-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 04/07/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محطات صغيرة في حياة إنسان عادي

المحطة رقم - 1

ولادة الذاكرة 

الجزء الثاني

المهندس هشام نجار

إخوتي وأخواتي

في عام 1949 انتظمت في الصف الأول في مدرسة عمر المختار وكان مديرها الأستاذ المرحوم محمد علي الجبلاوي وكان من أصدقاء الوالد, فألبستني والدتي الصدارة السوداء وأخاطت لي جيباً واسعاً من المخمل الأسود يتسع لجزء عما من القرآن الكريم، وكتاب بابا - ماما - دادا, ودفتر رقيق مرسوم على غلافه صورة الملك فيصل الأول ابن الشريف حسين شريف مكه والذي تقلد عرش سوريا قبل الإستعمار الفرنسي، وقلم رصاص، ومبراة، وممحاة. ولم تنس أن تخيط عليه عبارة "ماشاء الله وكان " وتحتها كتبت إسمي, اما جيوب صدارتي السوداء فكانت محشوه بالفستق والبرغل المحمص مع القنبز وكان يسمونها قليه,أما الجيب الثاني فكان محشواً بقطعة قمر الدين أو زبيب وجوز. كنت أنطلق إلى المدرسه والجيب المخملي يتدلى على جانبي الأيسر فأشعر بالفخر. نقف بالطابور الصباحي باحترام منشدين النشيد السوري: "حماة الديار عليكم سلام ـ أبت أن تذل النفوس الكرام" نلحقه مباشرة بنشيد فلسطين: "فلسطين نادت فلبوا النداـ إلى الحرب هيا جيوش الفدا" لقد كانت سوريا في قلب فلسطين وفلسطين في قلب سوريا

عشت طفوله عاديه إلا أن ذاكرتي كانت تختزن مفردات منتميه إلى جيل الكبار، مثل فلسطين، الهجره، النكبه، إسرائيل، يهود وغيرها، ومما عزز هذه المفردات في ذاكرتي هو وصول دفعات من الأخوه الفلسطينيين إلى بلدة الباب الصغيرة والتي تقع في شمال سوريا،وأذكر منهم الأستاذ حسن زكاري من القدس، حيث منحه الوالد عدد من الساعات لتدريس اللغه الأنكليزيه، وكان لديه إعتقاد بإن غربته لن تطول عن بلده القدس إستناداً إلى وعود الساده حكام العرب

 

الإخوة والأخوات

مضى على هذه الواقعة ستون عاماً ومازال أحفاد أولاده ينتظرون من الساده أحفاد حكام أبيه سراب الفرج. أما المفرده التالية والتي أستقرت في ذاكرتي فكانت الإنقلابات العسكريه، وقد تكررت هذه العباره ثلاث مرات في عام واحد، فكيف لا تصبح جزءاً من الذاكره ؟ كان ترتيب الإنقلابات على الشكل التالي

الزعيم {وتعني عميد} حسني الزعيم من 30 آذار/ مارس 1949 وحتى 14 آب/ أغسطس 1949

اللواء محمد سامي الحناوي من 14 آب/ أغسطس 1949 إلى 19 كانون الأول/ ديسمبر 1949 

العقيد أديب الشيشكلي الإنقلاب الأول من 19 كانون الأول/ ديسمبر 1949 وحتى 2 كانون الأول/ ديسمبر1951 وكان يحرك الأحداث من وراء ستار بعد أن عين صديقه اللواء فوزي سلو رئيساً للجمهوريه، ثم أزاحه في عام 1951 ليستمر في حكم سوريا بمفرده حتى يوم 25 شباط سنة 1954, حيث أذاع النقيب مصطفى حمدون من إذاعة حلب نداء "للإنتفاضة" على الشيشكلي مطلقاً البيان الأول من إذاعة حلب مطالباً إياه بمغادرة البلاد تجنباً لسفك الدماء اغتيل العقيد الشيشكلي في الأرجنتين على يد شخص درزي وبتآمر شخصي من كمال  جنبلاط 

 

الإخوة والأخوات

 قبل أن أنهي هذه الحلقه،وجدت أنه من المفيد التعليق على هذه الإنقلابات المتتاليه من وجهة نظر حياديه بحته وإني على استعداد لسماع أية وجهة نظر أخرى بأريحية تامه.كان حكام المنطقه العربيه منذ إنتصار بريطانيا في الحرب العالميه الأولى وحتى خمسينات القرن الماضي تابعين تماماً وبلا منازع لبريطانيا, معسكرات بريطانيا تحيط بقناة السويس وتحرك الأحداث من مصر، بريطانيا في عدن اليمن الجنوبي سابقأ وتملك أكبر قاعده بحريه في المنطقه، بريطانيا تملك أكبر قاعده جويه في ليبيا قرب طرابلس العاصمه، بريطانيا في قبرص وتملك أكبر شبكة رادار في المنطقه إضافة إلى قواعدها الجويه والبحريه هناك،بريطانيا تدير حلفاً سياسياً وعسكرياً مؤلفا من تركيا،العراق، باكستان أطلق عليه في فتره لاحقه حلف بغداد، بريطانيا موجوده في دول الخليج العربي، وكان يطلق عليها بالمحميات البريطانيه, بريطانيا تضع على رأس أركان الجيش الأردني الجنرال البريطاني كلوب باشا, بريطانيا تملك أفضل إعلام في ذلك الزمن متمثلاً بإذاعة الشرق الأدنى للإذاعة العربيه وتعرف إختصاراً بي بي سي ومركزها حيفا ثم إنتقلت إلى قبرص بعد حرب السويس عام 1956 وكانت محل ثقة الشعوب العربيه كونها إذاعة لاتنطق بإسم الحكام

 إذن كانت هناك حرباً خفيه بين بريطانيا وأمريكا حيث بدأت أمريكا بسحب البساط من تحت أقدام بريطانيا تدريجياً حتى أزالتها تماماً من المنطقة

 

الإخوة والأخوات

كانت سوريا مركز الصراع الأمريكي البريطاني قبل أن تنقله أمريكا إلى مناطق عربيه أخرى,فإنقلاب الزعيم حسني الزعيم كان إنقلاباً أمريكياً بجداره وإصابه مباشره لنفوذ بريطانيا، ردت بريطانيا وبسرعه فائقه على الهجوم الأمريكي بهجوم مضاد بعد شهور فقط بإنقلاب اللواء سامي الحناوي، حيث بدأت العلاقات تتقارب من جديد مع النظام الملكي في بغداد, ردت أمريكا وبشكل سريع بالإنقلاب الأول للعقيد أديب الشيشكلي ثم تعزيز الإنقلاب في عام 1951

 لم يعد بمقدور بريطانيا متابعة هذه الجولات في سوريا، فاتجهت لتعزيز

 نفوذها في مراكز أخرى وخاصة مصر، وهنا ليسمح لي أصدقائي الناصريين  لأقول بإنه بعد أن سقطت بريطانيا في سوريا بدأت أمريكا في ترتيب الأمور في مصر فكان إنقلاب 23 يوليو تموز 1952 إن ما حصل في مصر لايعتبر ثوره على الإطلاق وإنما كان إنقلاباً عسكرياً مدروساً على النفوذ البريطاني في مصر شبيهاً بإنقلابات سوريا فالبيانات رقم واحد متشابهه ومتطابقه  وإذا علمنا أنه بعد أن إستقر الوضع لضباط الجيش بدأت مباحثات إنهاء القواعد البريطانيه في قناة السويس ثم أنتهت بريطانيا في مصر إلى غير رجعه، تكرر السيناريو مرة أخرى في ليبيا حيث قامت عدة آليات فقط بإحتلال الإذاعه والتي كانت تبعد على مرمى حجر من قاعدة وليز البريطانيه،فلم تحرك ساكناً، لإنها تعلم أن النتيجه ستحسم لصالح أمريكا، فآثرت الإنسحاب بصمت،ثم بدأت مباحثات إنهاء القواعد البريطانيه في ليبيا بنفس أسلوب الذي أتبع في مصر 

 

إنقلابيون لا ثوار

الرئيس جمال عبد الناصر- العقيد معمر القدافي وغيرهم...

اتفقوا جميعاً على صيغه موحده للبيان رقم 1 واختلفوا بعدها على كل شيء...

بيان رقم 1

"مدفوعين بغيرتنا الوطنية، ومتألمين لما آل إليه وضع البلد من جراء افتراءات وتعسف من يدّعون أنهم حكامنا المخلصون، لجأنا مضطرين إلى تسلم زمام الحكم مؤقتاً في البلاد التي نحرص على المحافظة على استقلالها كل الحرص. وسنقوم بكل ما يترتب علينا نحو وطننا العزيز، غير طامحين إلى استلام الحكم، بل القصد من عملنا هو تهيئة حكم ديمقراطي صحيح يحل محل الحكم الحالي المزيف"

 

أيها الإخوة والأخوات

سأكمل مشوار المحطات في المقالات القادمة وسيغلب على المحطة التالية الطابع الاجتماعي وهي آخر مقالة من محطة ولادة الذاكرة

إلى اللقاء  ..

مهندس / هشام نجار

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ