فجر الاثنين، السادس عشر من شهر مارس/ آذار الماضي، عبر إعلان رئيس الحكومة الباكستانية يوسف رضا جيلاني لمطلب المعارضة، التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف، الموافقة على إعادة قضاة المحكمة العليا، الذين عزلهم الرئيس السابق الجنرال برويز مشرف، إلى مناصبهم وفي مقدمتهم افتخار شودري رئيسا. كان ذلك مؤشراً قوياً على ضعف الحكومة والنظام معاً. فالحل الذي تحقق لأزمة القضاة كشف عن حقيقة الوضع العام الهش الذي تعيشه باكستان بدلا من أن ينهى التوتر السائد، حيث ظهر بعدها أن هذه الأزمة لم تكن إلا غطاء للأزمة الحقيقية والتي كانت في مكان آخر، غير المحكمة العليا وقضاتها.

 

ففي غضون أسبوعين بعد حل أزمة القضاة، تصاعد التوتر في باكستان إلى نقطة تصادمت فيها أضلاع المثلث القوي الذي يتحكم في البلاد: الإدارة الأمريكية الجديدة، وحركة “طالبان باكستان”، والنظام الباكستاني. لقد أوصل هذا التصادم المراقبين إلى استنتاج خطير، وهو أنه في الوقت الذي تتركز فيه الأنظار على أفغانستان تتقرر فيه الأحوال في باكستان. وفي السابع عشر من شهر مارس/ آذار الماضي ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية أن المسؤولين الأمريكيين يضعون اللمسات الأخيرة على استراتيجيتهم الجديدة حيال أفغانستان، بعد تقرير قدمه المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان، ريتشارد هولبروك، مشيرة إلى أن الفضل في حل أزمة القضاة يعود لطرفين: واشنطن والجيش الباكستاني، وناسبة إلى هولبروك قوله: “إن المشكلة الحقيقية لا تزال موجودة”.

 

المشكلة الحقيقية التي أشار إليها هولبروك ليست سوى “ضعف شعبية زرداري” وتزايد قوة وشعبية “طالبان باكستان”. هذه المشكلة عبّر عنها الرئيس أوباما بطريقة غير مباشرة، ولكن بوضوح، حين عرض لاستراتيجيته في أفغانستان، حيث ظهرت من العرض خطة تخص باكستان أكثر مما تخص أفغانستان. تجلى ذلك عندما أكد في عرضه أن منطقة الحدود الباكستانية هي “المكان الأخطر في العالم” على الأمريكيين، محذراً الحكومة الباكستانية “إن لم تتصرف في المناطق التي يقبع فيها الإرهابيون، فإن الولايات المتحدة ستتصرف”، مؤكداً أن “مستقبل أفغانستان مرتبط بمستقبل جارتها باكستان”، في إشارة إلى الدور الذي يتوجب على إسلام أباد أن تقوم به في إطار “محاربة الإرهاب” في أفعانستان.

 

السؤال الذي يطرحه تحذير أوباما للحكومة الباكستانية هو: متى توقفت الولايات المتحدة عن التصرف، ومتى قصرت الحكومة الباكستانية في القيام بدورها في هذا الصدد؟ معروف أن الطائرات الأمريكية لم تتوقف عن قصفها للمناطق الباكستانية طيلة ولاية بوش الثانية ولا تزال، وكذلك الحكومة الباكستانية لم تأل جهدا في مساعدة الاستخبارات الأمريكية بل والاشتباك مع “طالبان باكستان” في عهدي مشرف وزرداري. لكن النتائج التي لم تكن مرضية كشفت عجز الاستراتيجيات الأمريكية من جهة، وتزايد عزلة النظام الباكستاني من جهة أخرى ونتيجة لتعاونه مع هذه الاستراتيجيات. ولا جدال أن مطالب أوباما وتحذيراته ستصب الزيت على النار وستزيدها اشتعالاً، والنتيجة الوحيدة المتوقعة لهذا كله هو تمزيق باكستان، بعد تحويله إلى ميدان واسع لممارسة العنف.

 

ويبدو واضحاً أن الغرب بعامة يؤيد الرغبة والسعي الأمريكيين لتفكيك باكستان، وفي المقدمة منه بريطانيا التي تجتهد بشكل جيد في مساعدة التحريض الأمريكي على باكستان. ففي مطلع إبريل/ نيسان الجاري بعد إلقاء الأجهزة

الأمنية البريطانية القبض على 12 مشتبهاً في “تدبير عمليات إرهابية”، نشرت الصحف البريطانية مقالات أجمعت على أن أمن بريطانيا رهن بعلاج ما وصفته بجذور المشكلة في باكستان التي وصفتها بأنها “مركز التهديد العالمي”. وقد قالت صحيفة (ديلي تلغراف  12/4/2009): إن “باكستان تبقى أكبر تهديد لأمن الغرب”، بينما رأت صحيفة (انديبندنت  12/4/2009) أن “أمن بريطانيا رهن بكبح جماح الإرهاب في باكستان”.

 

في هذه الأثناء، اتهم وزير العلوم والتكنولوجيا الباكستاني، محمد عزام خان سواتي، الولايات المتحدة بالسعي إلى تفكيك باكستان عبر تدمير جيشها وأجهزتها الاستخبارية، مضيفاً: إن كل شخص في الحكومة الباكستانية لديه هذا الاعتقاد. وعزا سواتي ذلك إلى إصرار أمريكا على تعاون الحكومة الباكستانية معها بغير حدود، مطالبا بوضع سقف لهذا التعاون. وفي الأيام القليلة الماضية وقع تطوران يحملان دلالات واضحة. التطور الأول، كشفت عنه صحيفة (ديلي تلغراف- 14/4/200) البريطانية. وأفادت بأن مقاتلي “طالبان باكستان” تحركوا مؤخراً إلى مناطق لا تبعد سوى ستين ميلاً عن العاصمة إسلام أباد، خارج منطقة وادي سوات، وتمركزوا في مناطق قريبة. وأضافت الصحيفة قائلة: إن المقاتلين اقتحموا ست قرى حيث وضعت قوات الأمن في حالة تأهب قصوى. وتعتقد الصحيفة أن “طالبان باكستان” تهدف بتحركها الأخير إلى قطع الطريق السريع بين إسلام أباد وبيشاور. يأتي ذلك في أعقاب تهديد لأحد زعماء القاعدة باحتلال العاصمة. وقد لجأت السلطات الحكومية إثر ذلك إلى تركيب بوابات للمدارس ونصبت كاميرات على الطرق، واتخذت إجراءات أمنية مشددة في المدينة وفي المناطق الدبلوماسية والقريبة من مبنى البرلمان.

 

أما التطور الثاني، فجاء يوم 13 إبريل/ نيسان الجاري على لسان رئيس الحكومة يوسف جيلاني الذي دعا زعيم المعارضة نواز شريف للانضمام إلى الحكومة للتعاون لمواجهة وإحباط “المؤامرات الشريرة” التي تتعرض لها البلاد.

إدارة أوباما مثلها مثل إدارة بوش، كل ما يعنيها أن “تهزم القاعدة”، وهي إذ فشلت في تحقيق ذلك في أفغانستان، قررت أن تهزمها في باكستان، وبالطبع لا يضيرها إن تفككت باكستان ثمناً لتحقيق النصر الأمريكي.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ