-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تسلل
مروجي ثقافة الاستسلام إلى
العقول والقلوب أ.د.
محمد اسحق الريفي يحاول
كثير من مروجي ثقافة الاستسلام
التسلل خلسة، من باب النصيحة،
إلى عقول أبناء الشعب الفلسطيني
وقلوبهم، لغرس بذور ثقافة
الاستسلام فيها، وتحطيم روحهم
المعنوية، وإقناعهم بضرورة
الرضوخ لحكم الأمر الواقع
والانكسار أمام طغيان العدو
الصهيوني. يريد
المروجون لثقافة الاستسلام من
الشعب الفلسطيني أن يخفض سقف
طموحاته، ويتخلى عن أهدافه
الوطنية الكبيرة، وينصاع لحكم
الأمر الواقع، مغلِّفين دعوتهم
له إلى الاستسلام بنصيحة زائفة،
تنطوي على تناقضات كبيرة،
وتتعارض مع قيمنا الإسلامية،
وزاعمين أنهم يهدفون من وراء
ذلك إلى تحرير الشعب الفلسطيني
من أسر الشعارات الكبيرة، ومن
الاحتكام إلى العواطف
والمشاعر، التي يزعمون أنها
تصطدم بالواقع وتعيق صناعة
النصر الحقيقي!!.
ومن هذه
الشعارات الكبيرة، "تحرير
فلسطين من البحر إلى النهر"،
وهو شعار يعبر عن طموحات الشعب
الفلسطيني، ويتضمن أهدافه
الوطنية، ويقوم على أساس حقوقه
المشروعة، ويعبر عن واجب شرعي
وضرورة وطنية، وقومية، وحضارية.
وهو شعار تتناقله الأجيال
الفلسطينية، جيلاً بعد جيل، دون
تفريط أو تبديل، حتى تحرير كل
فلسطين. وهذا
الشعار لا يروق لهؤلاء المروجين
لثقافة الاستسلام، فهم يريدون
من الشعب الفلسطيني أن يرفع
شعاراً آخر أصغر منه، يتضمن
تنازلاً عن الأراضي الفلسطينية
التي استولى عليها العدو
الصهيوني في العام 1948،
والاعتراف بأن كيان الاحتلال
الصهيوني يستحق الوجود والعيش
بأمن وسلام في منطقتنا العربية،
وبأن الأرض الفلسطينية التي
استولى عليها اليهود والصهاينة
هي ملك لهم. ويريد
المروجون لثقافة الاستسلام من
الشعب الفلسطيني أن يسلِّم بأن
ما يسمى (إسرائيل) هي الحقيقة
التي لا يمكن الشك فيها، والأمر
الواقع الذي لا يمكن تغييره،
والقدر الإلهي الذي لا يمكن
تفاديه، وأن أي محاولة لتغيير
هذا الواقع هي انجرار وراء
العواطف والمشاعر والشعارات.
والأكثر مصيبة من ذلك، يشكك
هؤلاء المرجفون في قيمة النصر
الذي حققته غزة على العدو
الصهيوني في حربه الأخيرة
عليها، زاعمين أن الشعب
الفلسطيني يميل إلى دغدغة
عواطفه بنصر تنكره الحقائق
والأرقام والوقائع، محاولين
إقناعه بضرورة الانكسار أمام
وحشية العدو الصهيوني ودمويته،
والشعور بالذلة والهوان،
والاعتراف بأن غزة انهزمت.
وهذه دعوة مناقضة للآية
الكريمة: {فَلَا تَهِنُوا
وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ
وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ
وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن
يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}
محمد35، والآية الكريمة:
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ
قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ
كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا
أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ
اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا
اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ
يُحِبُّ الصَّابِرِينَ } آل
عمران146، وآيات أخرى كثيرة
أمرنا الله عز وجل فيها بعدم
الهوان والحزن مهما أصابنا من
ألم. إن
ظاهرة ارتفاع الروح المعنوية
لدى أبناء الشعب الفلسطيني في
غزة، رغم الحصار والخراب
والدمار، التي شهد العديد من
الصحفيين والسياسيين الدوليين
على وجودها، والتي نشهد نحن
أيضاً على وجودها، هي ظاهرة
صحية وصحيحة، لا تتناقض مع
الواقع ولا تصطدم به، ولا تدغدغ
العواطف، لأنها تقوم أساساً على
حقائق لمسها المواطنون الغزيون
خلال الحرب على غزة، بل إن صمود
الشعب الفلسطيني وعدم استسلامه
للعدو الصهيوني طوال السنوات
الماضية، رغم الحصار والحرب
والعدوان، لهو نصر حقيقي على
العدو الصهيوني والعدو
الأمريكي وحلفائه العرب
والأوروبيين، وعلى دعاة
الاستسلام الذين ينساقون وراء
الدعوات الغربية للشعب
الفلسطيني إلى الاستسلام. وهنا
أوجه هذه الأسئلة لمروجي ثقافة
الاستسلام: ما قيمة الإنسان إذا
تحطمت روحه المعنوية وانكسر
أمام عدوه وشعر بأنه لا قِبل له
به؟!، وما قيمة الإنسان إذا سيطر
عليه اليأس وشعر بالذلة
والهوان؟!، أليست دعوة الشعب
الفلسطيني إلى الاعتراف
بالهزيمة والضعف والعجز عن
مواجهة العدو الصهيوني هي دعوة
معادية يهدف أعداء الشعب
الفلسطيني من ورائها إلى كسر
إرادته وإجباره على الاستسلام
والتنازل عن الحقوق والثوابت؟!!. ومما
يؤسف له، أن كثيراً من الكتَّاب
يجهلون، أو يتجاهلون، دور
العاطفة والشعارات الكبيرة في
شحذ الهمم، والتعبئة،
والتوعية، والتواصي بالحق،
والتواصي بالصبر، ولا سيما في
ظل الحرب التي تقودها الولايات
المتحدة على العقول والقلوب،
والتي رصدت لها أموالاً طائلة،
وجندت لها جيشاً من الإعلاميين
والسياسيين وعلماء النفس.
ومما يثلج الصدر، أن
الولايات المتحدة خسرت معركة
الأذهان والوجدان، وهي خسارة
كبيرة ساعدت على إفشال المشروع
الأمريكي لبناء شرق أوسط جديد
يقوده مستسلمون!!. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |