-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 14/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ثلاثة خطابات في شهر حزيران

بقلم: فراس ياغي/ رام الله

شهر الخطابات حول الشرق الأوسط والعلاقة بالإسلام والعرب، وجوهر ذلك كيفية حل الصراع الإسرائيلي - العربي، فمن الخطاب الأول للرئيس "أوباما" في جامعة القاهرة، إلى خطاب "نتنياهو" المنتظر، إلى الحديث عن خطاب لِ "خالد مشعل" رئيس المكتب السياسي لحماس، وكما يبدو فان الخطابات الثلاثة تأتي من الأطراف المطلوب منها تحديد موقف واضح من العملية السياسية في المنطقة، خطاب الرئيس "أوباما" جاء بعد حقبة ما سمي بِ "الضربة الاستباقية" والتي أدت لتدمير ليس فقط سمعة أمريكيا في العالم العربي والإسلامي، بل دمرت كل إمكانية لتعزيز دور التيارات المعتدلة والديمقراطية، وأدت لفرض أجندات غير متوازنة وغير قابلة للنقاش، وكان شعارها إما أن تكون "بوشيا- تشينيا" وإما أن تكون ضدهما، وجاء الخطاب "الأوبامي" بالأساس لترميم السياسة والسمعة الأمريكية، وليوضع حد فاصل وواضح بين ما كان قديما وبين الحاضر وما سيأتي مستقبلا، حيث وضع الخطوط العامة للسياسة الأمريكية، ونظرتها لكل الملفات، نظرة واضحة المعالم ولا غموض فيها، فالقضية الفلسطينية يجب أن يوضع نهاية لها وإنهاء مأساة الفلسطينيين منذ أكثر من ستة عقود، وكما يبدو معالم هذه التسوية تستند إلى المبادئ التي طرحت في نهاية عهد الرئيس "كلينتون" وما بعدها من مفاوضات، كما أن الحوار سيكون هو عنوان العلاقة بين الأطراف جميعا، حوار مع "إيران" في المسألة النووية، وحوار بين الحضارات والديانات، ومفاوضات إسرائيلية - عربية وفق معطيات واضحة أولها وقف الاستيطان والاعتراف بمفهوم الدولتين لشعبين، وحل شامل لهذا الصراع يؤدي لانسحاب إسرائيل من أغلب الأراضي التي احتلتها عام 1967 مقابل التطبيع والقبول والعلاقات الطبيعية، إذاً خطاب الرئيس "أوباما" كان مطلوبا بالنسبة لأمريكيا ومصالحها بالأساس قبل أن يكون لصالح أي طرف آخر في المنطقة أو في العالم، ولكن هذا الخطاب يؤسس لمرحلة جديدة، عنوانها الحوار وحل ألازمات وإنهاء بؤر التوتر، وهذا بحد ذاته مسألة محمودة لأنها تعطي المجال لوقف العنف ووقف القتل المستمر ووقف الحديث عن الحروب، مقابل الحديث عن المفاوضات والحوار والالتزام بالاتفاقيات الموقعة منذ مدريد وحتى يومنا هذا، ويبدو أنه جاء أيضا كمقدمة لطرح مبادئ وآليات لتنفيذ ما طرح من خطط سابقة، بحيث يكون عنوانها إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة والتواصل وتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل.

الخطاب الثاني المتوقع، والذي سيكون من قبل الطرف الرافض كليا لهذه المبادئ، الطرف الذي فاز بالانتخابات وفق شعارات وسياسات تتناقض كليا مع عناوين المرحلة المقبلة، فقد تيقن أنه لا يستطيع أن يدير ظهره للموقف الأمريكي الجديد والمدعوم دوليا وعربيا، فكان لا بد من الإعلان عن توجهات جديدة لسياسته، وفي محاولة منه لمقاربتها إلى حد ما مع السياسات الأمريكية الجديدة، ومن جهة أخرى، محاولة للهروب من الاستحقاقات الواضحة المطلوبة منه كأساس لتطبيق ما طرح من مبادئ عامة في خطاب "القاهرة"، و"نتنياهو" يعي جيدا أن هناك تغيير واضح وملموس في الخطاب الأمريكي وفي المطالب الأمريكية، وبدون إعلان واضح من قبله لقبول مبدأ الدولتين لشعبين ووقف وتجميد الاستيطان فانه سيعمق المأزق والخلاف مع هذه الإدارة، وهذا لن يكون لصالح بقاء حكومته في سدة الحكم، وسيكون محكوم عليها بالفشل والسقوط كما حدث في تجربته السابقة للحكم في ألأعوام 1996-1999، وعلى ما يبدو فان الحكومة الإسرائيلية متخوفة جدا من المقاربات السياسية الأمريكية للمنطقة لدرجة أن "نتنياهو" يعاني من كوابيس في أحلامه، وبدأ يدرك بشكل غير قابل للتأويل أن الدولة الفلسطينية ستكون قائمة إلى جانبه، شاء ذلك أم أبى، كما أن السياسة الإسرائيلية بدأت تعاني من "إسهال" حقيقي لأن المطلوب مواقف حازمة وحاسمة في عملية السلام في المنطقة، ومن يعتقد منهم في مجالسه الداخلية أن الرئيس "أوباما" ساذجا ولا يعرف منطقة الشرق الأوسط فهو واهم، فالمصلحة الأمريكية العليا في المنطقة تتطلب حلول عملية وفعلية غير قابلة للمناورة، وأي مقاربة أمريكية بهذا الخصوص من العالم العربي والإسلامي لا يمكن أن تتحقق بدون حل القضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ومهما حاول "نتنياهو" أن يضع شروط، كأن يطالب باعتراف الفلسطينيين والعرب بِ "إسرائيل" كَ "دولة يهودية"، أو مطالبته بأن تعترف "حماس" بِ "إسرائيل" كشرط لدخولها في الحكومة الفلسطينية، أو حديثه المجزوء والمتوقع بخصوص الاستيطان، كأن يلتزم بتفكيك البؤر الاستيطانية ووقف أي استيطان جديد مقابل الاستمرار في الاستيطان الذي كان مقررا سابقا أو هو قيد الإنشاء، فإن كل ذلك لن يعطيه هامش للمناورة والهروب من الاستحقاقات المطلوبة منه لتحقيق اختراق حقيقي وفعلي على الأرض يقنع العالم العربي بالذات بأن هناك تغيير فعلي في السياسة الأمريكية، وليس كعبارات وخطب وردية وجميلة فقط.

الخطاب الثالث الذي تم الحديث عنه، والذي سيلقيه "خالد مشعل" رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والذي سيحدد فيه معالم التوجهات السياسية الجديدة لحركته، هو أيضا نتاج الواقع الدولي والإقليمي الجديد، وكما يلاحظ من بعض التصريحات، فان "حماس" لن تكون عائقاً أمام أي تقدم في عملية السلام، وأمام إقامة دولة فلسطينية مستقلة خالية من المستوطنات في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وحق عودة وتعويض اللاجئين، وهذا بحد ذاته اعتراف ضمني وواضح بِ "المبادرة العربية للسلام" بغض النظر عن إلحاق ذلك بعدم إعلان رسمي بالموافقة على النتائج المترتبة على ذلك ألا وهو الاعتراف بِ "إسرائيل"، والواقع أن حركة "حماس" تدرك أن عنوان المرحلة إقليميا يفرض نفسه عليها بقوة، فالعالم الإسلامي ككل والعربي بالذات هو مع هذا التوجه إذا ما رأى سياسة أمريكية ديناميكية وعملية بهذا الاتجاه، وهذا يتطلب من حماس أن تحدد بشكل واضح مواقفها السياسية التي تؤهلها لان تكون جزءا من العملية السياسية القادمة باعتبارها احد أهم مكونات النظام السياسي الفلسطيني، مما يعجل أكثر في إنهاء الانقسام الداخلي، ويضع النقاط على الحروف أمام الذين يتحججون بهذه المواقف في رفضهم للوحدة الوطنية داخليا أو في دعم الوحدة الفلسطينية دوليا وإقليميا، وتصريحات "خالد مشعل" في "القاهرة" هي بداية جيدة وتؤسس لخطاب أكثر عقلاني ينزع كل المبررات من الجميع داخليا وخارجيا، ويضع حدا لكل التوجهات المريبة التي تحاول التخريب في الضفة الغربية والتي تخدم وبشكل واضح سياسة الهروب التي سيتبناها "نتنياهو"، فسياسة التصادم وإراقة الدماء في الضفة لا يمكن أن تخدم التأكيد العملي على الالتزام بالاتفاقات السابقة، ولا مواجهة عملية الاجتثاث لحركة "حماس" من الضفة كما أسماها السيد "خالد مشعل"، وموقف واضح من حركة "حماس" بالالتزام بالقانون والنظام وعدم القيام بأي محاولة للتخريب على المعطيات الجديدة في المنطقة كفيل بتهدئة الوضع الداخلي، والمطلوب وقف شامل لكل الأمور والأعمال التي قد تؤدي للتوتر، والتي تعطي مبررات للجانب "الإسرائيلي" للهروب من الاستحقاقات القادمة، مع الحفاظ على الحق في مقاومة المحتل، مقاومة في الزمان والمكان الصحيح، مقاومة وفق شكل جديد ومقبول ويكون عليها إجماع بين مختلف أطياف الشعب الفلسطيني، فلا يعقل أن يكون هناك تحرك سلمي واضح وضاغط على "إسرائيل"، ويطالبها بوقف الاستيطان والالتزام بمبدأ الدولتين لشعبين، كبداية لخطة آليات متكاملة لسلام شامل في المنطقة، وتحدث عمليات تعيدنا لنقطة البداية باسم تطبيق البند الأول من "خارطة الطريق"، من هنا، فإن المتوقع من السيد "خالد مشعل" أن يعلن عن هدنة جديدة من طرف واحد كتأكيد جديد على أن الجانب الفلسطيني لن يعطل أبدا أي توجه حقيقي أمريكي لإحلال السلام الشامل والعادل، هدنة محددة بسقف زمني لإعطاء المجال للتحرك الدولي والإقليمي لإنضاج ثمرة السلام المنشودة والمعلنة في الخطاب السياسي الأمريكي.

إن خطاب الرئيس "أوباما"، وخطاب "نتنياهو" هذا الأسبوع و"مشعل" لاحقا، يؤكد أن معادلة استمرار الصراع بدون حل كانت دائما بسبب مواقف اليمين والمحافظين في المجتمعات الثلاث، فالسياسة الأمريكية السابقة لم ترتقي يوما لمواقف واضحة كما طرحها الرئيس "أوباما" ومبعوثه لعملية السلام السيد "ميتشيل"، وهذا فرض نفسه على اليمين في "إسرائيل"، وعلى "نتنياهو" الذي يتجهز للرد بخطاب يحاول فيه إعلان الموافقة ولكن!، خطاب سيكون عنوانه "أللعم" لأنه سيقول نعم ولا في نفس الوقت، وهذه سياسة معروفة وقديمة يتميز بها رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي، وتجربته السابقة في الحكم خير دليل على ذلك، كما أن تغيير برنامج سياسة حكومته يتطلب تغيير شكل الحكومة الحالية، ومع ذلك فان مواقف البيت الأبيض إذا ما استمرت بنفس الوتيرة وبنفس النهج وبنفس التوجه فإنها ستفرض نفسها على الواقع في "إسرائيل" مهما كانت طبيعة الحكومة فيها، أما الوجه الآخر في الجانب الآخر، فان ما يحكم موقفه هو الواقع الإقليمي في المنطقة وليس الدولي، ولأن هذا الواقع مجمعا على التعاطي مع السياسة الأمريكية الجديدة ويريد إعطائها فرصة وفسحة من الوقت، فان المتوقع من خطاب "مشعل" أن يكون أكثر مرونة وأكثر قبولا وتعاطيا مع الإجماع العربي والإسلامي.

ثلاثة خطابات في شهر حزيران قد تؤدي لتغيير شامل على مستوى المنطقة، فالخطاب الرئيسي في "القاهرة" كان الشرارة وكان البداية، ولغته كانت واضحة وما لحقها من تصريحات بعد ذلك عززها، والسؤال المهم الآن، إذا ما كانت هذه اللغة سيعقبها فعل حقيقي على الأرض لا يسمح لمعارضيها بالهروب أو بأخذ الأنفاس لكي يتم يتجاوزها؟!!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ