-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 04/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الإخوان المسلمون وصناعة الابتسامة

د.محيي الدين كحالة

   لم تعرف جماعة الإخوان المسلمين في مصر طعم الاستقرار إلا فترات قصيرة، حيث عصفت بها رياح السموم، وتناوشتها سيوف الخصوم، وحيث مرت بكثير من حالات الطوارئ، لكنها لم تبارح مكانها عند وسطية الإسلام وشموله، إذ أن الدين ليس مجرد أداء للشعائر التعبدية، وإنما هو استعمار للأرض واستخلاف فيها، وبالتالي فإن التعامل الحسن مع الناس يصبح من جوهر الدين.

   وإن القيام بمهام العبودية على هذا النحو، يقتضي جدية كبيرة ترتبط بمفرداتها بتعبئة كل الطاقات والإمكانات البشرية والطبيعية لعمارة الحياة، وتوفير الخير والرفاه لكل بني الإنسان، مع ما يتطلب ذلك من استثمار للأوقات، والابتعاد عن العبث واللهو واللعب، غير أن هذا الجد لا يعني تقطيب الجبين وعبوس الوجه وتوزيع "التكشيرات" على الخلق، فالضحك حاجة فطرية، والإسلام لم يأت إلا مؤيداً للفطرة وملبياً لحاجاتها، أما الابتسامة فهي عملة إسلامية ذات قيمة محسوبة في بنك المحبة، وفي صندوق التوفير الحسناتي، قال صلى الله عليه وسلم:" تبسمك في وجه أخيك صدقة"، فكيف إذا استطاع الإنسان أن يزرع في وجه أخيه الابتسامة بل الضحكة؟

   تحدث الأستاذ محمود عبد الحليم -وكان من أقرب الإخوان إلى البنا قلباً وقالباً- عن دعوة الإمام البنا وأسلوبه في دعوة الناس، إلى أن قال: كنت إذا رأيته لم تر إلا دعوته، وإذا تحدثت إليه لم تسمع إلا دعوته، حتى فكاهته، وما كان أجمل فكاهته، وما كان أسرع بديهته، حتى الفكاهة لم تكن إلا في صميم دعوته، تخرج من سماعها وقد أضفت جديداً إلى عقلك وقلبك وإيمانك.

   ففي معرض حديث البنا عن الأسرة في الإسلام، روى هذه الطرفة فقال: ومن اللطائف أن بلداً في الوجه القبلي كان أهلها كثيري الحلف بالطلاق، فذهب ذات يوم إلى تلك البلدة قاضي المحكمة الشرعية، فوجدها على الحالة التي ذكرنا، فقال للمأذون: لِمَ لمْ تفهمهم يا فلان عن الحلف بالطلاق؟ فقال: عليّ الطلاق غلبت ويّاهم.

   وفي ذكرى الإسراء والمعراج زار البنا شعبة "بنها"، وألقى فيها محاضرة أعجبت الجميع، وبعد انتهاء المحاضرة استأجر الإخوان عربة "حنطور" ليركب فيها البنا إلى محطة القطار حتى يعود إلى القاهرة، واجتمع حوله عدد كبير من الإخوان يسألونه عن مسائل مختلفة، وقد اكتظت العربة بهم، فرجا البنا إخوانه أن ينصرفوا مشكورين إلى بيوتهم، وأن يرحموا هذه العربة المكتظة، فطمأنه أحد الراكبين بقوله: لا تقلق يا أستاذنا من هذا الازدحام، فإن صاحب العربة وسائقها من الإخوان، فأجاب الأستاذ البنا بقوله: ليكن صاحب العربة من الإخوان، لكن الحصان الذي يجر العربة ليس من الإخوان.

   عُرف أحد الإخوان بنشاطه في الدعوة وحرصه على حضور الاجتماعات في مواعيدها، ولما تزوج هذا الأخ تكاسل بعض الشيء، ولم يحرص على الاجتماعات كما كان من قبل، ولما سأل عنه الأستاذ الإمام، أجابه أحد الإخوان الظرفاء: الأخ مستتر جوازاً، قال: ومتى يستتر وجوباً؟ فقال: إذا مات.

   وهنا يتبين للمرء كيف أن أروح المرح والدعابة كانت سائدة في حركة الإخوان لدرجة أن ما عرف عن الإخوان من شدة توقير لقائدهم، وعظيم احترام لإمامهم، لم يمنعهم من المزاح والضحك أمامه، مما يؤكد أن الدعابة والبساطة في تكوين الإخوان كان جزءاً من ظاهرة عامة حضرت في تربيتهم نتيجة التأثر الشديد لإمامهم في هذا السياق، وبالتالي فإن الخلط بين الهزل العابث ومثل هذه المواقف الطريفة يعتبر من الخلط غير المحمود.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ