-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
فلتنزعوا
عني.. هَمّ وثيـقة السـفر! ياسر
علي لطالما
انتابني اكتئاب كلما دخلت سفارة
لإنجاز معاملات تأشيرة؛ اكتئاب
ليس مردّه الشك في إمكانية نيل
التأشيرة فحسب (رغم أن الأوراق
مستوفية الشروط ودقيقة التحضير)..
بل هو اكتئاب متأثر بأهمية
المكان، والرهبة من الإجراءات
الأمنية في السفارات، ومحاولة
أو تمثيل الظهور بمنتهى التهذيب
والاستماع إلى الموظف العادي
الذي يسأل عن الأوراق.. رغم
تهذيبه المتناهي هو الآخر، غير
أن الأسئلة التي تصدر عنه بصوت
هادئ إلى حد القلق، تثير في
النفس شعوراً بالانتماء إلى
جنسية من
الدرجة الثانية، رغم الافتخار
بالانتماء إلى قضية من الدرجة
الأولى وأعلى.. وثيقة
سفر بُنّيـّة، نسميها في لبنان
«ملحفة» وأحياناً «خيمة»، هي
الوحيدة من بين الجنسيات، التي
أعرف جوازاتها،
لا يمكن أن توضع في جيب
القميص. وقد حصل أكثر من مرة أن
سألت تلقائياً بعض أصدقاء السفر
اللبنانيين: أين جوازك؟ فيخرجه
من جيبه، في الوقت الذي أحمله
أنا وزملائي من فلسطينيي لبنان
في اليد أو نخصص له مكاناً في
الحقيبة أو «الجاكيت». بل إن
هناك إصراراً عجيباً من دوائر
الجوازات اللبنانية على منع
تصغيره أو طيّه لتسهيل حمله،
فغلافه من الورق المقوّى الذي
لا يُطوى؛ بل يُكسر. وفي
المطارات والحدود، أحرص جيداً
على التعاون مع رجل التفتيش،
أتكامل معه في مهمته، وأتعاون
معه في فتح الحقائب وتوضيبها،
لكني نادراً ما أتمكن من إخفاء
ارتباكي الذي ما فتئ يظهر منذ
تجربة مرّة عند أحد الحواجز
العسكرية إبان الحرب
اللبنانية، فأسمع ما لا يقول
لأبادر إلى فتح حقيبة لم يطلب
فتحها. وأنفذ كل ما أعرفه (من خلع
الممنوعات) كي لا يطلق قوس
التفتيش صفيره. ورغم علمي بأنني
لا أحمل ممنوعاً سوى جنسيتي،
فإنني لا أثق بأنني سأمرّ بدون
هذا الصفير، وما إن أمرّ بسلام
حتى تتهلل أسارير وجهي، وأفرح
كطفل نجح في امتحان. ومما
يؤلم في المطار، هو السؤال عن
الجنسية في بطاقة الأسئلة التي
تُعبَّأ للأمن العام، حيث كنت
أكتب «فلسطينية»، فيصحح لي
أصدقاء «اكتب: مقيم من لبنان»،
فأكتبها، فإذا بموظف الأمن يؤكد
بلهجة الآمر أن أكتب بدلاً منها
«لاجئ في لبنان»، فيحزّ ذلك في
نفسي، لكني أذعن له على مضض، لأن
المطار ليس المكان المناسب
للردّ على هذه «الإهانة».. بغض
النظر عن الجوانب السياسية
والاجتماعية والأمنية
والاقتصادية، فإن هذا الجانب هو
الجانب الإجرائي الرسمي الذي
يدفع الفلسطينيين إلى الحصول
على جنسية أخرى. ولو حصل
فلسطينيو لبنان على جنسية أخرى،
فإن رجال المطار يصرّون على
معرفة الجنسية الأصلية! وعندما
يرفض الشخص المعني ويهدد
بالاتصال بسفارته يتراجع
السائل عن سؤاله! يقول
أحد الأصدقاء إنه اكتشف أخيراً
أن هناك من كتب على أوراقه
المقدّمة للجنسية في كندا أنه
بلا دولة (stateless)، فهم لا يكتبون له فلسطين، ولا
«إسرائيل»، ولا لبنان.. لكنه
تفاءل بجنسية خالته، وهي من
مواليد 1944، فقد كتبوا على
جوازها الأمريكي «مكان الولادة:
فلسطين». وقال إن أحد المتقدمين
إلى إحدى دوائر الهجرة استغرب
الموظف حجم وثيقته، وظنّ أن
فيها مشكلة.. فعرضها على مسؤول
في الدائرة، فقال إنه يعلم
بالأمر وقد لفتوا نظر الجهة
المختصة في لبنان إلى هذا الأمر.
ولما سألتُ صديقي لماذا يصرّ
على الجنسية الأخرى، قال: «معظم
أصدقائي هنا حصلوا على الجنسية
الأمريكية وسافروا إلى منطقة
الخليج للعمل هناك، وحصلوا على
رواتب تساوي ثلاثة أضعاف
نظرائهم من الفلسطينيين! وأنا
أريد مغادرة هذه البلاد (الولايات
المتحدة) إلى دولة عربية لأضمن
مستقبل عائلتي فيها». ليس هذا
«الجسر» للمطالبة بجنسية أخرى،
بل على العكس، إنه للمطالبة
بتثبيتنا على جنسيتنا من خلال
دعمنا في الثبات على حقوقنا
بالعودة والتحرير، وذلك
بمساعدتنا على الشعور بالأمان
في هذه البلاد، والتعاون من أجل
نيل حقوقنا الاجتماعية
والوطنية والمدنية في البلاد
العربية. فمن
يسمع؟! ــــــــ تعليق
من مركز الشرق : شوقي
يقول كلنا بالهم شرق ونحن نقول أنت
في ألف خير يا صاحبي لاتشكيلك
ببكيلك ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |