-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
محطات
صغيره في حياة إنسان
عادي المحطة
رقم (2) الصبا والشباب الجزء
الأول
المهندس
هشام نجار
عدنا
إلى مدينتنا حلب عام 1951 وسكنا في
حي الجميليه شارع حافظ إبراهيم،
لم يكن الشارع طويلاً يشغله
سبعة أبنيه فقط من جانب واحد
،أما الطرف المقابل للأبنية
فتشغله مؤسسة النقل الداخلي،
على بعد خمس دقائق من البيت،
كانت تقع الحديقه العامه على
مساحة 16 هكتاراً أشجارها رائعة
ونوافيرها كثيرة ومضاءة ليلاً،
كان والدي يحب أن يصطحبني إليها
مساءً ، وما أن نستريح على أحد
المقاعد قرب إحدى النوافير، حتى
يبادرني والدي بالسؤال التالي:
يالله ياهشام أعرب البيتين
التاليين: أمتي هل لك بين الأمـم منبر
للسيف أو للقلـم أمتي كم صنماً مجدته لم
يكن يحمل طهر الصنم
كان
والدي رحمه الله يضرب عصفورين
بحجر واحد، فهو يعطينا درساً في
الحريه والوطنيه ودرساً في
الإعراب. لم يكن والدي في ذلك
الوقت يرتدي نظاره طبيه رغم
حاجته إليها مما كان يسبب له بعض
الإحراج،وفي إحدى المرات سلم
عليه أحد أصدقائه بحراره من
الرصيف المقابل، فرد والدي عليه
ببرود، ثم سألني من هذا الرجل
الذي سلم علينا ياهشام، فقلت له
إنه الأستاذ أحمد أما عرفته؟
فقال لعن الله الشيطان كان يجب
أن أسلم عليه بحراره لقد كنت
مدعواً عنده على العشاء منذ
أسبوع فقط، وبعد هذه الحادثه
لبس والدي النظاره ولم يرفعها
قط. أما حكايته مع الطربوش فكانت
قصة أخرى،كان والدي يضع الطربوش
قرب سريره، وكان يعتبر مخزناً
لطلبات العائله، فكل منا كان
يكتب طلباته ويضعها في الطربوش،
يعلق والدي على ذلك ضاحكاً،الله
يساعد هالطربوش شو بدو يتحمل
ليتحمل،إلا أن والدي تخلص من
الطربوش تدريجياً بعد أن أخذت
الموضة بالانحسار. في شهر إيلول
من نفس العام تسجلت في الصف
الثالث في مدرسة الفاروق
القريبه من بيتنا، وسرعان
ماشكلت صداقات مع رفاقي في
المدرسه،ولكن الصداقات مع
أولاد حارتنا القاطنين بشارع
حافظ إبراهيم كانت أوثق حيث
قمنا بتشكيل ندوه رياضيه
وثقافيه سميناها بإسم الشارع
الذي نقطنه أي ندوة حافظ
إبراهيم وسجلناها في مجلة
سندباد المصرية العريقة حيث
كانت تكتب قصصها باللغة العربية
الفصحى وكان والدي يشجعنا على
قراءتها، كنا حوالي إثنا عشر
صديقاً متقاربين في السن،أحدنا
أستلم وزارة الرياضه وهو مسؤول
عن كل الأدوات الرياضية وتنظيم
الفرق والمباريات، وآخر مسؤول
عن الثقافه، ويحتفظ بكل القصص
والكتب ولديه سجل خاص لتسجيل
الكتب المعاره وتاريخ
إعادتها،وثالث مسؤول عن
الميزانيه والتي كنا نغذيها من
مصروفنا الشخصي. كنت واخوي زهير
وغسان أعضاءً في هذه الندوه،
مما يعطينا ميزة إتخاذ القرارات
بالأكثريه، ولكننا كنا
ديموقراطيين إلى أبعد الحدود،
ومع ذلك لم يتعلم حكامنا درساً
واحداً في الديموقراطيه من
ندوتنا الصغيرة. الإخوة
والأخوات: مدينتي
حلب ولدت مع التاريخ، وتشير
المخطوطات إلى أنها كانت مأهوله
منذ أربعة الآف سنه. مرت عليها
حضارات مختلفه, سكنها سيدنا
إبراهيم وتقول الروايات أنه
أقام في قلعتها،وكان يحلب بقرته
الشهباء ويوزع حليبها على
جيرانه، ولهذا السبب دعيت
المدينه بأسم حلب الشهباء,
وكانت إحدى المحطات الهامه على
طريق قوافل الحرير القادمه من
الصين, فتحها المسلمون وخلصوها
من الرومان, بقيت حلب ثغراً من
ثغور الإسلام حيث كانت تشكل خط
الدفاع الأول عن الأمه
الإسلامية،حاول الصليبيون
إحتلالها مرتين وفشلوا لمناعة
أسوارها وبأس رجالها، لحلب تسعة
أبواب بعضها مازال قائماً، ومن
البوابات القائمه حتى الآن باب
الحديد، حيث كان بيت جدي لأمي
يقطنون قريباً منه، إذا دخلت من
الباب فسيقودك الطريق إلى سوق
مظلمه مسقوفه بشكل قناطر وعلى
جانبيه مصاطب حجريه وراءها
دكاكين بأبواب خشبيه قديمه، هذا
السوق المظلم يسمى بقبو
النجارين بني منذ العهد
الأيوبي، ومازال فعالاً في
تأمين النجاره اليدويه
للفلاحين معظم أجدادي تواجدوا
في هذا القبو وامتهنوا النجارة
ومازال بعض أحفادهم يعملون في
هذا المكان المملوك لمديرية
الأوقاف الإسلامية, ومن هذا
القبو تقلدنا اسم العائله،يتم
المحافظه على هذا المكان ومناطق
أثريه أخرى في المدينه بالتعاون
مع دول أوروبيه عديده.
الرحلة بين بيت جدي
وبيتنا تمر عبر هذه الصور
التاريخية
قلعة لها تاريخ في
الدفاع عن بلاد المسلمين من
هجمات الروم الرحله
بين بيت جدي القريب من المنطقه
التاريخيه قرب قلعة حلب
التاريخيه وبين بيتنا في حي
الجميليه الحديث رحله تاريخيه،
كان الترام الكهربائي بلونه
البرتقالي والمؤلف من عربتين
فيهما مقاعد مخصصه للنساء فقط
لايقربها الرجال هي وسيلة النقل
الرئيسيه، كان هناك خطين
متقاطعين للترام, الأول يمر
بجانب بيت جدي وكان يجتاز
المدينه من شرقها إلى غربها عبر
طريق مواز للسور ثم يدخل
المنطقه الحديثه وأنزل في إحدى
مواقفها في حي الجميليه متوجهاً
الى بيتنا في شارع حافظ
إبراهيم، وعند أحد مواقف الترام
بين باب الفرج وباب النصر يقع حي
لليهود داخل منطقة السور, أما
الطرف الآخر خارج السور فيقع حي
الجديده ببنائه العربي المتميز
حيث حول بعض بيوته إلى مطاعم
متميزه.
بيت عربي التصميم
تم تحويله إلى مطعم راق في حي
الجديده سكن في
هذا الحي الشاعر المعروف أبو
فراس الحمداني ابن عم أمير حلب
سيف الدوله، والذي كان له
مقارعات مع الروم تسجل بافتخار.
أما خط الترام الثاني فيقطع
المدينه من شمالها إلى جنوبها
ويتقاطع مع الأول في منطقة باب
الفرج. أيها
الإخوة والأخوات... في
الحلقة القادمة سأكتب نبذه عن
أعراس تلك الأيام كما عاصرتها
وأهم مأكولات المطبخ الحلبي
الشهير مع أهم الحوادث السياسية
التي واكبت تلك الفترة من حياتي
فإلى اللقاء... هشام
نجار ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |