-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 15/07/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محطات صغيرة في حياة إنسان عادي

المحطة رقم (6)

طالب جامعي

 

المهندس هشام نجار - أمريكا

إخوتي وأخواتي ...

تعودت على الجو في مدينة بادوفا، حياة الطالب روتينيه، المحاضرات صباحاً والغداء في بيت الطلبة وبعد الظهر مختبرات والمساء للدراسة.

ساحة غاريبلدي في وسط مدينة بادوفا, أمر منها كل بوم في طريقي للجامعة

أما في ايام العطل الدافئه فكنت اقضي مع الأصدقاء يومنا في مدينة البندقيه والتي لا تبعد عن بادوفا سوى ثلاثين دقيقه بالقطار فكانت المكان المناسب لقضاء أيام الآحاد. مدينة البندقيه كانت على علاقات متميزة مع مدينتي حلب منذ مئات السنين, حيث كان خان البنادقه مركز إلتقاء تجار البندقيه فيه لعقد صفقات شراء الحرير القادم من الصين والبهارات الآتيه من الهند والسجاد العجمي من إيران وغيرها من البضائع حيث كانت حلب المركز التجاري الهام بين اوروبا والشرق وهذا الخان مازال قائماً حتى الآن.

البندقيه مدينه تختلف عن كل مدن العالم تمتاز بأقنيتها المائية

والجندول المتميز بسحره ليلاً على أنغام جيتار صاحبه.

كان في بادوفا أعداداً غفيره من الطلاب السوريين والعرب وكنا نعرف بعضنا جميعاً, إلا أن معظم الطلاب الأجانب كانوا من أفريقا السوداء يدرسون اللاهوت والسياسه والآداب الأوربيه، وكلهم يتلقون منحاً دراسيه من الفاتيكان فهم ثروتهم للمستقبل، حيث كانوا يزرعونهم بعد إنتهاء دراستهم في المناصب التي تخدم مصالحهم.

في صيف 1963 قررت مع بعض الأصدقاء تمضية إجازتنا في أوروبا على الدراجات الناريه الإيطاليه المعروفه بإسم لمبريتا كان مجموعنا 6 على 3 دراجات ناريه املك إحداها أتعاون مع أحد الأصدقاء على قيادتها, دخلنا سويسرا من مدينة الكومو الجميله ببحيرتها الرائعه لم يكن في سويسرا اوتوستراد نظراً لطبيعتها الجبلية وكانت السواقه متعه في هذه الطرق الملتويه، وصلنا لوزان واقمنا في بيت الشباب وقضينا يومنا في هذه البلده الجميله ثم إنطلقنا إلى جنيف وقضينا يوماً أخر هناك ومنها إلى العاصمه برن كنا نشاهد في طريقنا شباباً يتنقلون بطريقة الأوتوستوب, كانوا يبدأون رحلتهم من أقصى شمال أوروبا إلى سواحل إيطاليا الجنوبيه بهذه الطريقه دون مشاكل تذكر، أما في أيامنا هذه فصارت هذه الطريقه من مخلفات الماضي حيث لا تستطيع اليوم أن تثق بأحد ولن يحملك أحد ولو كانت براءة الأطفال في عينيك.

في اتجاهنا الى العاصمه برن كان صديقي يقود الدراجه الناريه ، وقبل وصولنا إلى العاصمه بعشرين كم فقد صديقي توازنه وانحدرت الدراجه إلى واد صغير يمر منه قطار اصطدمنا بسكة القطار وأصبت بضربه قويه على رأسي جعلت الدماء تنهمر كالشلال كلما أحاول القيام أسقط على الأرض ثانية والشرر يتطاير من عيني أما صديقي فلم يصب بأي أذى الا أنه كان في حالة صدمه, كان الوضع صعباً كفلم سينمائي, السيده المشرفه على هذا التقاطع كانت قد أغلقت الحاجز لإيقاف حركة السيارات والسماح للقطار بالعبور وهي تولول من الفزع ولا تدري ماذا تفعل وصفير القطار يسمع بوضوح وهو يقترب، والدراجه ملقاة على سكة القطار وأنا أقوم وأسقط على سكة القطار كالفرخة المذبوحه واصدقائى الاربعه الآخرين يهرعون لنجدتي وصديقي يهيب بهم أن يسرعوا، وصل الأصدقاء قبل وصول القطار بلحظات قليله وبسرعه أزاحوا الدراجه من فوق سكة القطار وحملوني بعيداً خطوات معدودة ومر القطار بسلام ثم جاءت سيارة إسعاف وحملتني إلى المستشفى، كانت الساعه حوالي الخامسه عصراً ومن لطف الله سبحانه وتعالى تواجد ثلاث أطباء متخصصين في جراحة الرأس على غير المألوف في مثل تلك الساعه، فأجروا لي عمليه كانت حصيلتها ثلاثين قطبه في فروة الرأس دون كسر والحمد لله، قال لي الطبيب بعد سبعة أيام تقريباً حيث بدأت أسترد عافيتي قال لقد كانت جمجمتك صلبه كالإسمنت المسلح, عظم رأسك أنقذك من كارثه كبيره إنتهت هذه المحنه بلا مضاعفات وحمدت الله على ذلك. إقامتي في إيطاليا لم تنسن الوطن وكنت أتابع أخباره عن طريق راديو صغير من ماركة فيليبس، في يوم 8 آذار/ مارس 1963 قامت حركه إنقلابيه ضد ما كان يسمى بحكم الإنفصال كان الإنقلاب متوقعاً فلم يكن الوضع مستقراً وبتحريضات خارجيه كان يتظاهر المعلمون مطالبين بزيادة رواتبهم فيستجاب لطلبهم،ثم يتحرك العمال لتحسين شروط معيشتهم فيستجاب لطلبهم وهكذا، ولا ادري لماذا لم تطالب هذه الجموع بتحسين أوضاعها قبل أشهر معدوده أيام حكم الوحده ؟ أم أن هذه الجموع إكتشفت فجأة سوء أوضاعها في عهد الإنفصال ؟

كان الإنقلاب ذو واجهتين، الواجهه الأولى ناصريه تريد إعادة الوحده فوراً ومن قياداتها الفريق لؤي الأتاسي واللواء زياد الحريري، والواجهة الثانيه كانت بعثيه ومن ضباطها الفريق أمين الحافظ وصلاح جديد وبدعم من الأمين العام للحزب ميشيل عفلق، بعد مرور أشهر معدودة إستطاع حزب البعث أن يسيطر على الأمور ويبعد الناصريين عن المشاركه بالحكم. جرى بعدها جولات من المناقشات في مصر لإعادة الوحده بطريقه مختلفه عن سابقتها وبنفوذ أكبر لحزب البعث إلا أن نتائج الاجتماعات باءت بالفشل، وعاشت بعدها الدولتان الشقيقتان مرحله مؤلمه من المهاترات.

بدأ النظام الجديد يبحث عن رجل عسكري يتمتع بالصرامه والقسوه ليقوم بمهمة ضبط الأمن وتخويف المعارضين في هذه المرحله من بداية الحكم فوجدوا ضالتهم بالعقيد أمين الحافظ، الرجل من مواليد حلب لعام 1911 ومن عائله حلبيه معروفه تسكن في منطقة البياضه التاريخيه داخل منطقة السور قريباً من حارة بيت جدي، بدأ حياته معلماً انتسب للكليه العسكريه ثم عين ملحقاً عسكرياً في الأرجنتين في عهد الإنفصال، وكما هو معروف كانت الأرجنتين تغص بالمهاجرين السوريين واللبنانيين حيث بدأت هجرتهم في بدايات القرن العشرين , وهناك تعرف على رجل أعمال كبير عرفه العرب بأنه سوري الأصل هاجر أبوه إلى الأرجنتين منذ فتره طويلة إسمه جميل أمين ثابت، توطدت العلاقه بينهما دون أن يكتشف أمين الحافظ أن الرجل لم يكن سوى الجاسوس كوهين من أصل مصري زرعته المخابرات الإسرائيلية بين افراد الجاليه العربيه في الأرجنتين ولما أستدعي أمين الحافظ في بداية حكم حزب البعث ليتقلد مقاليد وزارة الداخليه، أحضر معه السيد أمين ثابت الذي عزز علاقته مع شخصيات سوريه كبيره وخاصة بعد أن استلم الفريق أمين الحافظ رئاسة مجلس السياده وهي أعلى سلطه سياسيه، لاشك في تلك الفتره قدم كوهين معلومات قيمه لإسرائيل عبر جهاز لاسلكي يعمل على كهرباء المدينه، إكتشف أمره بعد أن أختلطت أشارات بثه مع إشارات بث السفاره الهنديه لوزارة خارجيتها، تم تحديد مكان البث عن طريق آليتين وضعتا في مكانين متقابلين كانتا ترسلان إشارات تصبح هذه الإشارات قويه كلما كانت على منحي جهاز البث, وبتقاطع الإشارتين المنبعثتين من الآليتين يتم تحديد إحداثيات جهاز البث بدقه هذه الروايه تناقض روايه أخرى مصدرها المخابرات المصريه والتي تقول إنها اكتشفته من خلال صوره له مع ضباط من الجيش السوري ملتقطه على الجبهه السوريه مع إسرائيل. انا اعتقد بالروايه الأولى لأن السفاره الهنديه كانت قد أكدت صحتها، إلقي القبض عليه من قبل مجموعه يقودها اللواء عبد الكريم السويداني حوكم من قبل حاكم عسكري هو اللواء الضللي وعضوية الرائدين رباح الطويل وسليم حاطوم، وقيل يومها أن هذه المجموعه كانت من أصدقاء السهر والليالي الحمراء  حكم بالإعدام وأعدم في يوم 18 أيار مايو 1966.

أثناء تولي أمين الحافظ لوزارة الداخليه قام بإرهاب الشعب، كان يحب أن يخاطب ب أبو عبدو حيث كان يعتقد أن هذه الكنيه لها وقع مخيف على الشعب فهي رمز للقبضايات, اشتهر بالقسوة في معاملة معارضيه حتى أن الناس كانوا يصفونه بالعبارة الشهيرة التالية: "أبو عبدو السفاح، نصف الناس في المزة ونصفهم في الدحداح, والدحداح سجن في دمشق، سمعت له خطبه كان يلقيها في مدينة إدلب يخاطب الناس الذين جمعوهم له، قال في معرض تهديده لخصومه: سأقطع أيديكم وأرميها للكلاب فإن الأمهات تلد منكم كثيراً.../ هل يوجد أفضل من ذلك لإسرائيل، أقول للسيد الفريق المقيم حالياً في حلب رداً متأخراً جداً، عساه أن يقرأ محطتي هذه: لا ياسيادة الفريق، أمهاتنا من أشرف الأمهات وهن رضعن حليبهن مع أسماء، وبنت الأزور والخنساء وأولادهن أكثر الناس حباً وتضحية للوطن إلا أني تلقيت ملاحظه من احد القراء يعطيه صفه  كابح لتيار من رفاق حزبه اشد قسوة ومراره بالتنكيل بالمعارضين, لذلك اترك هذا المضوع للتاريخ المحايد  والمكتوب من كتاب معاصرين له .

أيها الإخوة والأخوات

قبل مغادرة هذه المحطة والتي استرحنا فيها طويلاً كان لابد من إيجاز التطورات التي أعقبت حكم الفريق أمين الحافظ.

قاد صلاح جديد انقلاب 23 شباط 1966 الذي عزل أمين الحافظ من رئاسة الجمهورية السورية وأتى بنور الدين الأتاسي عين نور الدين الأتاسي رئيساً للدولة في عام 1966 أرسل القوات السورية إلى الأردن لدعم الفدائيين الفلسطينيين - وسأتوقف عند هذه الأحداث والتي تعرف بأيلول الأسود في محطة قادمة إن شاء الله - أزيح من منصبه وسجن بعد الحركة التي قادها الفريق حافظ الأسد في 16 تشرين الثاني 1970, أطلق سراحه عام 1992.

أيها الإخوة والأخوات موعدنا مع محطة جديدة وإلى اللقاء...

هشام نجار

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ