-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 27/05/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الجولان السوري العريق الجريح

بين الواقع والمأمول

الأستاذ: حمدادو بن عمر*

توطئة:

تقع مرتفعات الجولان في القسم الجنوبي الغربي من الجمهورية العربية السورية. وتبلغ مساحة هذه المنطقة 1850 كيلومتر مربع، وتضم مناطق جبلية تصل بعضها الى ارتفاع 2880 متراً عن سطح البحر وهي الارض السورية المتاخمة لفلسطين ولبنان والاردن. إن وجود الاحتلال بحد ذاته جريمة كبرى بحق من يقع تحته ، ناهيك عن الممارسات غير الانسانية والتي تتنافى مع حقوق الانسان والاتفاقات والمواثيق الدولية خصوصا اذا كان المحتل هو اليهود التي تتعامل معها كل  الدول القوية والمتحكمة بمصير العالم بكل التأييد والدعم..

رغم كل ما يستعمله الاحتلال  اليهودي من أساليب وحشية، واحتلاله الاستيطاني الذي يهدف من ورائه إلى السيطرة على قدرات المناطق المحتلة، بواسطة إقامة مستعمرات استيطانية، تسيطر على الأرض ومصادرة المياه، والمواقع السياحية، التي يستغلها لمصلحة المستوطنين، ابناء الدولة المحتلة، وتحرم منها اصحابها الاصليين، ابناء المنطقة، الذين ولدوا وعاشوا فيها، واليهود هي النموذج الوحيد المتبقي على سطحح الكرة الارضية بعد تحرر جنوب افلايقيا كاستعمار استيطاني، وهذا هو الاحتلال الذي نعانيه في الجولان السوري وفلسطين وما تبقى من اراضي لبنانية في مزارع شبعا تحت الاحتلال.

إن تأثر الجولان السوري العريق في بدايات القرن العشرين بالتغيرات السياسية التي حصلت نتيجة للأطماع الإستعمارية الأوروبية في الشرق العربي. فبعد إنهيار الإمبراطورية العثمانية وقع الجولان (كباقي أراضي سوريا) تحت سيطرة الإستعمار الفرنسي. وقد شارك سكانه بصورة فعالة في النضال العربي العام من أجل الأستقلال وطرد الإحتلالين العثماني والفرنسي.

 

حرب عام 1967 واحتلال الجولان:

نتيجة لعدوان حزيران حقق اليهود أهدافهم التوسعية التي لم يستطيعوا تحقيقها قبل إقامة الدولة العبرية بالوسائل الدبلوماسية. فاحتلت ما مساحته 1250 كيلومتر مربع من مرتفعات الجولان السورية التابعة لمحافظة القنيطرة، من ضمنها عاصمة المحافظة، مدينة القنيطرة. وفي حين أن دولة اليهود لم تستطع أن تهجر غالبية السكان الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 كما فعلت في عام 1948 فقد نجحت بتهجير عشرات آلاف السوريين من الجولان. وزير الدفاع اليهودي في حينه موشيه ديان أمر قواته بطرد كافة السكان الذين تجدهم القوات اليهودية في قراهم. ولم يتبق بعد الحرب من أصل 139 قرية و 61 مزرعة ومدينتين، سوى ستة قرى هي مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنيا والغجر وسحيتا حيث بلغ عدد سكانهم 6396 نسمة, معظمهم التجأوا وقت الحرب الى قرية مجدل شمس المحاذية لجبل الشيخ.

ودائما مع تعسفات سلطة الاحتلال اليهودي تمنع اليهود عودة المهجرين السوريين الى قراهم قام الجيش اليهودي بنشر قائمة تتضمن أسماء القرى التي هجر سكانها وأعلنت بان هذه القرى منطقة عسكرية مغلقة، وأن أي شخص يحاول الدخول لهذه القرى سيحكم عليه بالسجن الفعلي لمدة خمس سنوات وغرامة مالية كبيرة. وقد أوضحت اليهود بشكل قاطع أن كل من يحاول العودة لمكان سكناه ستطلق عليه النار. وقد شمل هذا التحذير السكان الذين لم يتم تهجيرهم، وفي احدى الحالات المعروفة لنا قام الجنود اليهوديين بإطلاق النار وقتل المواطن مهنا ابراهيم، احد سكان مسعدة عندما حاول العودة الى بيته، بعد أن لجأ الى مجدل شمس خلال الحرب. ان افرازات هذا العدوان الغاشم قد ادى الى احداث مشكلة انسانية في الجولان، اذ انقسمت نتيجة الحرب والاحتلال، العشرات والمئات من الاسر الجولانية، بين الجزء المحتل من الجولان،  وبقية مناطق الوطن الام سوريا، وهناك العديد من الاسر لم تلتق افرادها منذ العام 1967. وهم محرومون من زيارة اهليهم ان كان ذلك على ارض الجولان او في مناطق تواجد ابناء الجولان الذين يعرفون " بالنازحين"، وسلطات الاحتلال اليهودية، تمنع الأب او الام او الابن، من التقاء بعضهم البعض، الامر الذي يتنافى مع كل الاعراف والمواثيق الانسانية والدولية.

وفي 14 كانون الأول من عام 1981، اتخذت الكنيست اليهودي قرارا بضم الجولان تحت اسم "تطبيق القانون اليهودي المدني على هضبة الجولان"، أبرز هذا القانون بشكل قاطع السياسة اليهودية القائمة على التوسع والهيمنة، وهو قرار الضم الثاني بعد القرار الاول بضم القدس. حيث دمرت وهدمت عشرات القرى والمزارع والتجمعات السكانية، بما فيها وعليها من بيوت ومنازل ومقدسات، لتحولها الى مزارع يستثمرها المستوطنين. حيث بلغ عدد  المستوطنات الآن 33 مستوطنة يعمل معظم سكانها في الزراعة وتربية الحيوانات، وقسم من المستوطنين يعملون بالخدمات والصناعة، ويقدر عدد المستوطنين في الجولان الآن بـ 18 الف مستوطن (بما فيهم المهاجرون الجدد). اضافة الى مصادرة السلطات اليهودية للمياه في الجولان ومنحها مجانا الى المستوطنين، وحرمت السكان الاصليين من تلك المياه.

 

ممارسات الاحتلال  وتأثيرها على السكان السوريين في الجولان المحتل:

رغم تلك الاتفاقيات ( اتفاقية جنيف)  التي تلزم سلطات الاحتلال بتطبيق انظمة وقوانين الدولة صاحبة الارض، إلا أن الاحتلال حالة مؤقته. فمنذ الايام الاولى للاحتلال باشرت القوات اليهودية بفرض سياسة قمعية قي الجولان ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق المدنين قي الاراضي المحتلة. ومن بين أهم تلك الممارسات:

1- فرضت الضرائب الباهضة على ابناء الجولان بهدف اضعافهم اقتصاديا، وربطهم باقتصاد دولة الاحتلال .ولم تكتف سلطات الاحتلال اليهودية بذلك.

2- فرضت على ابناء الجولان مناهجها التعليمية بما يتناقض ليس فقط مع المواثيق الدولية وانما ايضا مع تراثنا الحضاري والثقافي والادبي والانساني.

3- طرد السكان وتدمير قراهم والاستيلاء على ممتلكاتهم  واراضيهم بالقوة.

كما ذكر سابقا فقد طردت قوات الاحتلال ما يقارب 124 الف مواطن سوري (يقدر عددهم الآن بحوالي 450 الف نسمة) من الجولان وهدمت قراهم البالغ عددها 134 قرية ومدينة. وقد قامت سلطات الاحتلال بالسيطرة على الارض (95% من ارض الجولان) وتحويلها الى مواقع عسكرية, وحقول الغام ومستوطنات مدنية، بعد ان هدمت القرى واخفت معالمها.

4- اقامت المستوطنات في الجولان بشكل منافي لاتفاقية جينيف.

5- صادرت اليهود المياه ومنعت السكان العرب من الاستفادة منها، مثل: مياه نهر بانياس الذي يعطي 145 مليون م3، في السنة، وبحيرة مسعدة التي تخزن 7000 مليون م3 في السنة.

6- نشر حقول الالغام والمواقع العسكرية داخل القرى العربية، وبين البيوت.

حيث لم تتورع سلطات الاحتلال من نشر تلك الالغام في محاذاة البيوت وداخل القرى السكانية دون الاخذ في عين الاعتبار سلامة وامن المواطنين والاطفال، حيث دفع  ما يقارب (45 مواطنا) حياتهم ثمنا لتلك الالغام، اضافة الى جرح واصابة العشرات من المواطنين، ادت الى اصابتهم بعاهات جسدية ونفسية واجتماعية. حتى فقد معظمهم اجزاء من اجسادهم واصبحوا عالة على مجتمعهم وذويهم.

7- منع المواطنين السوريين في الجزء المحتل من التواصل مع اهلهم وذويهم، وزيارتهم في  باقي اجزء الوطن.

8- ضم الجولان وفرض القوانين اليهودية الإدارية والمدنية والقانونية على سكان الجولان السوريون.

إن وجود احتلال في منطقة ما يفرض بالضرورة مقاومة، والمقاومة للاحتلال عملية مشروعة، اقرها التاريخ الانساني، رغم انف اليهود والولايات المتحدة، ومن لف لفهم، وهم يحاولون عبثا وصف المقاومة بالارهاب، لتشويه صورة المقاومة الفلسطينية، او العراقية او اللبنانية. ونحن  في الجولان السوري نؤيد المقاومة الحقيقية، وبنفس الوقت ندين العمليات التي تسئ للمقاومة واهدافها النبيلة من اجل الحرية والتحرر.

لقد قاوم ابناء الجولان السوري الجريح ويقاومون الاحتلال اليهودي، فمنذ ان احتلت اليهود أرض الجولان، واتخذت مقاومتهم اشكالا تتناسب مع واقعهم الموضوعي، ونتيجة للمقاومة، ورفض الاحتلال والتمسك بالهوية الوطنية والاصرار على الانتماء العربي السوري، زجت سلطات الاحتلال بالمئات من ابناء الجولان بالمعتقلات الصهيونية وفرضت عليهم عقوبات صارمة ومارست بحقهم اشد انواع التعذيب الجسدي والنفسي، ولا زال هناك في السجون والمعتقلات اليهودية العديد من ابنا الجولان العرب السورين منذ أكثر من احدى وعشرين عاما، يعانون من الامراض دون حصولهم على العلاج والدواء المناسب، حتى إن احد أولئك المعتقلين توفي منتصف هذا العام جراء الإهمال الطبي المتعمد بعد اصابته بمرض السرطان.

وفي ختام كلامنا نأمل أن يستعيد الجولان السوري سيادته وأرضه وكرامته كاملة دون نقصان، وأن يحظى بعناية دولية واسعة النطاق، مع مساعدته دوليا ومحليا وإقليميا.

فأرض الجولان السوري أرض عريقة وجزء لا يتجزء من أرضنا العربية التي  لطالما حلمنا بها ولا زلنا نحلم بها وفيها ومعها لا غيرها.

أرضي هضبة الجولان ودمي وديانها ومياهها وعبق رائحتها فيحاؤها.

ـــــــــــ

*كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية- جامعة وهران

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ