-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 22/07/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محطات صغيرة في حياة إنسان عادي

المحطة رقم (9)

ثلاث سنوات في ليبيا

الجزء الثالث

المهندس هشام نجار- أمريكا

* التصعيد (الثوري) يطال إدارتنا ...

* عدنا عن طريق بيروت في عز القتل على الهوية ...

* يوم كانت القوانين تأتينا مترجمة من دول الرفاق ...

الإخوة والأخوات...

قبل أن أتوجه مع العائلة إلى سوريا, لابد من التوقف عند التصعيد الشعبي الثوري الذي جرى في إدارتنا والذي أشرت إليه في المحطة السابقة. في ذلك اليوم كنت عائداً مع المهندس جواد من جوله لتفقد أحد المشاريع في بلدة رأس جدير على الحدود التونسية، عدنا إلى الإدارة بعد إنتهاء الدوام لم يكن فيها سوى إثنين من صغار موظفي الإداره في البهو الرئيسي, سلمنا عليهم ودخل كل منا إلى مكتبه لوضع أغراضه سبقني صديقي جواد بالخروج ثم لحقت به، وفي البهو قدم لي الموظفان ورقة مذيله بتواقيع وطلبا مني أن أوقعها، لم يكن هذا المعروض سوى طلباً لتغيير المدير العام والتوصيه بشخص آخر بدلاً عنه لم يكن سوى موظفاً صغيراً يعمل كاتباً في ديوان الإدارة. قلت لهم يا جماعه هذا أمر يخصكم وعملي هنا فني فقط، قالوا :ولكن الأخ العقيد القذافي طلب مشاركة الإخوة العرب المتعاقدين في التغيير الثوري ؟ أجبتهم مشكورين انتم والأخ العقيد ولكنكم يا إخوان انتم أدرى بأمور دنياكم وعلى علم بمصالحكم أكثر من المتعاقدين وتخلصت منهم بصعوبه. قابلت صديقي جواد خارج الإداره قلت له هل وقعت على تغيير المدير ؟ قال نعم قلت له لقد أخطأت ياجواد وكنت على صواب، فلم يمض على جلوس الموظف الصغير على مقعد المدير الوثير أسبوعاً حتى نقض مجلس الثوره قراره وأعادوا المدير السابق إلى مكانه، وماهو إلا إسبوعاً آخر حتى أصدر المدير قراراً بإنهاء عقد المهندس جواد وإخراجه من ليبيا (تصوروا أعزائي إن الذي أفشى سر توقيع المهندس جواد على تغيير المدير هم نفسهم الذين كانوا متحمسين لتغييره ويجمعون التواقيع ضده, مثل هذه الشلة هي المفضلة لدى الحكام) قلت لصديق ليبي في الإداره أثق به بلهجة ساخرة تنم عن الألم: هذا جزاء من يسمع كلام العقيد فإبتسم إبتسامه ذات معنى ولم يعلق.

الإخوة والأخوات...

في تلك الفترة كانت القوانين الإقتصاديه في سوريا وبعض الدول العربيه الأخرى مقتبسه من انظمة الدول الشيوعيه والإشتراكيه، مثل قانون العقوبات الإقتصادي في سوريا والمترجم حرفياً عن قوانين الإتحاد السوفيتي كل ما فيه يمنع تمنيت أن أقرأ فيه كلمة يسمح فلم أجد، مثل هذه القوانين والتي عاشت بعض السنين في بلادنا أرجعتنا دهوراً إلى مرحلة التخلف والانحطاط ومازالت مع قوانين أخرى تجرنا الى الوراء امثال قوانين الطوارئ العجيبه ومن هذه القوانين المستورده والمعلبه اقتبس القذافي افكاره ايضاً فالكتاب الأخضر تعلم فكرته من الرفيق ماو تسي تونغ زعيم الصين, وفريق عذروات الثوره اخذ فكرتها من الرفيق كيم ايل سونغ زعيم كوريا الشماليه, اما جزاري الثوره الموكل لهم تصفية كل من يريد الخير والحرية والعدل لوطنه فقد اخذ فكرتها من الرفيق ستالين زعيم روسيا العظيم وهكذا... فكلما اتى غيرنا بتقليعه سبقناه إليها فصارت حالنا كحالة سيارة قديمه دخلت ورشة التصليح فالفرامل من شركه.. والمحرك من شركه... ومضخة الزيت من شركه.. ومضخة البنزين من شركه ومصابيح إنارتها من شركه عاشره وهكذا... ولما إنطلقنا بها في مهرجان السباق الدولي صرنا أعجوبة في الشوارع... وبهذه السياره الفلكلوريه العجيبه يريد حكامنا منا نحن الشعوب ان نسابق سيارات الأمم الأخرى, فتوقفت بنا في طريق السباق مرات, وارتفعت حرارة محركها مرات أخرى وإنزلقت عن الطريق مرات ومرات وطلبنا من العدو قبل الصديق ان يساعدنا على إعادتها إلى الطريق,  ولايوجد في عالم السياسه مساعده بدون ان تدفع الثمن فلما فعلوا وضعوها في الإتجاه المعاكس للسباق وبدأ سائقنا يسير بالإتجاه المعاكس بهمه ونشاط وهو لايدري وكانت الطامة الهزليه الكبرى.

الرفيق جوزيف تيتو ـ الرفيق كيم ايل سونغ ـ الرفيق جوزيف ستالين ـ

الرفيق ماو تسي تونغ هؤلاء الرفاق كانوا يوماً ما قبلة لبعض حكام العرب

وهؤلاء هم قبلة اليوم لنفس حكام الأمس... واليوم

الأخ اولمرت ـ الأخ سراكوزي ـ الأخ بلير ـ الأخ بوش

إخوتي واخواتي... حكامنا قدسوا قبلة الأمس فولوا وجوههم شرقاً ولما إندثرت قدسوا قبلة اليوم فولوا وجوههم غرباً إلا قبلة بيت الله الحرام فلم يولوا وجوههم شطرها إلا للتعرف على باقي الجهات الاصليه الأربعه.

 كل قوانين العالم تفترض حسن النيه بالمواطن وعلى هذا الأساس تبني الدوله قوانينها، أما في بلادنا العربيه فتفترض العكس، أصحاب سوء النيه موجودون في كل دول العالم وهم بنسب اكبر في الدول الأخرى ويحاولون دائماً الإستفاده من ثغرات القانون فمنهم من ينجح ومنهم من يضبط متلبساً، لذلك كانت القوانين الزجريه قاسيه للمخالفين وللمرتشين الذين يساعدون على خرق القانون ولكن مشكلتنا في بلادنا انها تحولت إلى ظاهره مستعصيه لأن المرتشين هم مفاتيح الأنظمه وهنا تكمن مأساة شعوبنا مع حكامها.

الإخوة والأخوات... خططنا لكي نعود إلى سوريا عن طريق مصر حيث تلقينا دعوه من أخت زوجتي المقيمه في القاهره مع أسرتها لقضاء عدة أيام عندهم، استقبلونا الجماعه بحفاوة مكثنا عندهم عدة أيام كانت القاهره في ذلك الزمان أقل سكاناً وأكثر نظافة ، زرنا معالم القاهره الجميلة والأثرية وكان ختامها أن نشاهد إحدى المسرحيات المعروضة في ذلك الوقت، فاخترنا مسرحية سك على بناتك لفؤاد المهندس، دخلنا المسرح أخذنا معنا لؤي وكان عمره آنذاك أقل من سنه, كل شيء كان طبيعياً في العشر دقائق الأولى من المسرحية، بعدها لم يتوقف بكاءه فحملته وذهبت به إلى صالة الإستراحه، ولكنه لم يهدأ وتأخذه غفله من النوم إلا بعد انقضاء وقت طويل، عدت بعدها إلى الصاله لأجد الممثلين مجتمعين على المسرح ممسكين آيادي بعضهم إيذاناً بإنتهاء المسرحيه وسط تصفيق الحضور، فصفقت معهم وغادرنا المسرح، حاولت زوجتي أن تقص علي قصة المسرحيه لتخفف عني غيظي المكتوم، فشكرتها على معروفها.

بعد انتهاء إجازتنا في مصر حاولنا أن نجد حجزاً لدمشق فلم نستطع فجميع الرحلات محجوزه مسبقاً لعدة أشهر،أصبنا بخيبة أمل عندما قالوا لنا ليس لكم ألا ان تحجزوا عن طريق بيروت وما أدراك ما بيروت في تلك الأيام فالقتل على الهوية كان مألوفاً فإن كنت مسلماً وصادفك حاجز مسيحي فستكون نهايتك وكذلك العكس، آه ثم آه من حيل الكبار كيف يحركون الصغار من أجل حماية مصالحهم، فهذه الحرب لم تكن سوى لعبة الكبار على أرض الصغار مع الأسف. قالت لي موظفة الحجز: لاتخافوا يوجد هدنه في لبنان , هدنه... ؟ ولكن من يضمن هذا الهدوء المريب فكم هدنة أقرت ثم نقضت عشرات المرات في يوم واحد، يكفي أن يأتي أحد (الزعران) ويولعها بعدة طلقات من رشاشه بالفضاء لتشتعل الجبهات من جديد. توكلنا على الله وقلنا: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.

هذا هو الباص الفلسطيني الذي كان شرارة الحرب الأهليه في لبنان...

لقد كانت هذه الجريمه هي حرب الكبار على ارض الصغار..

هذه الجريمة مازالت مستمرة ولكن بأشكال أخرى.

وصلنا بيروت مساءً وبدأنا نفتش عن سيارة أجرة تنقلنا إلى حلب, وجدنا غايتنا بعد عدة ساعات ظننتها أياماً وأنطلقنا سريعاً بإتجاه طرابلس وفي غضون ساعتين كنا داخل سوريا فتنفسنا الصعداء وبدأت شهيتنا مفتوحة للطعام لأول مره منذ أن غادرنا القاهرة. وصلنا حلب في ساعة متأخرة من الليل واستقبلتنا الوالدة في بيتها والذي كان ملعب طفولتي ودراستي وشقاوتي ثم استأجرنا بيتاً متواضعاً لتبدأ بعدها رحلة جديدة في وطني العزيز سوريا.

فإلى اللقاء

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ