-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 09/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ما لا يقبله المنطق في السياسة الدولية..!

صالح خريسات

    يسجل التاريخ للولايات المتحدة الأمريكية، بأنها الدولة الأولى، الوحيدة في العالم، التي استخدمت السلاح النووي، في أعقاب إلقائها للقنبلتين الذريتين، على مدينتي، هيروشيما و ناجازاكي، في السادس و التاسع من آب عام 1945م .

   وعلى الرغم من الآثار المدمرة لهاتين القنبلتين، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية، حسمت المعركة، و خرجت من الحرب منتصرة ، وتمكنت من فرض شروطها، على الدولة المنهزمة، وهي اليابان .

   إن هذه القنبلة التي اشترك في صناعتها 125 ألف رجل، في الولايات المتحدة الأمريكية، و كلفت ميزانية، تبلغ ملياري دولار أمريكي، عجلت في إنهاء الحرب، لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، و لكن على حساب الشعب الياباني الأعزل، وبعيداً عن ساحة المعركة ، و ثكنات الجيوش.

   ففي ثواني قليلة، احترق الآلاف من الناس، الذين كانوا يسيرون في الشوارع،و يجلسون في الحدائق العامة، و أبيد كل ما كان قائماً، إبادة تامة،و اندفع فتات هذه الأشياء،نحو الفضاء،و انتقلت المدينة بسكانها إلى العدم، في وضع مؤلم، لم تشهده البشرية من قبل .

   إن هذه الحادثة و حدها، أدخلت العالم في مأزق أخلاقي، تحكمه أسباب القوة، و ليست القوانين الدولية، و أحكام الشرائع السماوية، و هو ما جعل الاتحاد السوفيتي يبذل قصارى جهده، لامتلاك السلاح نفسه، و شرعت بعض الدول الأوروبية، إلى امتلاكه أيضاً، ثم انتقلت العدوى بعد ذلك إلى الصين، ثم إلى العديد من الدول الأخرى، مثل البرازيل، و الأرجنتين في أمريكا الجنوبية، و جنوب أفريقيا، و إسرائيل، ثم الهند، و باكستان، و سعت إلى ذلك إيران، و الجماهيرية الليبية .

   لم تنتصر في الحرب العالمية الثانية بسلاحها التقليدي، وفي ساحة المعركة، بدليل أن الجيش الياباني رفض قرار الإمبراطور، بوضع نهاية للحرب، و قامت الاحتجاجات في كل مكان، بل كانت هناك محاولة انقلابية، من قطاعات الجيش ضد الإمبراطور، من أجل رفض الاستسلام، و الاستمرار في الحرب على جبهات القتال، معنى ذلك، أن الولايات المتحدة الأمريكية، انتصرت في الحرب انتصاراً زائفاً ، بطريقة غير مشروعة، و استخدمتً في سبيل ذلك، أسلحة محرمة دولياً، ضد المدنيين، و ضد الحضارة، و ضد الإنسانية .

   وإذا كان المسؤولون الأمريكيون، يشاركون اليابان احتفالاتها، في إحياء ذكرى حادثتي، هيروشيما و ناجازاكي، في كل عام، اعترافاً بالمسؤولية، و تكفيراً عن الذنب الذي ألحقه الأمريكيون بالمدنيين، فإن السؤال الذي يطرح نفسه، هل توقفت الولايات المتحدة عن استخدام هذا السلاح النووي، بعد حادثتي هيروشيما و نجازاكي ؟! ومن الذي يقرر أنها لم تستخدم هذا السلاح في حروبها، ما بعد الحرب العالمية الثانية ؟ وما الذي يمنعها من استخدامها مستقبلاً ؟! .

   يؤكد الخبراء العسكريون، أن الولايات المتحدة الأمريكية، وضعت برنامجاً لتصنيع قنابل نووية، ذات أعيرة صغيرة، و أنها استخدمت هذا النوع من السلاح، في حربها في البلقان، وفي أفغانستان، ضد الكهوف الجبلية، و التحصينات العميقة، و استخدمت أيضاً في حربها في العراق، من أجل كسب الحرب، و تحقيق النصر في زمن قياسي، بعد أن وعد الرئيس الأمريكي شعبه، بعودة الجيش منتصراً، وبدون خسائر تذكر .

   غير أن هذه الأعيرة الصغيرة من السلاح النووي، لم تحسم الحرب في أفغانستان، ولا في العراق، و قد ظلت حركة طالبان، و الجيش العراقي، ينتظران المواجهة العسكرية الحقيقية، بالأسلحة المشروعة، و هو ما لم يحدث بعد، و تتجنبه الإدارة الأمريكية .

   وإذا كان من حق الدول، العمل على بناء قدراتها العسكرية، لأسباب أمنية، ودفاعية، لحماية حدودها، و منع الاعتداء على أراضيها، و لا يدخل السلاح النووي، ضمن القوة المشروعة، باعتباره محرماً دولياً، فإن الدول المالكة لهذا السلاح، لا يجوز لها استخدامه، أو حوزته للتهديد به ، فإذا قبل المجتمع الدولي، بوجود دول تملك هذا السلاح المدمر للحضارة، و الإنسانية، فيجب أن ينسحب هذا القبول، على جميع الدول، ضمن المجتمع الدولي لغايات سلمية .

   وما لا يقبله المنطق في السياسة الدولية، أن المجتمع الدولي قبل بوجود دول تملك هذا السلاح المدمر، و سكت عن دول أخرى، استخدمته في حروبها مع دول، لم تكن في الأصل معتدية، وليس بينها وبين الولايات المتحدة حدوداً مشتركة، أو أسباباً مشروعة، لإعلان الحرب عليها .

   ويذهب المجتمع الدولي في إجحافه بحق الدول الضعيفة، حين يمارس ضدها سياسة الحرمان، من حصولها على آليات محدودة ، بهدف إضعاف قواتها العسكرية الدفاعية، و لتظل فريسة لأي دولة من الدول الكبرى .

   و أقرب مثالاً على ذلك، معركة كسر احتكار السلاح، التي خاضها الرئيس المصري جمال عبد الناصر، عندما عقد الاتفاقية الأولى مع تشيكوسلوفاكيا، عام 1955م ، فقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية جهدها، إيقاف إتمام هذه الصفقة، و قالت انه لا يمكن لها أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ذلك ، و علق ايزنهاور بقوله :" علينا أن نتصدى لهذا التهديد " بينما أعلنت بريطانيا، أن الصفقة أدت إلى انقلاب في هيكل الدفاع عن المنطقة في الشرق الأوسط، وكانت النتيجة هي العدوان الثلاثي على مصر، لتدمير قدراته العسكرية و الدفاعية، لتظل إسرائيل كمحمية غربية هي الأقوى في المنطقة ، وهذا يعني إما أن تقبل أن تكون ضعيفاً، أو لا تكون إلا ضعيفاً .

   ومما يثير الدهشة، أن الدول الكبرى و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تسعى إلى إقامة تحالفات سياسية مع هذه الدول الضعيفة، و تقدم لها المساعدات الاقتصادية، و القروض، و الأسلحة المتواضعة ، التي لا تحسم حرباً، وتتيح لهذه الدول بالاستمرار في البقاء، ضمن دائرة الضعف، و الحاجة إلى المساعدات العسكرية، و الاقتصادية .

   و مغزى هذه السياسة، هو ما يؤكده الخبراء الإستراتيجيون، من أي قوة مهما تفوقت، فهي في حاجة إلى مساندة الآخرين، وأن أي إحداث في أي مكان في العالم، قد تعكس تأثيراتها على الأمن الوطني للدول العظمى ، ويضربون على ذلك مثلاً، إحداث الحادي عشر من أيلول، 2001 م التي أثبتت للولايات المتحدة الأمريكية، أن منطقة الشرق الأوسط، هي منطقة تأثير مباشر على أمنها القومي، و يربطها بها أمن الموارد، و التمثيل في البترول، حيث تمتلك المنطقة ثلثي احتياطي العالم، ويصدر منها يومياً حوالي 30 مليون برميل، هي بمثابة 40% من الاستهلاك العالمي من البترول، كذلك يربطها بها أمن إسرائيل، و بقائها كالتزام أمريكي قومي .

   وتجد نفسها الدول الضعيفة مضطرة إلى قبول السياسة الأمريكية، و الحفاظ على مصالحها في المنطقة، لإبعاد شبح التهديدات عن المنطقة، و الارتقاء بالتعاون المشترك، الذي يؤدي إلى تنامي الاقتصاد، ومستوى المعيشة لشعوب المنطقة، وهي المتضرر في كل الظروف و الأحوال .

   وتحتفظ منطقة الشرق الأوسط بإستراتيجية المكان، و احتياطي الطاقة، و طرق المرور البحري، و الجوي، و القدرة البشرية، و القدرة الاقتصادية، و هو ما يحقق نوعاً من التوازن، على مستوى الندية مع الدول الكبرى، و مع إسرائيل بالذات، فيما لو تم توظيفه في خدمة سياسة عربية موحدة، وهو مالا تسمح به السياسة الدولية الراهنة ، حفاظاً على مصالح الدول الكبرى ، فحتى يكون التوازن الإقليمي متكافئاً، لابد أن يكون عربياً شاملاً، و ليس من خلال دولة في مواجهة دولة أخرى ، وهذا يعني ضرورة قيام إستراتيجية، عربية، شاملة، و مرنة، تهدف إلى تحقيق الأمن القومي العربي، في مواجهة السياسة الدولية الراهنة .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ