-ـ

ـ

ـ

الأربعاء 29/07/2009

عودة إلى الأصول

د. نصري قمصية 

قبل ايام قلائل ادلى خافيير سولانا  , المسؤول عن السياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي , بأقوال على غاية من الأهمية , مفادها انه اذا لم يتوصل الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني الى اتفاق في حدود سقف زمني محدد , يقوم عندها مجلس الأمن بمهمة تحديد حدود دولة اسرائيل ودولة فلسطين , وايجاد اليات حل المسائل ذات الصلة مثل مسالة القدس واللاجئين

القيادة السياسية الفلسطينية رحبت , بينما اسرائيل رفضت . والى هنا توقف الحديث في هذا الموضوع .

هل كان تصريح سولانا من قبيل الضغط على الحكومة الإسرائيلية في موضوع تجميد استيطانها على اراضي الضفة الفلسطينية ؟   وهل كان تصريح سولانا موقفا اوروبيا منفردا ام جاء بالتنسيق مع الموقف الأمريكي الضاغط في موضوع استمرار الإستيطان الإسرائيلي ؟ نترك ذلك للأيام تستكشفه وتكشفه . لكن الأهم من ذلك هو المعنى الحقيقي الذي يقف وراء التلميح بالعودة الى مجلس الأمن .

اعتقد ان السيد سولانا ادرك اخيرا ان مجلس الأمن التابع للامم المتحدة هو المكان الصحيح حيث ارشيفاته , فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية, حافلة بالقرارات , يقف على راسها قرار رقم 181 لعام 1947 , وهو قرار التقسيم والذي ينص على اقامة دولة اسرائيل ودولة فلسطين , الاولى على مساحة 56% من مساحة فلسطين , والثانية على المساحة المتبقية , مع وضع خاص لمدينة القدس .

العودة الى مجلس الأمن , اذن معناه العودة الى قرار التقسيم , الذي بموجبه قامت دولة اسرائيل , وعلى اساسه يجب ان تقوم دولة فلسطين . تقادم القرار لا يلغيه , كذلك لا يلغية القرار الفلسطيني المطالب بدولة على حدود الرابع من حزيران عام 1967.سؤالي هنا هو : اذا كان المسؤول الاوروبي يريد العودة الى مجلس الأمن , وهذا عنده قرار التقسيم يتصرف بمقتضاه ,لماذا اذن المفاوض الفلسطيني منذ اوسلو وحتى هذه اللحظة لا يطالب بتطبيق القرار المذكور بدلا من الولوج الى مفاوضات عقيمة موازين القوى هي العامل المقرر فيها ؟

العودة الى مجلس الأمن معناه ايضا العودة الى القرار 242 والذي ينص على عدم جواز احتلال اراضي الغير بالقوة , وينص ايضا على ضرورة انسحاب جيش الإحتلال . صحيح ان القرار المذكور حذف "ال " التعريف من كلمة الأراضي مما اعطى الإحتلال مجال المناورة, لكن صحيح ايضا ان " ال" التعريف لم تُحذف من النص الفرنسي للقرار , واللغة الفرنسية لغة معتمدة في مجلس الامن الدولي .

العودة الى مجلس الامن يعني ايضا قراره الذي لا يعترف بالقرار الإسرائيلي القاضي بضم القدس الشرقية  واعتبار القدس بشقيها الغربي والشرقي عاصمة الدولة الإسرائيلية .

العودة الى مجلس الأمن معناه العودة الى المطالبة بتطبيق كل قراراته ذات الصلة بالقضية الفلسطينية , ومنها ايضا قرار محكمة العدل الدولية فيما يتعلق بجدار الفصل العنصري وضرورة تفكيكه , ومنها ايضا القرارات المتعلقة بالإستيطان إن في الضفة وغزة وإن في الجولان السوري .

نعم ان اقوال السيد سولانا تعبر في الواقع عن ضمير الشعب الفلسطيني , وعن الرؤيا الحقيقية لعودة الحقوق الى اصحابها الشرعيين , وكفانا تمسكا بالرؤية " البوشية " سيئة الصيت , وكفانا ايضا رؤى " انابوليس " وغيرها من الهلوسات السياسية التي لا محصل لها إلا زيادة في عمر الإحتلال , وزيادة في نهب الأرض الفلسطينية تحت ذرائع مختلفة ليس الإستعمار الإستيطاني إلا وجها قبيحا من وجوهها .

-------------------------

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ