-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 17/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


نتن ياهو لم يأت بجديد

عبد الستار قاسم

استمعت لعدد من أركان السلطة الفلسطينية مباشرة بعد أن انتهى نتن ياهو من إلقاء خطابه، وقلت في نفسي إن نواح هؤلاء على العملية التفاوضية يدل على أنهم لم يكونوا أبدا يفاوضون لأن السنوات الطويلة منذ عام 1991 كانت كافية لمعرفة مواقف إسرائيل وأساليبها التكتيكية وأهدافها الاستراتيجية، ومن الواضح أنهم كانوا ينتظرون يد رحمة أو شفقة تمتد إليهم فتحقق لهم بعض تمنياتهم، فيقدمونها للشعب الفلسطيني على أنها من إنجازاتهم. فما جاء به نتن ياهو ليس خاصا به، وهو تأكيد لفظي لما دأب قادة إسرائيل على اختلاف تشكيلاتهم الحكومية القيام به منذ عشرات السنين، وبالتحديد منذ مؤتمر مدريد حتى الآن.

 

أكد نتن ياهو على استمرار الاستيطان، وهكذا أكد عمليا رابين وشامير وبيرس وباراك وأولمرت. لم تتوقف حكومة العدو عن الاستيطان أبدا، ولم تتوقف عن مصادرة الأراضي وهدم البيوت وهدم البيوت واقتلاع الشجر والحجر. وقد قال المفاوض الفلسطيني مرارا بأنه سيتوقف عن المفاوضات إذا استمر الاستيطان. استمر الاستيطان واستمرت المفاوضات.

 

أكد نتن ياهو على كيان فلسطيني منزوع السلاح ويعمل وفق مقتضيات الأمن الإسرائيلي حسب معايير صارمة. هذا أكده بيريس من قبل وباراك وليفني، ومؤخرا أكدته هيلاري كلينتون وزيرة خارجية أمريكا. وعن قيام الفلسطينيين بحراسة أمن إسرائيل، فهذا ما يقوم به دايتون، وهذا ما يوجه مختلف النشاطات الأمنية. حتى الكلاشينكوف الذي يحمله رجال السلطة الفلسطينية، ووفق ما قاله دايتون أمام الكونغرس، ليس قاتلا بالنسبة للإسرائيليين لأن رمايته ضعيفة وقصيرة المدى، ويقوم في العادة ضباط إسرائيليون بفحص هذا السلاح قبل تسليمه للسلطة للتأكد بأنه لا يصيب الإسرائيليين المحصنين بمقتل. الغريب أن فلسطينيين يسألون عن هذه الدولة التي ستكون بلا جيش، وكأنهم يأتون من كوكب آخر ولا يرون الترتيبات التي تتم على الأرض.

 

المعايير الأمنية بالنسبة لإسرائيل كثيرة ولا تنتهي، وغدا سيحدد الصهاينة الزيجات الفلسطينية للحد من الإنجاب، وسيجبرون فلسطينيات حوامل على الطرح وفق الترتيبات الأمنية، وسيتدخلون في الجامعات وسيلغون مساق الدراسات الفلسطينية، وسيعتبرون الترحم على الشهداء تحريضا، وسيتدخلون في مواويل الزجالين في الأفراح، وسيراقبون دعاء عجوز تريد لابنها الحماية من أولاد الحرام، الخ.

 

أما بالنسبة لحق العودة، فهناك إجماع لدى الصهاينة ومن كافة الأحزاب على رفض حق العودة، والتصريحات للقيادات الحزبية والحكومية بهذا الشأن كثيرة جدا. هذا فضلا عن أن هناك فلسطينيين يسقطون حق العودة، ويعتبرون المطالبة به والإصرار عليه إضرارا بالعملية التفاوضية. وتقديري بأن الذي وقع الاتفاقيات مع إسرائيل يدرك أنه لم يكن من الممكن أن تقبل إسرائيل التوقيع لو بقي لديها ظن بأن الموقعين من الجانب الفلسطيني يريدون حق العودة. لقد شرحت هذه المسألة في عدد من المقالات قلت فيها إن حق العودة قد تم إلغاؤه ضمنا، والإلغاء عبارة عن تحصيل حاصل لقرار الاعتراف بإسرائيل، وأن هذا الإلغاء قد تم عمليا وليس قانونيا من قبل المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988.

 

أما السلام الاقتصادي فيشكل جوهر اتفاق أوسلو وطابا وغيرهما من الاتفاقيات. جوهر اتفاق أوسلو وطابا هو الحرص على الأمن الإسرائيلي مقابل لقمة الخبز للفلسطينيين. هناك قضايا ثانوية في الاتفاقين، لكن المضمون الحيوي يبقى يدور حول الأمن الإسرائيلي، وقد عمل أهل الغرب مع إسرائيل على ربط لقمة الشعب الفلسطيني بإرادتهم، وعملوا دائما على إشهار الحرمان مع كل تقصير قدّروه، ومنعوا التنمية الاقتصادية الحقيقية من القيام في الضفة وغزة حتى لا يشعر الفلسطينيون بأنهم قادرون على تحقيق الاكتفاء الذاتي، ولو جزئيا.

 

فيما يتعلق بالقدس، لم تتوان أي من حكومات إسرائيل المتعاقبة عن تهويد القدس. كل الأحزاب والجمعيات اليهودية والصهيونية والحكومات أصرت على تهويد القدس، ولم يتوقف التهويد على الرغم من كل القرارات الدولية والمناشدات والاستجداءات والتهديدات. لم نسمع قائدا إسرائيليا واحدا يقول بأن القدس شرق هي عاصمة الدولة الفلسطينية، وإنما سمعنا وما زلنا نسمع من كل قادة العدو بأن القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل الأبدية.

 

نتن ياهو لم يأت بجديد، ولم يقل شيئا لا يقوم به عمليا وفعليا كل قادة إسرائيل وكل حكوماتها المتعاقبة. هو كغيره من كل القادة، ولا يختلف عنهم إلا بصراحته ووضوحه الكلامي. فقط نتن ياهو يقول لكل قادة العرب والفلسطينيين بأن عليهم ألا يستمروا في خداع أنفسهم. ولعله يقول لهم بأن كل هروالاتهم إلى البيت البيض وسفرياتهم وتنقلاتهم ومؤتمراتهم لن تغن عنهم شيئا.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ