-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 15/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


خطاب أوباما والتعلق بحبال الهواء؟

بقلم: زياد ابوشاويش

Zead51@hotmail.com

لا يمكن إنكار الأثر الإيجابي واسع النطاق الذي أحدثه خطاب الرئيس باراك أوباما في القاهرة، لكن هذا لا يمنع رؤية حجم الوهم الذي صنعه الخطاب في أذهان البعض ممن لا يعرفون دقائق السياسة الأمريكية وكيف تصنع وحدود قوة الرئيس ومؤسسة الرئاسة ومراكز صناعة الرأي العام الأمريكي كما القرار... واستطراداً تشابكات المصالح الأمريكية في المنطقة والعالم.

 

وكبداية نعيد تأكيد قوة الصلة والتحالف الذي يربط الولايات المتحدة الأمريكية بإسرائيل، هذه الصلة التي لا يمكن لأي إدارة أمريكية مهما بلغ نفوذ رئيسها وقدرته وأغلبية حزبه على التضحية بها أو كسرها على حد تعبير أوباما نفسه في خطابه المذكور.

 

إن حديثنا عن الأوهام التي زرعها الخطاب في عقول البعض لا تعني أن كل ما قاله أوباما هو كلام علاقات عامة ولتحسين سمعة بلاده فقط، بل هناك حديث يحسب عليه وجدي للغاية ولا يمكن أن يساق على عواهنه دون التزام من قائله فهذا أمر لم يعد مقبولاً في السياسة الدولية، وسياسة الضحك على الذقون لا يمكنها أن تمر ويتقبلها المجتمع الدولي ببساطة ولذلك يتوجب أن نبحث وندقق في الجوانب التي نعرف أنه يستطيع أن يخطو باتجاه تطبيقها على إسرائيل وتلك التي لا يمكنه ذلك ولا تريد بلاده تطبيقها في كل الأحوال.

 

إن اختلاف لغة خطاب السيد أوباما عن سلفه بوش صاحب المواقف العنجهية والحرب الاستباقية قد مثل في نظر الناس أول الايجابيات الملفتة، فهنا رئيس يتحرك من موقع القادر ويمكنه أن يفعل ذات ما قام به سلفه الأرعن لكنه يستخدم هذه القدرة في مد يد التعاون مع الآخرين ومنح الفرص دون أن يعني ذلك أنه غير قادر على تقطيب حاجبيه في الوقت المناسب حفاظاً على مصالح بلده.

 

أمريكا تعيش أزمة حادة سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي بمخلفات غاية في السوء تركها جورج بوش الابن قبل مغادرته البيت الأبيض وتقول تجربة السنوات الماضية أن سياسة المحافظين الجدد العدوانية والمعتمدة على القوة العسكرية لم تنجح في معالجة أي من المشاكل التي واجهتها بلاده منذ هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) عام 2000، ومن هنا كان على أوباما أن يختط طريقاً جديداً لا يختلف من حيث الجوهر عن طريق سلفه لكنه يخالفه في أسلوب تحقيق مصالح الولايات المتحدة التي كان خطابه في القاهرة أصدق تعبير عنها.

 

لقد خدمت بلاغة الرجل وحنكته اللغوية وثقافته الواسعة ما رمى إليه في مجمل ما طرحه، حتى أن المرء لم يعد يستطيع بسهولة التفريق بين الكلام المرتبط بالواقع ولمعالجته وذلك الذي يقال على سبيل العلاقات العامة وتحسين الصورة وإراحة جمهور المستمعين.

 

إن استبدال أسلوب الحرب الاستباقية والضغط والتهديد بأسلوب الاحتواء والاستيعاب يمثل جوهر الشكل الجديد للإدارة الأمريكية الراهنة لكن هذا الأسلوب ليس مفتوحاً على الوقت ولا يمكن أن يؤبد إن لم يحقق المصالح والرؤية الأمريكية.

 

وعلى ما تقدم فقد طرح الرئيس الأمريكي عنوان الدولتين لحل المسألة الفلسطينية وهو كما نعلم طرح بوش منذ سبع سنوات بإضافة نكهة مختلفة هذه المرة تتعلق بأن الدولتين في نظر أوباما تستهدف بشكل جدي حل القضية الفلسطينية ولا ترى مناصاً من عمل كل الترتيبات اللازمة للبدء في التنفيذ خلال فترة زمنية محدودة لكن بدون أجندات وتواريخ، وارتباطاً بذلك كان كلامه عن وقف الاستيطان بشكل كامل الأمر الذي لا شك في جديته، غير ان السؤال يبرز هنا وماذا بقي من أرض تبنى عليها المستوطنات وكل القدس العربية ما عادت مترابطة ولا يوجد أي إمكانية لاعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية اللهم إلا إذا تم نزع وتفكيك آلاف الوحدات السكنية التي تم زرعها منذ العام 1967 الأمر الذي لن تطالب به أمريكا ولا يمكن أن تقبله إسرائيل في إطار الحل النهائي.

 

إذن الدولة الفلسطينية بمواصفات مقبولة وتشكل حامياً أمنياً لحدود الدولة العبرية التي يعتبرها أوباما حلاً للمسألة اليهودية هي ضرورة للسلام والأمن الدوليين وللمصالح الأمريكية كما باقي أطراف الصراع على حد قوله.

 

إسرائيل ردت على السيد أوباما مباشرة ورفضت وقف الاستيطان وادعت أن هناك تفاهمات مع الإدارة السابقة تعطيها الحق في استمرار الاستيطان والتوسع، ورغم رد السيدة كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية إلا أن إسرائيل استمرت في تأكيد الأمر. ليس هذا فحسب بل إن السيد أوباما نفسه ولم يمض على خطابه سوى يوم واحد عاد وأكد عجز بلاده عن فرض أي حل في المنطقة.

 

باختصار وحتى لا ندخل في متاهة الكلمات والتعابير ونتمكن من فهم أعلى لكل الخطاب ولسياسة أمريكا الجديدة تجاه حل المسألة الفلسطينية فإنه يتعين إعادة تقييم أو بالأحرى تأكيد طبيعة العلاقة بين الدولة العظمى وحليفتها في المنطقة والتي تجعل المشكلة في نظر أوباما وأمريكا لا تتعلق بالاحتلال أو العدوان أو الاستيطان أو الجدار العنصري ولا في استخفاف إسرائيل بالقوانين والشرعية الدولية، بل في ضعف الفلسطينيين وفرقتهم وعدم قدرتهم على ضبط حدودهم التي لم يحددها السيد أوباما ولن يحددها، وكذلك في عدم انصياع حماس لرغبات المجتمع الدولي في وقف ما يسميه العنف والاعتراف بوجود دولة إسرائيل. ولأن الأسلوب كما طرحنا يختلف فقد جاء طلبه من حماس بعد أن تعمد تجاهل وصفها بالمنظمة الارهابية وأقر بأنها تحظى بأغلبية شعبية شرعية الأمر الذي جر عليه انتقادات واسعة في بلاده ومن بعض الأبواق الصهيونية في تل أبيب.

 

أوباما قدم للعرب وللمسلمين جرعة من الأمل بإمكانية توقف بلاده عن منهج التدمير الذي اتبعته الادارة السابقة في العراق وأفغانستان والصومال وغيرها وكذلك أعطى الفلسطينيين فرصة لخلق أحلام طيبة بحل مقبول لمعضلتهم ولكنها أحلام غير قابلة للتحقق بعد أن تراجع الرجل عما قاله بتأكيد رفضه لفرض الحل باستخدام نفوذ بلاده، ولذلك تصح الدعوة بعدم التعلق بحبال الهواء.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ