-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
صمد
نتنياهو فتراجعت واشنطن عريب
الرنتاوي استبد
الغيظ بأحد كتاب الأعمدة ، فشن
هجوما عنيفا على الذين يروجون
الأكاذيب القائلة بأن واشنطن
بصدد "التراجع عن موقفها بشأن
تجميد الاستيطان بكل أشكاله"
، وبلغ به الأمر حد اتهام هؤلاء
بالافتراء وبأنهم يتمنون في
قرارة أنفسهم لو أن واشنطن
تتراجع بالفعل وتطلق العنان
لنتنياهو ليعيث فسادا في الأرض
المحتلة ، فالمهم عن هؤلاء
المرجفين ، بنظر كاتبنا المحترم
، أن تصل عملية السلام إلى طريق
مسدود ، وأن ينتصر ما يسمى "معسكر
المقاومة والممانعة". والحقيقة
أن لغة زميلنا ومقاربته ، شأنه
في ذلك شأن تيار بأكمله ، تنضحان
بإسقاطات رغائبية لا مثيل لها ،
وحماسته الشديدة لنقد كل من
يثير علامات أسئلة أو استفهام
حول قادمات الأيام ، تعكس حالة
من الهلع والذعر . المهم ،
أن أياما قليلة فقط انقضت على
نشر تلك المقالة الساخنة ، فإذا
بالأنباء المتواترة يوميا من
واشنطن ، تكاد تجمع على أنها
سائرة في طريق "التراجع" عن
موقفها من الاستيطان ، وهو أمر
مؤسف على أية حالة ، ولا يثير
فرحنا بخلاف ما يظن البعض ،
والمعلومات التي تتناقلها
مصادر إسرائيلية وصحف لندن - غير
الممانعة - ترجح ذلك ، وتضيف بأن
واشنطن وتل أبيب سائرتان نحو
توافق حول مسألة الاستيطان ،
يقوم على قاعدة التجميد المشروط
بالزمان والمكان: الزمان بمعنى
أن التجميد سيكون مؤقتا وليس
دائما ، وسيقاس بالأشهر وليس
بالسنوات ، أما المكان ، فيعني
تحديد المستوطنات التي سيصبح
بالإمكان البناء فيها وتلك التي
سيتعذر عليها توسعتها. المعلومات
التي ترد من مصادر - مطلعة وذات
عقل بارد - تقول أن إدارة أوباما
أدركت صعوبة إرغام إسرائيل على
وقف كامل ومفتوح للعمليات
الاستيطانية فقررت هي تخفيف حدة
موقفها ولهجتها ، والبحث جار
اليوم عن "مخرج" و"تخريجة"
لا تظهر الرئيس الأمريكي الشاب
بمظهر الخاسر والضعيف
والمتراجع ، ولا تحرجه في بداية
عهده. هجوم
الرئيس أوباما على الزعامات
العربية واتهامها بالافتقار
للشجاعة في السير على طريق
السلام ، وانتقاده للقيادة
الفلسطينية الضعيفة غير
القادرة على قيادة شعبها على
الطريق ذاته ، كلها مقدمات
أولية للتراجع ، وسيقال لنا في
تبرير أية تفاهمات إسرائيلية -
أمريكية جديدة - من طراز تفاهمات
نيسان 2004 وضماناته ، أن العرب
أيضا لم يستجيبوا لنداءات
أوباما - كلينتون ولم يشرعوا في
عملية تطبيع - مجانية - مع
إسرائيل ، ولذلك ليس بوسع
الولايات المتحدة أن تستمر في
ضغوطها على حكومة نتنياهو. وسيقال
لنا كذلك ، أن استئناف البناء ،
أو بالأحرى الاستمرار في البناء
في الكتل الاستيطانية الكبرى لا
يخل بتعهدات أوباما والتزامه
بحل الدولتين ، فهذه الكتل ستضم
في جميع الأحوال إلى إسرائيل ،
وقد سبق للقيادة الفلسطينية
ومعظم القيادات العربية أن
وافقت أو منحت موافقتها الضمنية
الصامتة على صفقة تبادل أراض
محتملة بين الفلسطينيين
والإسرائيليين ، فلماذا كل هذا
التطير ولماذا كل هذا الانفعال؟. طبعا ،
سنجد من بيننا من سيحملنا
مسؤولية تراجع إدارة أوباما ،
فهؤلاء لا يرون وظيفة للعرب سوى
القبول بما يطلب إليهم ، وإلا
فقدوا العقل والعقلانية ، وبدل
أن ينصحنا هذا النفر من تلاميذ
المحافظين الجدد وأيتامهم
بالاستفادة والتعلم من درس
نتنياهو و"صموده" في
مقارعة الضغوط الأمريكية ،
سيطلبون إلينا المسارعة إلى
تقديم التنازلات والاستجابة
إلى كل ما يطلب إلينا من تنازلات
، حتى قبل أن يجف الحبر الذي
كتبت فيه. وسنجد
من يقترح على الزعماء العرب
ونوابهم أن يتحولوا إلى كتاب
مقالات في الواشنطن بوس
والنيويورك تايمز ، شريطة أن
يتضمن كل مقال جديد ينشر باسمهم
مبادرة جديدة وتنازلات جديدة ،
هذه المرة طلب إليها التفرغ
للظهور في الصحافة والتلفزة
الإسرائيليتين لمخاطبة الرأي
العام الإسرائيلي وجها لوج ،
وغدا سيطلب إليهم فتح الأجواء
واستقبال أفواج السائحين
وبعدها زيارة القدس وإقامة
العلاقات الدبلوماسية ، كل ذلك
مقابل تجميد مؤقت في الزمان
والمكان ، للعمليات
الاستيطانية ، تعود الجرافات
الإسرائيلية بعد انقضاء مهلته ،
للعمل بكامل طاقتها - ثلاثة
شيفتات إن أمكن - وتبقى لإسرائيل
مكاسبها "التطبيعية" في
العالم العربي ، فهذا هو
المقصود والمطلوب عند البعض على
ما يبدو ، وهذه هي العقلانية
والرشد عند هؤلاء ، أما حكاية
الحقوق وطنية كانت أم قومية ،
فتلك مسألة أقل شأنا وأهمية ، بل
وتأتي في المقام الأخير إن بقي
متسع من وقت أو حقوق. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |