-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مشكلة
غياب مرجعية فلسطينية موحدة
وفاعلة أ.د.
محمد اسحق الريفي اتساع
نطاق الخلافات بين الفصائل
الفلسطينية مطلب صهيوني، طالما
حرص عليه، وعمل على تغذيته
وتفعليه، لأنه يؤدي إلى إرباك
الجبهة الداخلية الفلسطينية،
وينعكس سلباً على القضية
الفلسطينية.
ويعود سبب تلك الخلافات إلى
غياب مرجعية فلسطينية موحدة
وفاعلة، ومع الأسف، لم تفلح
الفصائل الفلسطينية حتى الآن في
حل هذه المشكلة. ومن
البديهي القول، إن مشكلة
المرجعية الفلسطينية هي مصدر
الانقسام الذي يعاني منه الشعب
الفلسطيني، بل هي مصدر كل
المشاكل التي عانى ولا يزال
يعاني منها الشعب الفلسطيني،
خاصة مشكلة وقوع م.ت.ف. في شرك
عملية أوسلو لتسوية القضية
الفلسطينية سياسياً.
وقد واكبت هذه المشكلة
القضية الفلسطينية منذ
بدايتها، ولا تزال تهدد المشروع
الوطني التحرري، وتنذر بإزهاق
إنجازات الشعب الفلسطيني
وتضحياته. وقد
كتبت حول هذا الموضوع في مقالة
بعنوان "الإصلاح والمصالح
الوطنية قبل المصالحة"،
مؤكداً على أهمية إصلاح
المرجعية الفلسطينية وتفعيلها،
لضمان منح حق تمثيل الشعب
الفلسطيني لمن يستحقه، وعدم
استغلاله لتحقيق مصالح فئوية
تنطوي على احتكار للسلطة، ورضوخ
لسياسة الأمر الواقع، وتساوق مع
الأمريكيين وحلفائهم في التآمر
على الشعب الفلسطيني.
وفي هذه المقالة، أود
التركيز مرة أخرى على ضرورة
علاج مشكلة غياب مرجعية
فلسطينية موحدة وفاعلة، لضمان
إيجاد توافق فلسطيني عام حول
التعاطي مع المشاريع المطروحة
لتسوية القضية الفلسطينية،
ولإيجاد آلية متفق عليها بين
معظم الفصائل الفلسطينية
لمواجهة التحديات، ولمنع
انفراد الفصائل الفلسطينية
بالقرارات التي تؤثر جوهرياً
على القضية الفلسطينية ومستقبل
الشعب الفلسطيني. ما
دفعني لكتابة هذه المقالة،
اتساع نطاق الخلافات السياسية
بين الفصائل الفلسطينية، ولا
سيما مع تعثر الحوار الفلسطيني
الرامي إلى إنهاء الانقسام
الداخلي وتحقيق مصالحة وطنية
بين حركتي حماس وفتح، ومع
موافقة حركة حماس على إقامة
دولة فلسطينية ضمن حدود 1967،
بشرط أن تكون هذه الدولة كاملة
السيادة وأن تكون القدس عاصمة
لها، وبشرط عودة اللاجئين
الفلسطينيين إلى بيوتهم التي
هجرهم العدو الصهيوني منها،
بحسب ما صرح به رئيس المكتب
السياسي لحركة حماس الأستاذ
خالد مشعل في خطابه الأخير
الأسبوع الماضي حول مستجدات
القضية الفلسطينية.
فقد نظرت بعض الفصائل إلى
الحوار على أنه يقوم على أساس
محاصصة سياسية بين حركتي حماس
وفتح، اللتين تخوضان صراعاً على
السلطة وتسعيان إلى تقاسم
السلطة واحتكارها، بحسب بعض
الفصائل الفلسطينية.
كما عدت حركة الجهاد
الإسلامي قبول حركة حماس بإقامة
دولة على أجزاء من فلسطين
المحتلة تنازلاً عن الثوابت
الفلسطينية، وهي من وجهة نظري
محقة في توجسها، فلا أحد يمتلك
حق التنازل عن أي جزء من فلسطين.
ولكن الدولة التي تقترحها
حركة حماس بالشروط التي ذكرها
الأستاذ مشعل تضمن تحرير فلسطين
من نهرها إلى بحرها. ومما لا
شك فيه، أن هذه التناقضات
السياسية بين الفصائل
الفلسطينية، أربكت الجبهة
الداخلية، وانعكست بشدة على
الخطاب السياسي الفلسطيني،
وجعلته متناقضاً وغامضاً في
أنظار العالم، بل تنذر هذه
التناقضات الآخذة في التعميق
بتصعيد الخلافات بين الفصائل
إلى حد غير مسبوق، خاصة في ظل
التطورات الأخيرة التي تمر بها
القضية الفلسطينية. لذلك لا
بد من التوجه إلى حوار وطني شامل
بين جميع مكونات الشعب
الفلسطيني، في الداخل والخارج،
وإفساح المجال أمام جميع القوى
والمؤسسات والشخصيات
الفلسطينية للمشاركة في هذا
الحوار، ورفض التقيد بالبرنامج
الذي تطرحه مصر والآلية التي
تفرضها على الفصائل المتحاورة
في القاهرة، إذ تتعامل مصر مع
الحوار بين حركتي حماس وفتح
خاصة، وبين الفصائل الفلسطينية
عامة، على أنه وسيلة لترويض
حركتي حماس والجهاد، وباقي
الفصائل الرافضة للخضوع
للمجتمع الدولي، وإخضاعها إلى
إملاءات المجتمع الدولي.
ولا بد من وضع بند المرجعية
الفلسطينية على قمة أجندة
الحوار الشامل المقترح، بطريقة
تضمن عدم التنازل عن الثوابت
الفلسطينية، وعدم الاستجابة
لمحاولات المجتمع الدولي إلى
الاعتراف بما يسمى (إسرائيل)،
بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. أما إذا
فشلت الفصائل الفلسطينية في
إنشاء مرجعية فلسطينية موحدة
وفاعلة ومستقلة، وتكون بمثابة
المؤتمر الذي يجمع الشعب
الفلسطيني ويعبر عن طموحاته
ويحقق التوازن بين هذه الفصائل،
ويتم عبره وضع المحددات
والمعايير للتعاطي مع القضية،
فإنها جميعاً تتحمل مسؤولية
استمرار معاناة الشعب
الفلسطيني وضياع حقوقه وأرضه. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |