-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 21/07/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محطات صغيرة في حياة إنسان عادي

المحطة رقم (9)

  ثلاث سنوات في ليبيا

الجزء الثاني

المهندس هشام نجار - أمريكا

* الثورة (الشعبية) في ليبيا عمقت الانشقاقات في المجتمع الليبي...

* حرب رمضان عام 1973 بدأت بصوره عسكريه منسقه ولكنها انتهت بصوره سياسيه...

* الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 كانت حرب الكبار على أرض الصغار...

الإخوة والأخوات...

أحببت عملي كثيراً، وكنت أفضل دائماً حل المشاكل الفنية في الموقع على متابعة المشاريع من المكتب. إلا أن مواضيع اللقاءات مع أصدقائنا في الإدارة في أوقات الراحة كانت تدور حول الأوضاع المتوتره مع إسرائيل بصوره عامه، فالرئيس أنور السادات كان محور هذه اللقاءات نظراً لأسلوبه التمثيلي البارع, تسمع إلى خطاباته حول الحرب مع إسرائيل وتبريراته بتأجيلها مثل قراره في شن الحرب عام 1972 إلا أن الضباب في ذلك اليوم قد منعه, أو أنه قد قرر الحرب لكن الحرب الهندية الباكستانية قد فاجأته فتقع في حيره في تقييم هذا الرجل الغامض, وبالرغم من هذا الغموض في شخصيته, فقد وجد من الإخوه المصريين العاملين معنا من يؤيده في هذه التكتيات السياسية.وكمثال لهذا الغموض يوم أعطى تعليماته بطرد الخبراء الروس من مصر فقد أثارت خطوته هذه ردود فعل مدوية ودهشة كبيرة في الولايات المتحدة لدرجة أن هنري كيسينجر قال لأحد مساعديه:.. لو أخبرني السادات عن قراره كنت سأشعر أنني مضطر أن أقدم له شيئا مقابل ذلك, ولكننا الآن أخذنا بخطوته تلك كل شيء مقابل لا شيء, إلا أن ماحصل فعلاً في يوم 6 تشرين الأول 1973 {الموافق لعاشر من رمضان}وفي يوم كيبور احد أكبر واهم الأعياد الدينية الإسرائيلية، حيث يكون جميع اليهود غارقين في صلواتهم وفي الساعة الثانية وخمس دقائق ظهراً كان مفاجأة للشعوب العربيه, في ذلك اليوم عدت إلى البيت بعد إنقضاء عملي، وبعد وصولي بدقائق قرع علي الباب جاري المهندس جواد ليخبرني بأن الجيشين المصري والسوري قاما بهجوم منسق وفي ساعة واحده وأن الجيش السوري قد عبر الخنادق  وان دباباته تتقدم بالعمق، كما أن سلاح المهندسين والقوات الخاصه قاما بتفكيك أكبر رادار في المنطقه والمنصوب في جبل الشيخ وذلك بوقت قياسي، أما القوات المصريه فقد تمكنت من فتح ثغرات في الساتر الترابي والمسمى بخط بارليف وذلك على إمتداد الشاطئ الشرقي لقناة السويس مستعملين مضخات عالية الضغط لتفتيت وفتح ثغرات في الحاجز الرملي لمرور الآليات والدبابات إلى سيناء.الفرحه كانت غامره حتى أننا نسينا تناول طعام الإفطار عند المغرب ونسينا جوعنا وظمأنا. كان الإسبوع الأول من الحرب جيد النتائج, وخسائر إسرائيل كانت فادحه على الجبهتين إلا أن مجريات الأحداث بدأت تأخذ أوضاعاً أخرى بعد حوالي عشرة أيام من القتال.قرأت كثيراً عن هذه الحرب الغير محسومة باللغة الأنجليزيه والعربيه وفي مقدمتها مذكرات الفريق أول سعد الدين الشاذلي ومذكرات الفريق الجمصي، وخرجت بإستنتاج بأن السبب الرئيسي الذي حال دون إتمام الهدف كان تطوير الهجوم شرقاً على الجبهه المصريه،وخروج القوات المصريه إلى خارج منطقة الحمايه بصواريخ سام مما أوقع خسائر كبيره في قوات الجيش الثالث الميداني، ونتيجة لهذا الخلل تمكنت القوات الإسرائيليه من عبور القناة عبر ثغره سميت ثغرة الدفرسوار بين الجيشين الثاني والثالث وتغلغلت غرب قناة السويس وتمكنت من محاصرة الجيش الثالث الميداني وكانت أول النتائج المباشرة هي تدمير 150 دبابة مصرية بكامل أطقمها في أول ثلاث ساعات من بدء التطوير وهو ما تم إعتباره ضربة موجعة للمدرعات المصرية. يبقى السؤال الكبير لماذا طور السادات الهجوم مخالفاً آراء كبار قواده وخاصة الفريق أول الشاذلي؟ هل لعبت السياسة دورها لعمل نوع من التوازن في نتيجة الحرب على طريقة لا غالب ولا مغلوب ؟ وبالتالي الوصول إلى سلام مصري إسرائيلي وفق ما حصل في كامب دافيد ؟ كل شيء معقول في حسابات السياسه. بدأت الضغوط السياسيه وتم تثبيت وقف إطلاق النار على الجبهه المصريه بعد إستفزازات كثيره من جانب إسرائيل، أما على الجبهه السوريه فقد قامت حرب إستنزاف طيلة 82 يوماً انتهت بعد تدخل كيسينجر وزير خارجية أمريكا وكانت نتيجة هذه المداخلات إعادة مدينة القنيطره إلى سوريا على أن تكون خاليه من السلاح.

 

عدنا إلى حياتنا العادية بعد انتهاء الحرب حيث أخذ حديث السياسة يأخذ مكان حديث الحرب، آه من السياسه فقد قيل فيها الكثير ومما قيل: لايستوي على السياسة مبدأ.. إن السياسة زئبق رجراج.

أيها الإخوة والأخوات...

في يوم 14 آب/ أغسطس 1974 إحتفلنا بولادة ابننا البكر لؤي الذي ملأ علينا البيت كما يقال.. خلال هذا العام والأعوام التاليه حصلت تطورات في ليبيا فقد أشعل العقيد القذافي ثوره شعبيه جديده صنف من خلالها شعبه إلى صنفين جديدين، منتج وغير منتج, فالحلاق والمعلم الإبتدائي ومنظف البلديه ومذيع أخبار التلفزيون وغيرهم... هم من فئة الغير منتجين فعليك أن تحلق لنفسك ولأولادك وتعلمهم إن كانوا في مرحلة الدراسه الإبتدائيه وتنظف حارتك. فصارت الطرقات ممتلئه بالأوساخ وملعباً للجرذان، وإن كنت أخي القارئ (وسيماً) وقراءتك العربيه جيده وصادف مرورك أمام مبنى التلفزيون أثناء فترة نشرة الأخبار فإحتمال أن تكون مذيعاً لنشرة الأخبار في تلك الليله هو أمر قائم،وبذلك قسم العقيد شعبه إلى أربع أقسام رجعي وتقدمي وهي التصنيفات الروتينية القديمة والتي تعودنا سماعها،ومنتج وغير منتج وهو إختراع جديد.

أما المؤتمرات الشعبية فكانت البديل لرؤساء الدوائر الحكومية فالموظفين في كل دائره عليها أن تنتخب رئيسها، وحيث أن طبقة الموظفين الأقل ثقافة وخبره هم الأكثريه في دوائر الدوله عموماً, فكان بمقدورها أن تفرض مديرها, فكنت ترى العجب العجاب،سائق سياره المدير أو موظف صغير في الديوان هم رؤساء الإدارات الجديده وكان يصاحب هذا التصعيد الأغاني الوطنيه التي تملئ الشوارع عبر مكبرات الصوت المنتشرة في الشوارع والميادين العامه.

إخوتي وأخواتي

 كان من جملة الاختراعات الأخرى للأخ العقيد لاحقاً هي تشكيله للجان الثورية على طريقة الرفيق ماو تستونغ والتي كانت مهمتها الرئيسيه التصفية الجسدية لكل المعارضين داخل وخارج ليبيا الأمر الذي أدى إلى عمليات اعتقالات واسعة حتى في الجامعات في مختلف انحاء البلاد. وتم قتل كل هؤلاء من بينهم أعداد كبيرة من الطلبة الجامعيين إما بالشنق أو الرمي بالرصاص في الساحات العامة والجامعات بحضور مكثف من الاعلام الليبي وإذاعة هذه المشاهد بالبث المباشر في التلفزيون الليبي لكي تكون 'عبرة لمن يعتبر'وهي تهزج بالأغاني الثوريه (الحالمه) "دوس عل رجعي والخاين واللي ماعندو مبادئ" أو أغاني (عاطفيه) من نوع "إسحق إسحق .. إذبح إذبح" وغيرها من تلك التي كانت تملأ ارشيف إذاعاتنا وهي بمثابة خط الدفاع الأول عن الثورات والزعامات, وفوق ذلك كتاب أخضر(غير ناضج) من تأليف العقيد يجبر الطلاب على حفظه ،وبعد كل هذا وذاك نطرح على أنفسنا سؤالاً يقول: ياترى لماذا لانتقدم ونراوح في مكاننا بل نتراجع بخطوات سريعة إلى الخلف ؟؟

  في أحد أيام شتاء 1975 كانت حافلة تنقل مجموعة من الفلسطينيين المشاركين في أحد فعاليات منظمة التحرير الفلسطينية وبالتحديد في ذكرى إستشهاد أحد كوادر المنظمة في العاصمه اللبنانيه بيروت وفي طريق عودة الحافلة، وبالتحديد عند مرورها بمنطقة عين الرمانة ذات الأغلبية المسيحية، شاهد قائد الحافلة 3 رجال مقنعين ومدججين بالأسلحة على جانب الطريق. لم تمض لحظات ومن دون سابق إنذار حتى بدأ المسلحون بإطلاق الرصاص بإتجاه الحافلة. وكانت أول رصاصات الحرب الأهليه في لبنان... كانت هذه بمثابة لحظة إعلان مسلسل الموت الطويل. قتل أكثر من عشرين فلسطيني أعزل في هذه الحادثة... توشحت بيروت بالسواد، تلبدت السماء بالغيوم، ساد العاصمة صمت رهيب، ذلك الصمت الذي ينبئ بإعصار من الدماء... وسمع قرع طبول الحرب .

هذه الحرب كانت صراعاً بين دول كبرى ولكن بأيدي أبناء الوطن ,الإتحاد السوفيتي وحلفاءه المسلمين والفلسطينيين والمضحك أن وليد جنبلاط كان أحدهم من جهة وبين الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما من بعض المسيحيين من جهة أخرى هذه الحرب أكلت الأخضر واليابس ودامت حوالي خمسه عشر سنه, آلامها سكنت في كل بيت من بيوت لبنان.

إلى متى سنظل نحن العرب أداة بيد الآخرين ؟

إخوتي وأخواتي...

في نهاية عام 1975 قررت إنهاء عقدي في ليبيا والعودة إلى وطني سوريا وتأسيس مكتبي الهندسي والدخول في مجال العمل الحر ودعني مديري وأصدقائي وأثنوا علي في حفلة الوداع فقد كنت والحمد لله في موضع تقدير الجميع. وإلى اللقاء في سوريا.

مع تحياتي

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ