-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
وصف
المغاربة لبلاد الشام رحلة
العلامة العبدري أنموذجا الأستاذ
حمدادو بن عمر - جامعة وهران قال أبو عبد الله محمد بن محمد العبدري(
توفي بعد 700هـ) بعدما خرج من أيلة
إلى الشام متحدثا عن بلاد الشام
وعجائبها وروائعها وسحرها: وفيه بخطه عن كعب الحبر حديث في سكنى
إبراهيم الشام، قال فيه: ثم أوحى
الله إليه أن انزل مِـمْرى فرحل
ونزل ممرى، ونزل عليه جبريل
وميكائيل بممرى وهما يريدان إلى
قوم لوط. فخرج إبراهيم ليذبح لهم
العجل، فانفلت منه، فلم يزل حتى
دخل مغارة حَبْرون، ونودي
إبراهبم: سلِّم على عظام أبيك
آدم، فوقع ذلك في نفسه، ثم ذبح
العجل، وقدمه إليهم، وكان من
شأنه ما قص الله تعالى، فمضى إلى
قربٍ من ديار قوم لوط فقالوا له:
اقعد هنا،فقعد واستلقى على
قفاه، فلما رأى المدن انقلبت
بأهلها وسمع صياح الديَّكة في
السماء قال: هذا هو الحق اليقين،
فأيقن بهلاك القوم، فسمي ذلك
الموضع مسجد اليقين. ثم رجع فطلب من عَفْرون المغارة، قال:
وكان مَلك ذلك الموضع، فقال له
بِعْنِي موضعا أقبر فيه من مات
من أهلي، فقال له: أيّها الشيخ
الصالح ادفن حيث أردت، فأبى
عليه إلا بثمن، فقال: أبيعك
بأربعمائة درهم، في كل درهم
خمسة دراهم، كل مائة منها ضَربُ
ملك. وأراد أن يشدد عليه لكي لا
يجد فيرجع إلى قوله، فخرج من
عنده، فإذا بجبريل عليه السلام
فقال: إن الله عز وجل قد سمع
مقالة هذا الجبار لك، وهذه
الدراهم فادفعها إليه، فدخل
عليه إبراهيم ودفع إليه
الدراهم، فقال: من أين لك هذا؟
قال: من عند إلهي ورازقي، فأخذ
الدراهم، فصارت المغارة مقبرة
له ولمن مات من أهله. قال: وأول من مات من أهله ودفن في حبرون
سارة زوجة إبراهيم، ثم توفي
إبراهيم فدفن بحذائها ثم توفيت
ربقة زوجة إسحاق فدفنت فيها، ثم
توفي إسحاق فدفن بحذائها، ثم
توفي يعقوب فدفن عند باب
المغارة، ثم توفيت لِيغا فدفنت
بحذاء يعقوب، ثم ذكر أن أولاد
يعقوب تشاجروا حتى سدوا باب
المغارة، وحَوّطوا عليها
حائطا، وأعلموا فيها علامات
القبور، وكتبوا على كل قبر اسم
صاحبه، وخرجوا عنه، وأطبقوا
بابه، فكان من جاء زائرا يطوف
به، لا يصل إليه أحد، حتى جاء
الروم ففتحوا له بابا ودخلوا
إليه، وبنوا فيه كنيسة. وفيه
بخطه مسندا إلى ابن عباس رضي
الله عنه: لما أراد الله أن يقبض
روح خليله إبراهيم عليه السلام،
أوحى إلى الدنيا إني دافنٌ فيك
خليلي، فتشامخت الجبال كلها
فرحا، واضطربت أركانها،
واستشرفت لذلك، وتواضعت منها
بقعة يقال لها: حَبرون فشكر الله
تعالى لها ذلك، ودفنه فيها،
فقال لها: يا حبرون أنت شوعي أنت
شعشوعي، أنت قدسي، أنت قدس
قدسي، أدفن خيرتي من خلقي، فيك
مغارة كنزي، وإليك أحشر أصفيائي
وأحبابي من ولد خليلي من كل
فجٍّ، فطوبى لمن وضع جبهته فيك
ساجدا لي، أُبوِّئه الأجر،
وأجزل له الذخر، وأبارك فيه
وفيك أيام الدهر، عليك تنزل
بركاتي، وإليك تهبط ملائكتي،
يستغفرون لمن زار خليلي وصفيي،
فطوباك، لا رفعت رحمتي عنك،
ولازال نوري وظلي ينزل عليك،
ورحمتي تنحدر عليك، ولا خذلت من
زار قبر خليلي، ولازالت بركاتي
عليك أيام الدنيا مضاعفة. وفيه بخطه عن وهب بن منبه اليماني أنه قال:
إذا كان آخر الزمان، حيل بين
الناس وبين الحج، فمن لم يحج،
ولحق ذلك فعليه بقبر إبراهيم
عليه السلام، فإن زيارته تعدل
حجة. وعن كعب الحبر أنه قال: قبر
إبراهيم وإسحاق ويعقوب وسارة
وربقة وليغا، على يوم من بيت
المقدس، في البقعة المعروفة
بحبرون، فمن زار منكم بيت
المقدس فليجعل من زيارته زيارة
قبر إبراهيم صلى الله عليه
وسلم... فصل [تربة لوط] ثم زرنا
تربة لوط، وهي شرقي حرم الخليل
عليهما السلام على تلٍّ مرتفع
يشرف منه على غور الشام، وهو
شرقيها وهناك بحيرة لوط، وهو
ماء مستبحر أجاج كماء البحر،
وهي منقطعة لا تتصل بالبحر، ولا
هي منه قريبة، ويقال: إنها موضع
ديار قوم لوط، والله أعلم، وعلى
قبر لوط عليه السلام بنيّة، وهو
في بيت منها مبيضٍ مليح، والقبر
أيضا مبيض، ظاهر، لا ستور عليه،
وبمقربة من هذه التربة مسجد
اليقين وقد مر ذكره وحديثه في
ذكر مغارة حبرون. وهي
أيضا على تل مرتفع نزه، له زيادة
رونق وفرط إشراق، وليس هنالك
إلا دار واحدة لاصقة بالمسجد من
ناحية الشرق، يسكنها القيِّم،
وفي المسجد قريبا من الباب موضع
منخفض في حجر صَلد قد هييء له
صورة محراب ليُعْلم أنه مركع،
ولا يسع إلا مصليا واحدا، ويقال:
إنه لما أيقن إبراهيم عليه
السلام بهلاك قوم لوط خرَّ لله
تعالى ساجدا، فتحرك موضع سجوده
حتى ساخَ في الأرض قليلا، وهو
حجر صلد كما تقدم، فجعل مركعا
تبركا به، وبالقرب من المسجد
مغارة فيها قبر يُزَار، ويتبرك
به، وهو قبر فاطمة بنت الحسين بن
علي رضي الله عنهم، وقد وجدت عند
القبر لوحين من رخام موضوعين،
وأظنهما كان مثبتين عند رأس
القبر ورجليه، وفي أحد اللوحين
منقوشا عليه بخط مشرقي مليح: «بسم
الله الرحمن الرحيم، لله العزة
والبقاء، وله ما ذرأ وبرأ، وعلى
خلقه كتب الفناء، وفي رسول الله
إسوة حسنة وعزاء، هذا قبر أم
سلمة فاطمة بنت الحسين». وفي اللوح الآخر: «صنعة محمد بن أبي سهل
النقاش بمصر»... ثم سافرنا من حرم
الخليل عليه السلام بعدما أقمنا
فيه خمسة أيام وصلينا به
الجمعة، إلى بيت المقدس،
وبينهما مسيرة يوم، وزرنا في
طريقنا قبر يونس عليه السلام،
وهو على نحو ثلاثة أميال من بلد
الخليل عليه السلام، وعليه
بنيّة كبيرة ومسجد، ومررنا في
طريقنا ببيت لحم ولم يقض لنا
دخوله، وهو قربي من بيت المقدس،
وقد تقدم أنه مولد عيسى عليه
السلام، والنصارى يعظمونه،
ويقومون به غاية القيام،
ويضيفون من نزل به. هذا مبتغانا من
ذكر دور العلماء المغاربة في
وصفهم لبلاد الشام الساحرة مهد
الأنبياء والأولياء والعلماء،
ومازالت إلى اليوم كذلك. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |