-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
محطات
صغيرة في حياة إنسان
عادي المحطة
رقم (3) طالب
ثانوي
الجزء
الثاني
المهندس
هشام نجار إخوتي
وأخواتي ... في عام
1960 إنتظمت في صف الحادي عشر أو
الثاني ثانوي، كان هذا العام هو
آخر سنين الشقاوه، فالعام
القادم سيكون سنة البكالوريا
ولن يكون لدي وقت للشقاوه،عام
1960 كان أيضاً عام تكوين الشخصيه
المستقله حيث بدأت في نقاش
أساتذتي معبراً عن وجهة نظري،
ومازلت أذكر المداخله التاليه
مع أستاذ اللغه العربيه، كان
موضوع الدرس الشاعر الجاهلي
إمرؤ القيس,كتب الأستاذ على
السبوره: إمرؤ القيس ولد في عام
501 ميلادي توفي في عام 544 ميلادي،
ثم بدأ يشرح سيرته الشخصيه
قائلاً: كان إبناً لملك بني أسد
المنحدره من قبيلة كنده
العريقه،عاش عيشة الترف
والمجون,أغارت على قبيلته قبائل
عربيه أخرى فانتزعوا ملك أبيه,
هام إمرؤ القيس على وجهه مع
صديقه قاصداً بلاد الروم طالباً
مساعدة قيصرها لإسترداد ملك
أبيه. هنا إستأذنت الاستاذ
قائلاً: إستاذي مع إحترامي
لإمرؤ القيس فهو شاعر فحل لايشق
له غبار وأحد اصحاب
المعلقات،الا أني أعتبره
إنساناً عميلاً، فعندما ينشد بكى
صاحبي لما رأى الدرب دونه
وأيقن انا لاحقانـي بقيصـرا تابعت
قائلاً: كان الأجدر به أن ينظم
صفوف قبيلته فإن كان صاحب حق
فستدعمه في إسترداد ملك أبيه،
أما أن يطلب مساعدة أعداء أمته
من أجل إسترجاع الملك فهذا هو
العار بذاته، فكيف سيكون موقفه
إذا عاد حاكماً لقبيلته بفضل
هؤلاء الروم سوى عميل صغير لهم
مطيعاً لأوامرهم منفذاً
لرغباتهم. إبتسم الأستاذ وصفق
الطلاب ورب سائل اليوم يسأل: هل
مازلت ياهشام عند رأيك منذ ثمان
وأربعين عاماً؟ لأجبته دون تردد:
بل أنا أكثر إصراراً على رأيي من
البارحه، فمهما تفنن المحتل
الغريب، والعميل القريب
وألبسوا أنفسهم كل الثياب
البريئه وزينوا وجوههم بكل
مساحيق التجميل في العالم،
وجملوا رؤوسهم بأحلى باروكات
الدنيا، ثم أدخلوا قدمهم في
حذاء سندريلا الجميل، فلن يغير
القاموس من معاني كلماته وسيبقى
المحتل الزاحف إلينا من وراء
محيطات العالم محتلاً, والعميل
المختبئ وراء قنواته الفضائيه
والمتلبس لثوب الوطنية الكاذب
عميلاً. كان
أستاذ الرياضيات بدر الدين علاء
الدين يعطينا درساً عن
اللانهايات، رفعت يدي وسألته:
يا أستاذ بدر ـ وكنا نمازحه
كثيراً ـ في الصفوف الإعداديه
قلتم لنا أن الخطين المتوازيين
مهما امتدا لا يتلاقيان واليوم
تقولون لنا إنهما يتلاقيان ولكن
في اللانهايه, تابعت مازحا:
والله حيرتونا معكم إرسوا على
بر.. يتلاقيان أم لايتلاقيان؟
بدي الجواب هلق {الآن} وضج
الطلاب بالضحك، رد الأستاذ بدر
الدين علاء الدين وكان من أشهر
أساتذة الرياضيات في حلب واكثر
الأساتذه عصامية فقد كان يعمل
في صناعة الأحذيه ويتابع تحصيله
في نفس الوقت، توفي شاباً رحمه
الله. رد علي قائلاً: ياهشام
عليك أحياناً أن تبحث عن
الحقيقه في منطقة اللامعقول {خارج
إدراك الحس البشري} فأجبته
مازحاً: هوا إحنا فهمانين
الأولى حتى نفهم التانيه وضحك
الجميع. أيها
الإخوه والأخوات ما قاله
الاستاذ بدر لايخص العلم
الرياضي فحسب، بل يدخل في صلب
الإيمان بالغيبيات، وسأتطرق
لهذا الموضوع المهم مستقبلاً إن
شاء الله بمقاله مبسطه. كان حبي
لمواد الرياضيات والفيزياء
والأدب العربي والتاريخ مع حب
بسيط للكيمياء جعلت علاقتي مع
أساتذة هذه المواد جيده، ولكن
الأمر لايخلو من طرائف مع
أساتذه آخرين، كان لدينا حصة
أسبوعيه واحده للموسيقا،وكنا
ننتظرها بفارغ الصبر، أقنعني
الطلاب أن أقوم بتقليد الفنان
عبد الحليم حافظ واختير طالباً
آخر لتقليد الفنان محمد عبد
المطلب، فأحضر طربوش والده
القديم المزفت والذي أصابته
الشمس بدائها لعشرات السنين
فكان فيه كل الألوان عدا اللون
الأحمر ثم أجلسناه على كرسي
معتمراً طربوشه واضعاً على
ركبته منديلاً أين منها ملاءة
الفراش وبدأنا بسرعه بالإعداد
للحفله قبل دخول أستاذ الموسيقا
مع حضور قوي من طلاب الفصول
المجاوره، وقفت بجانب عبد
المطلب بينما وقف وراءنا عدد من
الطلاب يستعدون للعزف بطريقه
إيمائيه يقودهم طالب
كاريكاتوري المنظر مركب على
وجهه نصف فردة شارب, وما أن أعطى
الأذن بالعزف حتى بدأت بأغنية
سواح وماشي في البلاد سوا....ح،
وبنفس الوقت إنطلق صوت أخانا
عبد المطلب بأغنية السبت فات..
والحد فات.. وبعد بعدو يوم
التلات.. ميعاد حبيبي ميعاد
حبيبي. إنطلق صوتان متناقضان
وسط صخب الطلاب وضحكهم، ويبدأ
الطلاب بتشجيعي عن عمد وأنا
أقول لهم حاضر حاضر من عيني
فيثور عبد المطلب ويرمي بطربوشه
على الأرض، وفي وسط هذه الفوضى
يدخل أستاذ الموسيقا متصنعاً
برودة الأعصاب ويبدأ بتهدأتنا
ولايستقم الأمر الا قبل عشرة
دقائق من إنتهاء الحصه عندها
يطلب من أحد الطلاب الذهاب إلى
السبوره لرسم السلم الموسيقي،
وعندما طلبني لرسمه ذات مره قمت
بوضع مفتاح صول على يمين السلم
الموسيقي عن قصد فقال لي ياهشام
ياهشام يا هش... ام بعد عشرين
حصه عن السلم الموسيقي ولاتعرف
موقع هذا المفتاح على شمال
المدرج، فاجبته أعرف ولكن
تمشياً مع اللغه العربيه فيجب
رسمه على اليمين وضحك الطلاب.
ثانوية
المأمون صوره
نادره لثانوية المأمون أو
التجهيز الأولى قضيت فيها ثلاثة
أعوام منذ عام 1959 وحتى عام 1961
كانت تعرف بالسلطانية تم
تأسيسها في العهد العثماني،
وكان فيها جناح للطلاب المقيمين
من خارج حلب، تخرج منها أجيال
معروفه في السياسة والأدب، هذه
الصوره المأخوذه للمدرسه كانت
في أوائل القرن الماضي اي في عهد
دراسة والدي رحمه الله ثم تطورت
المدرسه واضيف إليها مبان عديده
وملاعب رياضيه.حيث صارت اليوم
محاطه بشوارع عريضة وأبنيه
عاليه كانت
ثانوية المأمون تملك أفضل
الأساتذه بين الثانويات الأخرى
وهذا ماجعلني ادخر حصيله علميه
جيده، ومن أساتذتي الذين أكن
لهم بالفضل الأستاذ الجليل عبد
الفتاح أبوغده رحمه الله، كان
أستاذاً ذو طلعة مهيبة وابتسامة
أبويه وعلم راسخ وأسلوب بسيط
وواضح في الإقناع وصاحب نكتة
حاضره وصداقات على مستوى الأمة
العربية والإسلاميه, احترمه حتى
خصومه السياسيين, وافتقدته
الأمه بعد رحيله, وبعد أن تعرفت
على صفاته عن قرب حيث درسني
عاماً كاملاً عرفت لماذا
إختارته جماعة الإخوان
المسلمين مراقباً عاماً لها
رحمه الله، ومن الأساتذه
الآخرين الأستاذ سليمان العيسى
لقب بشاعر البعث, أسلوبه عاطفي
وشعره رقيق وله شعر خاص
بالأطفال منتشر بين تلاميذ
الأمة العربية والأستاذ منير
حكيم أستاذ الفيزياء، والأستاذ
بدر الدين علاء الدين للرياضيات
والأستاذ فاضل ضيا أستاذ الأدب
العربي وغيرهم وجميعهم
كانوا محل تقديري واحترامي. أيها
الأخوة والأخوات أقترب عام 1961
وهي السنه الأخيره في الدراسه
الثانويه ولم يعد لدي وقت
للشقاوة الطلابية فكانت سنة جد
ودراسه، في هذا العام دخل
التلفزيون الجمهورية العربية
المتحدة وغير بعض العادات
الأجتماعيه للناس وسأروي عنه في
المحطة القادمة بعض الطرائف
والتي حصلت مع جدي بسببه. كما
سأتطرق إلى الوحدة السورية
المصرية في أواخر أيامها مع
رواية صديق عسكري من سلاح
البادية والذي شاركت وحدته في
الانفصال عام 1961 تنشر لأول
مره , هذا السلاح الذي كان
بعيداً عن أعين عبد الحميد
السراج ولم يكن يحسب له حساباً
في الانقلابات العسكرية حيث
كانت مهمته تنحصر في مكافحة
التهريب عبر البادية وفض
النزاعات بين أهلها. وإلى
اللقاء هشام
نجار ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |