-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
نهاية
التفاؤل بأوباما! عبد
الحليم قنديل وعود
أوباما الفلسطينية انتهت إلى لا
شيء كما توقع العقلاء بالضبط .
وجاء خطاب نتنياهو كاشفا، فقد
انتهت ضغوط إدارة أوباما إلى
إقرار سياسة إسرائيل نفسها،
وبدا أن الدولة الفلسطينية
الموعود بها ليست إلا مسخا
شائها، وربما يكون الوضع القائم
ـ تحت الاحتلال ـ أفضل منه بكثير
. الدولة
ـ أي دولة ـ هي أرض وشعب وسيادة،
والدولة الفلسطينية الموعود
بها ليست سوى كسرة من الأرض
المحتلة في عدوان 1967، ويقيم
عليها جزء من الشعب
الفلسطـــيني، وبلا سيادة على
الإطلاق، لاسيادة في
الأجــــواء، ولا ســيادة على
الأرض، فليس مسموحا لها بجيش،
ولا مسموحا بدخــول قطعـــة
سلـــاح، والقدس ليست موضوعا
للبحث، فهي عاصمة إسرائيل
الأبدية الموحدة كما قال
نتنياهو، وأوباما بدوره لم
يتحدث عن قدس للفلسطينيين، فقط
تحدث عن قدس مفتوحة للديانات
جميعها، ولم يلفظ كلمة اعتراض
واحدة على الاستيطان اليهودي في
القدس، فقط تحدث ـ كما تحدثت
إدارات أمريكية قبله ـ عن تجميد
الاستيطان في الضفة الغربية،
ونتنياهو ـ في خطاب الاستجابة
لأوباما ـ بدا قاطعا، فلا وقف
لما اسماه 'النمو الطبيعي'
للمستوطنات في الضفة الغربية،
وعدد المستوطنين فيها الآن يزيد
عن 300 ألف، ووعد فقط أن يعيد
النظر في الشروع ببناء مستوطنات
جديدة، وهو مجرد تلاعب
بالألفاظ، فالتوسع في
الاستيطان القائم يعني
استيطانا جديدا، وفوق الإصرار
على ابتلاع القدس وتوسيع
الاستيطان، فقد أغلق نتنياهو
نهائيا باب الحديث في حق عودة
اللاجئين الفلسطينيين، وهم
غالبية الشعب الفلسطيني، وكان
أوباما ـ من قبل نتنياهو ـ قد
أسقط حق عودة اللاجئين، وأصر
نتنياهو على اعتراف العرب
والفلسطينيين المسبق ـ الصادق
والأمين ـ بإسرائيل كدولة
يهودية، وهو ما يتوافق مع عبارة
بدت عارضة في خطاب أوباما
للعالم الإسلامي من جامعة
القاهرة، وحين تحدث عما أسماه 'الوطن
الإسرائيلي للشعب اليهودي'،
وهكذا بدا أن أوباما أجمل
رؤيته، فيما تكفل نتنياهو بكشف
التفاصيل، وبصورة جعلته موضع
امتداح علني من أوباما تكشف
الغبار إذن، وتكشف الخلل العقلي
لهؤلاء الذين تفاءلوا بأوباما
على جبهة الهم الفلسطيني،
ولمجرد أن أوباما فتى أسمر
وكاريزمي وخطيب مفوه، فنتنياهو
ـ أيضا ـ خطيب مفوه، وصاحب
كاريزما لدى جمهوره
الإسرائيلي، وقد حصل خطابه
العنصري الفاضح على رضا ثلثي
الإسرائيليين في استطلاعات
الرأي، فيما لم يلتفت
المتفائلون العرب والفلسطينيون
إلى عنصرية خطاب أوباما، فقد
أفرط أوباما في الحديث عن
المحرقة اليهودية، وردد
اسطوانة الصهيونية المشروخة عن
الستة ملايين يهودي الضحايا في
محارق النازي، فيما بدت المأساة
الفلسطينية ـ في خطابه الشهير
بجامعة القاهرة ـ كأنها حادث
سير، أو كأنها حظ عاثر تسأل عنه
الأبراج والنجوم، ولا أحد مسؤول
عنها، أو كأنها مجرد أثر عرضي
لسعي اليهود ـ المشروع (!) ـ إلى
بناء وطنهم الإسرائيلي، مع أن
أوباما يعرف الحقيقة، وهو متعلم
بما يكفي، وليس غبيا تافها
كسلفه جورج بوش الابن، ومع ذلك
تصرف كالغبي تماما، وبروح تجاهل
لم تخل ضمنا من الجلافة
والصلافة، وهو يعرف ـ كما يعرف
أي دارس مبتــــدئ ـ أنه لاصلة
للعالم الإسلامي بما يسمى محرقة
اليهود، كبرت أو صغرت، وسواء
كان الضحايا ستة ملايين أو ستة
آلاف، فالحضارة الغربية
العنصرية ـ التي ينتسب إليها ـ
هي التي أحرقت اليهود وغيرهم،
ولم يكن العرب في الموضوع، ولا
للفلسطينيين دخل به، ثم أن
الصهيونية ـ كالنازية ـ من
منتجات الحضارة الغربية
العنصرية العدوانية الوحشية،
وأن الصهيونية نازية أخرى،
وقامت ـ بدعم الغرب البريطاني
فالأمريكي ـ بعملية حرق وجود
الفلسطينيين، وإبادة شعب
بالمذابح، وطرده من أرضه، وهذه
كلــــها 'حــقائق لا وجهات نظر'
لو استعرنا التعبير الذي كرره
أوباما في خطابه الشهير، وأبسط
اعتراف بها يعني إسقاط الاعتراف
بأي شرعية لوجود إسرائيل ذاتها،
وليس جعل الاعتراف بشرعية
إسرائيل شرطا يمليه أوباما على
العرب، ولا جعل أمن كيان
الاغتصـــاب 'بقرة مقدسة'،
وإسقاط حق الشعب الفلسطيني في
المقاومة المسلحـــة، وهو الحق
الشرعي المؤكد برسالات السماء
وتعـــاليم الأرض، وهكذا كان
الأمر ويكون لكل الشعوب،
فحــــق الفلسطينيين في
المقـــاومة ـ السلمـــية منها
والعنيفة ـ لايحتاج إلى اعتراف
من أوباما ولا من غــــيره، وقد
بلغ تنكر أوباما للحقائق
وعنـــصريته القبيـــحة، أن
أعقب خطابه للعالم الإسلامي
بزيارة معسكر احتجاز نازي
لليهود في ألمانيا، ولم يقــــم
ـ مثلا ـ بزيارة غزة، فضل أن
يتذكر محرقة قديمة ارتكبها
الغرب الـــنازي في دياره،
بينما لوى عنقه عن زيارة
المحرقة الأحدث التي ارتكبها
الغرب الصهيوني في ديار
الفلسطينيين، ولم يفعل ما فعله
جيمي كارتر الرئيس الأمريكي
الأسبق بعده، والذي زار غزة،
وفاضت عيناه بالدموع من هول ما
رأى، وقال أن دمار غزة جرى
بطائرات وقنابل أمريكية، وأننا
ـ أي الغرب الأمريكي والأوروبي
ـ نتعامل مع الفلسطينيين
كحيوانات وليس كبشر (!) . نعم بدا
أوباما كمنافق صغير لإسرائيل،
وبراغماتي، وحريص على منصبه،
وبدا كمندوب مبيعات شاطر،
وتعامل مع العرب والمسلمين
كجماعة من البدائيين السذج،
وباع لهم السياسة الأمريكية
بآيات من القرآن الكريم، وتصور
أن بلاغة خطاب علاقات عامة يكفي
جدا، وكرر سذاجة نابليون مع بدء
حملته العسكرية إلى الشرق قبل
أكثر من قرنين، وقال للمصريين
وقتها : أنا مثلكم مسلم وموحد
وأحب النبي محمد'صلى الله عليه
وسلم'، وبدا أوباما ـ بسمته
الآسيوي الملون ـ كأنه داعية
لتسامح الأديان والأوطان، ووضع
البضاعة الأمريكية الفاسدة في
كيس نايلون لامع مصقول منقوش
بآيات من القرآن الكريم، وكاد
في الجزء الأول من خطابه ـ
المرصع بآيات القرآن ـ أن ينتهي
للقول أن الدين عند الله
الإسلام، بينما بدا في الجزء
الثاني كأمريكي من رعاة البقر،
كافر بآيات القرآن والإنجيل
كلها، وفي تناوله للموضوع
الفلسطيني بالذات، كاد يقول أن
إسرائيل هي دين أمريـــكا، وبدا
المستمعون الحاضرون لخطابه،
وهم يصفقون له عندما نطق بعبارة
'حل الدولتين'، وكأنهم من كوكب
آخر، فلم يتحدث أحد عن 'حل
الدولتين' قدر ما تحدث بوش سلف
أوباما، ولم يعن ذلك شيئا أيام
بوش الغبي ولا أيام أوباما
الذكي، فليس المقصود ـ كظاهر
اللفظ ـ دولة للفلسطينيين مقابل
دولة للإسرائيليين، بل المقصود
أن تكون لإسرائيل دولتان، دولة
تخصها على أكثر من 80 'من أرض
فلسطين التاريخية، ثم محمية
للفلسطينيين ـ كحديقة حيوانات ـ
تحت سيادة دولة إسرائيل، وهو ما
بدا غائما في كلام أوباما، وبدا
ظاهرا في كلام نتنياهو من بعده،
فقد بدا أوباما حريصا على نزع
سلاح الفلسطينيين، ولم يطلب ـ
طبعا ـ نزع أو تقييد سلاح
إسرائيل، وربما لا يجرؤ، فالثمن
هو نزعه من منصبه، أو إرساله في
بعثه مستعجلة للآخرة . وربما
لايكون من قيمة مضافة تذكر
لخطاب أوباما فيما يخص
الفلسطينيين، ولا لخطاب
نتنياهو من بعده، فقد ذهب زبد
الكلام، وظلت الحقائق كما هي
على الأرض، فأمريكا وإسرائيل في
حال اندماج استراتيجي،
والمفاوضات إياها مع إسرائيل
خلل عقلي، والمقاومة المسلحة
وحدها هي سبيل التفاوض الأمثل
مع الأمريكيين والإسرائيليين،
فأمريكا لاتسلم بحق إلا أن تدمي
أصابعها، وإسرائيل لا تنسحب من
أرض إلا أن يقهر جيشها، وعلى
طريقة المقاومة العربية
الباسلة ـ ممثل الأمة الشرعي
الوحيد ـ على جبهات العراق
ولبنان وفلسطين . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |