-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تغيير تكتيكي في الموقف الأمريكي والأوروبي من
حماس أ.د.
محمد اسحق الريفي هناك تغيير ما
في الموقف الأمريكي والأوروبي
من حركة حماس يقوم على أساس
مبررات براغماتية تقتضيها حاجة
الولايات المتحدة الأمريكية
وحلفائها الأوروبيين إلى
استقرار منطقة الشرق الأوسط،
وهو تغيير تكتيكي محدود ولا
يمثل تغييراً استراتيجياً في
السياسة الأمريكية تجاه القضية
الفلسطينية. تنظر الولايات
المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون
إلى حركة حماس على أنها تحول دون
تسوية القضية الفلسطينية على
أساس عمليتي أوسلو وأنابوليس،
بسبب رفضها لشروط الرباعية
الدولية، وأخطرها الاعتراف بما
يسمى (إسرائيل)، إضافة إلى إسقاط
حق الشعب الفلسطيني في مقاومة
الاحتلال الصهيوني، والالتزام
باتفاقيات أوسلو والتفاهمات
والاتفاقيات الأمنية الملحقة
بها. لذلك
حاولت الولايات المتحدة
وحلفاؤها الأوروبيون والاحتلال
الصهيوني ترويض حركة حماس،
وتقويضها، وإضعاف شعبيتها.
ولكنهم فشلوا في ذلك فشلاً
ذريعاً، فقد تعاظم التأييد
الشعبي لحركة حماس، على المستوى
الفلسطيني، وكذلك على
المستويين العربي والإسلامي،
خاصة بعد فشل الحرب الصهيونية
على غزة. وتحولت
حركة حماس إلى رمز للثبات
والمقاومة والإباء، وعززت
بجهادها ومواقفها السياسية
المشرفة تيار المقاومة
والممانعة ضد محاولات الهيمنة
الصهيوصليبية على منطقتنا،
وزرعت الأمل في نفوس أبناء
الأمة بقرب التخلص من النفوذ
الأمريكي في منطقتنا. خلق ذلك كله
حالة ضاغطة بشدة على الولايات
المتحدة الأمريكية وحلفائها
وأصدقائها العرب، وبات
الأمريكيون يخشون على نفوذهم
ومصالحهم الاستراتيجية في
منطقتنا، بسبب هذه الحالة التي
لا يمكن في ظلها تحقيق
الاستقرار في الشرق الأوسط، وهو
استقرار تقتضيه المصالح
الاستراتيجية الأمريكية، ما
جعل الرئيس الأمريكي أوباما يضع
على سلم أولويات إدارته حل
النزاع الفلسطيني – الصهيوني
كونه مصلحة أمريكية ضاغطة وملحة.
وبما أن رفض حركة حماس لشروط
الرباعية الدولية جعل
الأمريكيين وحلفاءهم
الأوروبيين يرفضون الاعتراف
بحركة حماس والحكومة التي
تتولاها، وبالتالي تعثر عملية
التسوية السياسية، رأى
الأمريكيون وحلفاؤهم أنه يمكن
إعادة صياغة تلك الشروط بما
يتيح لحركة حماس المشاركة في
عملية التسوية، ويأمل
الأمريكيون وحلفاؤهم في إقناع
حركة حماس في مرحلة لاحقة
بتغيير مواقفها وميثاقها الذي
ينادي بالقضاء على (إسرائيل). ويستند
الأمريكيون وحلفاؤهم في خطتهم
الرامية إلى إشراك حركة حماس في
عملية التسوية على الحالتين
الأيرلندية والجنوب أفريقية،
حيث يرى الأمريكيون
والأوروبيون أمكانية إقناع
الفصائل الفلسطينية بالتخلي عن
سلاحها بشكل تدريجي، خاصة أن
هذه الفصائل سبق لها أن التزمت
بتهدئة مرتين على الأقل. إذاً نحن
الفلسطينيين أمام حالة استدراج
جديدة كتلك التي تم فيها
استدراج حركة فتح إلى مستنقع
التسوية السياسية، وتدويخها،
وتحويلها إلى أداة للانقسام
واستنزاف الشعب الفلسطيني،
وأداة للتآمر على حركة حماس
ومحاربة المقاومة. ووافقت
الإدارة الأمريكية بقيادة
الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي
كارتر على التحاور مع منظمة
التحرير الفلسطينية، التي
اعترفت الحكومة الصهيونية بها
ممثلاً شرعياً للشعب
الفلسطيني، دون الاعتراف بوجود
الشعب الفلسطيني أو أي من حقوقه
المشروعة، وقد نصت على ذلك
رسائل الاعتراف المتبادلة بين
ياسر عرفات ويتسحق رابين، ضمن
إطار اتفاقيات أوسلو المشئومة،
وذلك في مقابل منح م.ت.ف.
المحتلين الصهاينة حق إقامة
دولة لهم على الأراضي
الفلسطينية التي استولوا عليها
في 1948، واعترافها بشرعية هذه
الدولة المزعومة، وتعهد م.ت.ف.
بإسقاط حق الشعب الفلسطيني في
مقاومة الاحتلال الصهيوني،
وحذف بنود ميثاقها التي تنادي
بإزالة (إسرائيل). لذلك فإن
التغيير الذي عبر عنه أوباما في
خطابه، والذي عبر عنه الاتحاد
الأوروبي بأشكال متعددة
مؤخراً، هو مجرد تكتيك للتغلب
على رفض حركة حماس لشروط
الرباعية، وذلك ضمن خطة متدرجة
يظن الأمريكيون والأوروبيون
أنها ستؤدي إلى إقناع حركة حماس
بالدخول في النفق المظلم الذي
دخلته م.ت.ف. والمشاركة في عملية
التسوية التي من شأنها أن تشجع
أنظمة عربية على تطبيع علاقاتها
مع كيان الاحتلال الصهيوني. ولكن حركة حماس
ليست كحركة فتح، فهي حركة
إسلامية الفكر والمنهج، وهي
مؤتمنة على فلسطين من بحرها إلى
نهرها، وعلى حقوق الشعب
الفلسطيني، ولا سيما حق العودة،
ولا يمكن أن تنخدع بالوعود
الغربية، ولا يمكن أن تغير
ميثاقها كما فعلت حركة فتح، ولا
يمكن أن تلقي سلاحها وتتنازل عن
حق الشعب الفلسطيني في مقاومة
الاحتلال، ولا يمكن أن تمنح
كيان الاحتلال الصهيوني شرعية
تساعده في التطبيع مع العالمين
العربي والإسلامي. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |