-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 05/07/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


القرار السياسي والقرار العشائري

محمود عثمان

بكثير من الإعجاب وشيء من الحيرة أتابع المسيرة السياسية للسيد طارق الهاشمي . فقد تسلمه زمام قيادة الحزب الإسلامي العراقي في فترة عصيبة بالغة التعقيد من تاريخ العراق والأمة الإسلامية . حيث تداعت الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها , واستجلبت أمريكا جنودا من بلاد لم نسمع بها من قبل ولا نعرف مكانها على الخارطة , وأشعل فتيل الفتنة التي حصدت الأخضر واليابس والتي كان السنة الضحية الكبرى لها .. لازلت أذكر قولته التي تناقلتها وسائل الإعلام عندما زار أحد السجون واشتكى له ساكنوها من الظلم والحيف وسوء المعاملة يومها قال لأحدهم وهو يربت على كتفيه :" والله من هم خارج السجن ليسوا بأحسن منكم حالا  " ..أيامها اغتيل أخوه أحد كبار ضباط  الجيش العراقي ومعظم أفراد عائلته .. أيامها كانت أشلاء قتلى السنة ترمى في القمامات وعلى جنبات الطرقات .. لكنه تحلى بالحكمة والصبر .. لم يطلق صيحات الثأر والانتقام . ولو فعل لقتل من السنة أكثر .. ولو فعل لخسر السنة أكثر مما خسروا عسكريا وسياسيا .. لأن ميزان القوى ليس في صالحه , ومفاتيح الأمر بيد عدوه .. والأدهى من هذا كله أنه لا يعرف السهم الذي يأتيه ..! هل هو من الأمريكان ؟ أم من مواطنه من الشيعة ؟ أم من بني جلدته من خوارج آخر الزمان ؟! وفوق هذا  "ربعه " السنة منقسمون متفرقون شر فرقة .

الظروف السياسية تضطرك أحيانا لتأجيل بعض مطالبك أو جلها من أجل الوصول إلى هدف أكبر ..هذا علي ابن أبي طالب لا يأخذ على يد قاتلي عثمان - رضي الله عنهما – لأن ظرفه السياسي لم يسمح له بذلك . و مذهب أهل السنة والجماعة يرجح اجتهاده ويؤيده رضي الله عنه .

وهذه الحركة الإسلامية في تركيا تعرضت لما تعرض له باقي الحركات الإسلامية من التضييق والحبس والتنكيل لكنها صبرت ولم تجنح في يوم من الأيام للعنف وسفك الدماء.. لا زلت أذكر يوم أغلق حزب الفضيلة الذي جاء في المرتبة الأولى في الانتخابات وحصل على أكثر من مليوني صوت .. أغلق الحزب ولم يكسر يومها زجاج نافذة ولم يتجمهر عشرة أشخاص . رغم أن ذرائع إغلاقه كانت واهية ضعيفة لا تتعدى قصاصات الجرائد وقراءة النوايا التي لا تقوم بها حجة قانونية .. ومع ذلك لم يزد الأمر على أن تقدمت الحركة بوجوه جديدة وأسست حزبا آخر وتابعت مسيرتها إلى أن وصلت إلى درجة نيل ثقة نصف المجتمع التركي .

البارحة – على سبيل المثال - تم اعتقال عقيد أركان في الجيش ووضع في السجن ثم أفرج عنه بعد ضغوط كبيرة  وتوسلات للحكومة التي كان جل أعضائها يتعرضون كغيرهم من الإسلاميين للضغط والتضييق من قبل هذا العقيد وأمثاله ومع ذلك فإنه سيمثل أمام المحكمة لمقاضاته .. يوم الجمعة الماضي أقر البرلمان قانونا يسمح بمحاكمة العسكر في المحاكم المدنية .. اليوم تطالب الصحافة العلمانية بأن يكون رئيس الجمهورية عبد الله غل حكما بين الحكومة والعسكر بعد أن كان غير معترف به من طرفهم لفترة قصيرة .. هذه الأحداث والتطورات لو حدثني بها أحد قبل عشر سنوات لشككت في قدراته العقلية .. حتى ملاحقة منظمة الأركنكون التي تقف وراء تدبير محاولات الانقلاب على السلطة السياسية لم تبدأها الحكومة ولم يدعمها حزب العدالة والتنمية الحاكم لأنهما لا يريدان الصدام مع الآخرين .

أسوق هذه الأمثة للذين يريدون ممارسة العمل السياسي بطريقة عشائرية فيمضون أوقاتهم وينفقون طاقاتهم , ويحصرون عقولهم وجل تفكيرهم في تحديد الجاني وأخذ الثأر منه , ولو كان ذلك على حساب دمار البلد ومصير الأمة . رئاسة العشيرة شيء والعمل السياسي شيء آخر .. قانون العشيرة يحتم الأخذ بالثأر وحسب . ولا أهمية لما سيجلب ذلك من مصائب وكوارث , ولا يعنيها موازين الربح والخسارة لأن الثأر هدف بحد ذاته ولو فنيت من أجله العشيرة عن بكرة أبيها .. أما الحركة الإسلامية التي حملت أمانة الأمة , ورسمت لنفسها طريق التغيير , وأخذت على عاتقها إصلاح المجتمع , فلا يمكن بأي حال أن تقف عند مسألة تجريم فلان ومحاكمة علَان والثأر من آخر , ولا يمكن أن تعرقل مسيرتها أحداث مر عليها عشرات السنين .. على قياداتها إدراك حقيقة أن "الصخرة ثقيلة يحسب حسابها مادامت في مكانها أما إذا اهتزت ورفعت فقد تلاشت" وذهبت قوتها واختل توازنها وهذا هو حال الحركة الإسلامية في سوريا . إذ هي الممثل الحقيقي للشعب السوري والمعبر عن آماله وآلامه , لذلك يراد لها أن تبقى بعيدة عن الساحة مقطوع ارتباطها بالشعب . هذا ما يؤكده من غرماؤها السياسيون من البعثيين وغيرهم , ويعبرون عن ذلك بكل وضوح أن لا مكان للحركة الإسلامية على الساحة السورية .

إن عجلة الزمن تدور وقطار الأحداث يسير ولن ينتظر أحدا فردا كان أم جماعة أم حزب .. هناك فراغ سياسي كبير في الساحة السورية .. وإذا كان النظام قد نجح في الحيلولة دون ملئه حينا من الدهر فإن ذلك لن يدوم لأن كل فراغ لا بد له من أن يملأ .

أليست هذه سنة الله في هذا الكون ؟

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ