-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 16/05/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


فقه التغيير - 13

ومن الأنانية تأتي الشمولية

د. خالد الأحمد

الأنانية تدفع إلى الفردية ، وهي تخلف في النمو النفسي ، ونقص في إشباع توكيد الذات في الطفولة المبكرة ، والأنانية كذلك تسبب الإقليمية ، والطائفية ، وكلاهما من الأمراض الاجتماعية المعشعشة في كثير من المسلمين المعاصرين ، والمرض الأخير الذي تنتجه الأنانية ( الشمولية ) .

الشمولية هي سيطرة حزب واحد على المجتمع ، كما كان الحال في الاتحاد السوفياتي ، وكما هو الحال في عدد من البلدان العربية والإسلامية ، حيث يكون للحزب مكانة قيادية يضمنها الدستور الذي يضعه قادة الحزب بعد أن يتسلموا السلطة ، ويجعلونه قائداً للدولة والمجتمع ، وترى أن ( الفراش) العامل في المدرسة أو أية دائرة حكومية أو مصنع ، وحتى الوزير يجب أن يكون حزبيين ، وبذلك تجد عدداً من المدرسين المهرة ذوي الخبرة ، تخرج تلاميذهم ، وحصلوا على الإجازة الجامعية ، وعينوا فوراً مدراء للثانوية التي تخرجوا منها ، ومازال أساتذتهم الذين درسوهم يعملون فيها ، فصار الطالب رئيساً والمدرس مرؤوساً ... والسبب الوحيد أن ذلك الطالب الذي صار مديراً منتسب للحزب القائد في الدولة والمجتمع ...

وتؤدي هذه الشمولية إلى انخراط كثير من المواطنين في الحزب من أجل لقمة العيش ، وتكثر فيه الانتهازية التي تدمر الأخلاق والمجتمع ، ونعرف كثيرين حصلوا على الإجازة الجامعية في الستينات الميلادية ، ولم يقبلوا مدرسين في بلدهم لأنهم ليسوا من الحزب القائد ، فهاجروا للعمل في دول الخليج ...

و الشمولية صفة تطلق على نظم الحكم الذي يتسم بقدر هائل من المركزية ومن التحكم السلطوي في كل أوجه الحياة في المجتمع ، سياسية واجتماعية واقتصادية وفكرية على حد سواء ، بحيث تضحى الدولة هي المصدر الوحيد للشرعية ، فنظم الحكم الشمولية لا تسمح بوجود مؤسسات تتمتع ولو بقدر من الاستقلال ، فقيام هذه المؤسسات أصلاً أو ممارسة المؤسسات القائمة بالفعل لنشاطات ذات طابع اجتماعي أو سياسي مرهون بتصريح من الدولة ويكون تحت رقابتها المشددة ، فأهداف ونشاطات وعضوية أي مؤسسة تخضع لرقابة النظام وتحكمه .

وكثيراً ما يثار السؤال عما إذا كانت الشمولية تختلف عن نظم الحكم الديكتاتورية التقليدية مثل الاستبداد أو الطغيان أو الأوتوقراطية ، والواقع أنه من زاوية المصطلح البحتة فإن كلمة "شمولية" ظهرت في فترة ما بين الحربين العالميتين لتطلق على وجه التحديد على نظام الحكم الفاشي في إيطاليا ونظام الحكم الاشتراكي القومي في ألمانيا ، ونظام الحكم الستاليني في روسيا ، ويرى العديد من المفكرين السياسيين أن الشمولية أكثر ديكتاتورية من أي من نظم الحكم الديكتاتورية التقليدية ذلك أنها كظاهرة خاصة بالقرن العشرين استفادت من التكنولوجيا المتطورة التي تميز بها هذا العصر ، فوظفت أساليب الدعاية والاتصال والتنظيم الحديث لتجعل منها وسائل لامتلاك قدرات هائلة على ممارسة تحكم شامل وسيطرة كاملة على حياة وأفكار كل مواطن بصورة لم يسبق لها مثيل في التاريخ .

وضد الشمولية التعددية وهي لازمة من بدهيات الديموقراطية، وقد جاء في المشروع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا ما يلي :

 ((يتكون النسيج الاجتماعي السوري من أكثر من عشرين مجموعة من الطوائف الدينية والعرقية، وتنظر الجماعة إلى هذا التنوع على أنه يمكن أن يكون عامل قوة وغنى، وليس عامل تفتيت.

ترى الجماعة أن التعامل مع التنوع العرقي والطائفي يقوم على عدة مبادئ:

1-  احترام حرية العقيدة والعبادة التي كفلها الإسلام بشكل بين وجلي (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي).

2-  الاعتراف بالخصوصيات العرقية والدينية والمذهبية والثقافية.. لكلّ شرائح المجتمع السوري، في إطار الوحدة الوطنية.

3-  تعميق روح الحوار والتسامح والانفتاح على الآخر والتأكيد على أن لكل طائفة الحق في الاحتفاظ بمعتقداتها الخاصة، وأن يكون لها دورها الوطني الأصيل.

4-  التوازن في النظرة إلى التدين والطائفية.. فالتدين نزعة أصيلة في النفس البشرية، والتزام بعبادات وسلوكيات وقيم إنسانية رفيعة، وتواصل مع الآخر، وحوار معه، في حين أن الطائفية تعصب وانغلاق وخوف من الآخر، وكره له, وهي من آثار غياب الفهم الصحيح للدين ، لا أثرٌ من آثار التدين.

5-  تعميق روح المواطنة، واعتماد مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات، وكذلك اعتماد مبدأ الكفاءة وتساوي الفرص أمام جميع المواطنين[1] للمشاركة في مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية والتعليمية والعسكرية والأمنية.

وجاء في المشروع صفات الدولة الحديثة التي يريدها الإخوان فقالوا ومن صفات هذه الدولة :

 (( التعددية:  تتباين فيها الرؤى، وتتعدد الاجتهادات، وتختلف المواقف، ضمن إطار الشرعية الدستورية التي يقرّها المجتمع بإرادته الحرة، وتقوم فيها قوى المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني بدور المراقب والمسدد والحامي للحرية لمنع تغوّل السلطة التنفيذية وأجهزتها على حياة الناس، وانجرافها إلى دائرة الاستبداد ومستنقع الفساد.

التداولية: تكون فيها صناديق الاقتراع الحر النزيه أساسا لتداول السلطة بين أبناء الوطن جميعاً دون تسلط أو إراقة دماء )).

وهكذا يتضح أن الشمولية نظام أناني متخلف ، وأن التعددية هي صفة الأنظمة الديموقراطية التي نبذت الشمولية ، ورمتها في مزابل التاريخ ....

ويجب أن يكون نبذ الشمولية ، والإيمان بالتعددية السياسية بدهية لدى العاملين في الحركة الإسلامية ، كما يجب نشر هذا الفكر لدى الشباب ، ويجب ممارسة التعددية عندما يشارك الإسلاميون في أي حكم ...

ــــــــ

(1) في البيان الذي تقدم به السباعي - رحمه الله - إلى لجنة الدستور في المجلس التأسيسي (الذي تحول إلى البرلمان السوري) بتاريخ 21/3/1369ه، 8/2/1950م  جاء اقتراحه بإضافة المادة التي تنص: ((المواطنون متساوون في الحقوق، لا يحال بين مواطن وبين الوصول إلى أعلى مناصب الدولة بسبب الدين أو الجنس أو اللغة).

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ