-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 18/05/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


فقه التغيير  - 15

سوريا في عقد الخمسينات

د. خالد الأحمد

نتمنى لو نعود في سوريا كما كنا في عقد الخمسينات من القرن العشرين الميلادي، ونتمنى لو يطبق علينا دستور (1951) الذي أعده مجلس النواب، وكان رئيس لجنة الدستور الشيخ مصطفى السباعي يرحمه الله ...فماهي المظاهر الإيجابية يومذاك ؟ بعد أن غير السوريون أنفسهم في الأربعينات، وسيطرت الروح الوطنية( الجماعية ) وضعفت الروح الفردية ( الأنانية )؛ فغير الله حالهم من بلد مُستعمَر إلى بلد مستقل، تنعم بذلك الاستقلال خلال عقد الخمسينات ...

 

1-        كان الشعب السوري يعيش في ظل حكم ديموقراطي، فيه انتخابات حقيقية، أو قريبة جداً من الواقع، ينبثق عنها مجلس نيابي، يجمع أحزاب سوريا كلها، دون إقصاء لأحد، فكان الشيخ مصطفى السباعي أمير الإخوان المسلمين، وكان الأستاذ خالد بكداش زعيم الشيوعيين، وكان الأستاذ أكرم الحوراني زعيم البعثيين، وكان عدد آخر من القيادات الاجتماعية المستقلة ...كانوا تحت قبة البرلمان يتناقشون ويتحاورون ويتنافسون في خدمة الشعب السوري .

2-        كانت الحكومة مشكلة من أحزاب سوريا، كما هي في مجلس النواب، يتنافس الوزراء في تحقيق الخير لسوريا بشكل عام، ولحزبه بشكل خاص أيضاً ...

3-        كان مجلس النواب ينتخب رئيس الجمهورية، وكان الأستاذ شكري القوتلي رئيس الجمهورية السورية يومذاك، وكلنا نعلم أنه ترك كرسي الرئاسة، وسلمه لجمال عبد الناصر حرصاً على الوحدة العربية أمل الجماهير العربية يومذاك، كما نعلم أن شكري القوتلي توفي في أحد مشافي بيروت، وعجز أولاده عن تسديد نفقات المستشفى، فسددها الملك فيصل بن عبد العزيز يرحمهما الله تعالى ...

4-        كانت الصحافة الحرة موجودة في سوريا، صحف للحزب الشيوعي، وصحيفة للأخوان المسلمين، وصحيفة أو أكثر للبعثيين، ناهيك عن وجود مكاتب لهذه الأحزاب في كل محافظة، لأن حرية العمل السياسي كانت مكفولة ....

5-        لا أحد يعرف في سوريا سجناء سياسيين يومذاك، وأول مرة نسمع بمصطلح مباحث ( المكتب الثاني في أواخر عهد الوحدة )، وكنا نستغرب أنهم شرطة بلباس عادي كي لا يعرفون ... بل كانت السجون نادرة وقديمة منذ عهد الانتداب الفرنسي أو العثماني ...

6-        كان الخير يطمر الشعب السوري – كما يقال – وسأذكر لكم بعض الأسعار التي أذكرها [ كنت طالباً في الإعدادية أدرس في مدينة حماة منذ 1958، لأن المدارس الإعدادية يومذاك موجودة في المدينة فقط  مركز المحافظة  ] :

كان ( الفرنك ) و ( نصف الفرنك ) أحياءًً يرزقون يومذاك، وكنت أشتري سندويشة فلافل حبة واحدة مع قطعة بندورة ودهن باللبن مع الخبزة كل ذلك بفرنك واحد ( خمسة قروش سورية، والليرة السورية مائة قرش أو عشرون فرنكاً) ....كنت أستأجر غرفة واحدة عند أسرة فقيرة ب (13) ل.س شهرياً ...كان مصروفي الأسبوعي( النثريات) ليرة سورية واحدة ...وكنا نأكل الكباب (200غ) مع الخبز وسلطة متواضعة ب (60) ق.س فقط ... كنا ندخل السينما بربع ليرة سورية، ولا أنس أنني رأيت سيارة ( فولكسفاكن ) نسميها الزحلفة جديدة في المحل مكتوب عليها ( 8600) ل.س فقط ...ومما أذكره عن جارنا يرحمه الله وكان حمالاً عنده حمار ينام في (بايكة ) عند مدخل الدار، يقود حماره صباحاً بثياب العمل المرقعة ويذهب إلى سوق الهال ( الخضرة ) وهناك يحمل للناس أمتعتهم، حتى الظهر أو قبل الظهر، فيكسب خمس ليرات ( معدل يومي )، وكانت تعادل دولارين، يعود إلى بيته مع الطبخة بما فيها اللحمة والفاكهة، وشعير الحمار، وفي العصر أراه يخرج من البيت يلبس ( الدشداشة ) والشماخ الأزرق والعقال، والكندرة ( كسر ) وبيده السبحة وكأنه أمير، يذهب إلى المقهى يجلس مع أصحابه يشربون الشاي ويلعبون الطاولة والورق ويتحدثون في السياسة ..... ولابد من القول أنه وحده في الأسرة من يعمل، والبنات يتعلمن عند الخياطة، والأم متفرغة لأطفالها الصغار في البيت ....

 

هكذا كان الشعب الفقير يعيش في سوريا، أما من وسع الله له في الرزق فلك أن تتصور كيف كانت حياته يومذاك مع ذلك الرخاء ...الذي بقيت آثاره حتى عقد الستينات حيث بدأت العمل في محافظة الحسكة في (2/10/1965)، وكان أهل القرية لايصدقون أن راتبي الشهري (300) ل.س  [ فيه بدل مناطق نائية ]، لأن هذا المبلغ كبير جداً يومذاك، حيث للنقود قيمة كبيرة يومها، وبعضهم يجادلني أنه (300) في السنة، وأنا أؤكد له في الشهر ....

هكذا كان الرخاء في سوريا خلال الخمسينات، وامتد أثره حتى الستينات، ثم حصل ما تعلمون ....

وحسب فهمي عقد الخمسينات تغيير إيجابي جاء به الله عزوجل، لأن الشعب السوري في الأربعينات غير نفسه وذابت أناه الفردية في الأنا الجماعية، وسيطرت الروح الوطنية ( الجماعية ) وأسهم الجميع في الثورات ضد المستعمر الفرنسي، ثم انتهى الرخاء الذي ساد في الخمسينات، وبقيت آثاره حتى الستينات .... ثم حصل ماتعلمون !!!

فما الذي فعله الشعب السوري حتى غير الله حاله من الرخاء إلى الشدة والضنك ؟؟؟.  

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ