-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
البابا
وبان كيمون...عدالة مفتقدة! بقلم
: زياد ابوشاويش من
الطبيعي أن تحظى مواقف وتصريحات
كل من البابا والأمين العام
للأمم المتحدة باهتمام الناس في
مشرق الأرض ومغربها فهما يمثلان
نظرياً أرفع المناصب الدينية
والدنيوية المعبرة عن قيم الحق
والعدل والتسامح، فالأول هو رأس
الكنيسة الكاثوليكية بما تمثله
لغالبية المؤمنين بالسيد
المسيح ورسالته العظيمة إرساء
دعائم السلام والتسامح والعدل
بين رعاياه وتحمله خطاياهم
مصلوباً. والثاني
يتربع على عرش التوافق الدولي
حول ذات القيم التي ترسخت غداة
الحرب العالمية الثانية مجسدة
في منظمة دولية جامعة تعنى
بإقرار العدالة ومنع الظلم بكل
أشكاله الأمر الذي وثقته
أدبياتها المتعددة وتم إقراره
في ميثاقها الشهير. المعروف
أن الدول الغربية عموماً وبعض
الدول والساسة الموالين لها
فكراً أو مصلحةً يساندون الدولة
العبرية ظالمة أو مظلومة
ويقدمون لها كل وسائل الدعم
المادية والمعنوية وقد تحدثنا
وغيرنا كثيراً حول المعايير
المزدوجة في النظرة للقضية
الفلسطينية والصراع العربي
الصهيوني واستمعنا لتبريرات
لهذه المواقف ولتلك النظرة
الخاطئة للمسألة برمتها، وقد
تجد من يفسر لك الأمر باعتبارات
متعددة أهمها أن الطرف العربي
لم ينجح حتى اليوم في تفنيد
دعاوى الكيان الإسرائيلي أو في
تسويق حججه وبراهينه على صوابية
وعدالة موقفه. أمريكا
وأوروبا وغيرها من الدول تحكمها
مصالح وأفكار وتركيبة سياسية
وإعلام يجعل أي موقف منصف تجاه
القضية العربية وضد إسرائيل
أمراً صعباً ومكلفاً لصاحبه،
وهذا موضوع بات مفهوماً ولا
إمكانية لتغييره سوى باستخدام
ذات العناوين وهي المصالح
والأفكار. فيما
يتعلق بالحبر الأعظم والسيد بان
كيمون المفروض أن الوضع مختلف
بشكل نوعي حيث لا مجال لكليهما
سوى الالتزام بمنطلقات وتعاليم
المؤسسة التي يمثلها وعليه تقع
مسؤولية البحث عن الحقيقة في
تلافيف القضايا الدولية التي
يواجهها كالقضية الفلسطينية
وغيرها ومن ثم لا عذر لهما في
ارتكاب أي أخطاء أو تجاوزات
لحدود ما يمثلان من قيم كبرى
بنيت عليها ولا تزال كل الحضارة
البشرية والتقدم الإنساني. أعتقد
وربما الكثير غيري أن الرجلين
تجاوزا تلك الحدود وارتكبا
أخطاء بحق القيم والمبادىء التي
يمثلها كلاهما في موقعه بسلوك
ذات المعايير المزدوجة في
التعامل مع القضية الفلسطينية
والصراع العربي الصهيوني ولم
يسلكا طريق الحق والعدل التي
أرساها السيد المسيح لرعيته ولا
ميثاق الأمم المتحدة ووثيقة
حقوق الإنسان التي أجمعت عليها
البشرية. البابا
بندكتوس السادس عشر وبغض النظر
عن عدم اعتذاره عن ربط الإسلام
بالعنف والإساءة للرسول محمد
عليه الصلاة والسلام في محاضرته
الشهيرة قبل ثلاثة أعوام، وبغض
النظر عن بعض كلماته المرفوضة
بحق العرب والمسلمين أضاف أمراً
يجب أن لا يمر دون أن نشير له
باعتباره تحيزاً مزعجاً
وتمييزاً مرفوضاً في برنامج
زيارته للمنطقة التي بدأت من
عمان يوم الجمعة الثامن من مايو(آيار)
الجاري حين تحدث في كلمته (بعد
خطاب الملك عبد الله الثاني
للترحيب بقداسته في حفل
الاستقبال الكبير الذي أقيم له
في المطار) متجاهلاً فيها للأسف
أي حديث عن معاناة الشعب
الفلسطيني أو محرقة غزة أو حتى
زيارة بعض المناطق للإطلاع على
حجم الظلم الذي تمارسه سلطات
الاحتلال الإسرائيلية سواء في
الضفة الغربية أو في غزة
المحاصرة والتي يموت فيها
المرضى بسبب انعدام الدواء
وإغلاق الحدود. وإلى
هنا قد يبرر بعض مرافقيه وأركان
الكنسية الكاثوليكية بأن ذلك
يعود لكون الزيارة ذات طابع
ديني وأنه يزور المنطقة كحاج
مسيحي باعتباره البابا وليس
رئيس دولة الفاتيكان وربما كان
ممكناً تصديق تلك المبررات لولا
أن هذه لم تحل بينه وبين الدعم
السياسي والمعنوي للكيان
الصهيوني بزيارة النصب
التذكاري للمحرقة (وهي ليست
مزاراً دينياً) كجزء من برنامج
زيارته الحالية للمنطقة ولا
حديثه عن موت النبي موسى عليه
السلام الذي وقف على أحد جبال
المنطقة الشرقية لنهر الأردن
قبل ذلك ناظراً إلى غرب النهر
باعتبارها الأرض التي سيسكنها
قومه من اليهود في إشارة غير
لبقة لحق اليهود في استيطان تلك
الأرض حسب وصية موسى وهو ما جاء
على لسان البابا حرفياً في رده
على خطاب الترحيب الأردني، كما
أن زيارة حائط البراق أو ما يسمى
حائط المبكى بخلاف نصب المحرقة
المزعومة لا يخرج عن التعبير
السياسي، ويبقى السؤال مشروعاً:
لماذا يحترم البابا طبيعة رحلته
ويجعلها دينية حين يتعلق الأمر
بمطالب عربية تجاه حقوقنا
المغتصبة بينما يتجاهل تلك
الطبيعة للزيارة حين يتعلق
الأمر بإسرائيل وأمنها
وادعاءاتها؟. وفيما
يخص السيد كيمون أمين عام الأمم
المتحدة فقد أمر الرجل بطي ملف
الاعتداءات الإسرائيلية
الوحشية على غزة بما في ذلك
تقرير اللجنة الدولية للتحقيق
في اعتداءاتها على مقرات تعود
للمنظمة الدولية، التقرير الذي
كان محصلة لتحقيق واسع ومدقق
وأدان دولة الاحتلال بتعمدها
قصف تلك المقرات والمواقع
واستهداف المدنيين فيها ناهيك
عن حرق وتدمير محتوياتها من
أغذية وأدوية وخلافه من المواد
التي تقدمها المنظمة للاجئين
الفلسطينيين بقطاع غزة. اللافت
في الأمر أن مجلس الأمن الدولي
وبسبب المعايير المزدوجة التي
تحدثنا عنها ومواقف الداعمين
للكيان الصهيوني كأمريكا
وبريطانيا وغيرهما عجز عن اتخاذ
قرار منصف بشأن تلك الاعتداءات
وذلك التقرير، لكن اللافت بشكل
أكبر ويوضح حجم الخلل في سلوك
وموقف الأمين العام أنه اتخذ
قراره بطي الملف والتقرير بعد
أن وبخه رئيس دولة الكيان
العنصري الصهيوني شيمون بيريز
في لقائهما الذي جرى يوم الخميس
7 / 5 وهاجم فيه المنظمة الدولية
واصفاً إياها بالتحيز والعداء
لدولة اسرائيل على حد زعمه. في حالة
البابا ليس من العدل أن يتجاهل
نيافته حالة الشعب الفلسطيني
الذي بقي من دون سائر الشعوب
مشرداً عن وطنه وتحت الاحتلال
ولا يتحدث عن حقه في العودة
لوطنه أو نيل الحرية كباقي
الشعوب، ونذكر قداسته أن قول
الحق يمثل جوهر الديانة
المسيحية السمحاء. وذات
الأمر ينطبق على السيد بان
كيمون الذي يجب أن يقال له أن
العدالة والحق لهما وجه واحد
ولغة واحدة ليس من مفرداتها كتم
الحقيقة أو تجاهلها. يبقى أن
نشير إلى أن نقدنا للرجلين لا
يعني تجاهلنا للدور الكبير الذي
يلعباه في الشؤون الدولية
والإنسانية ولا استخفافاً بما
يقدمه الرجلان خيراً وهداية
للبشرية، لكننا أردنا أن يكملا
طريق الحق ليشملنا ولردع
العدوان الإسرائيلي المستمر
علينا، وأيضاً لحث العرب شعوباً
وحكومات على اتخاذ موقف حازم
ورصين تجاه أي افتئات على
حقوقهم أو تجاهل لها. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |