-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مجموعات
العنف الشعبي في غزة أ.د.
محمد اسحق الريفي ازدادت
في الآونة الأخيرة أعمال العنف
التي يستهدف بها ما يمكن
تسميتهم "مجموعات العنف
الشعبي" في غزة أمن المواطنين
وحقوقهم، وتعاني هذه المجموعات
من وعي مختل للواقع ولأحكام
الشريعة الإسلامية على حد سواء،
ما يلقي بالمسؤولية الكبيرة على
الدعاة والقادة الاجتماعيين
والحكومة لمواجهة هذه الظاهرة
الخطيرة. اختلال
الوعي أساس كل المشاكل
الاجتماعية في مجتمعاتنا،
فعندما يختل الوعي لدى مواطن،
يسيء هذا المواطن تفسير الواقع،
ويسيء فهم الضوابط الأخلاقية
والشرعية، وتضطرب لديه
الأولويات، ويفقد الرؤية
الصحيحة لحقوقه ووجباته ودوره،
فينشأ الانحراف، تفريطاً أو
إفراطاً، وتظهر ممارسات خاطئة
وغير منضبطة بضوابط الأخلاق
والشرع، ما يؤدي إلى إيذاء
المواطنين والاعتداء على
حقوقهم والإضرار بالمجتمع. ومع
الأسف الشديد، ونتيجة لاختلال
الوعي، ينظر كثير من الشباب إلى
القضايا والأحداث من زاوية
واحدة ضيقة، فتتكون لديهم رؤى
قاصرة ومشوهة لتلك القضايا
والأحداث. وفي
ظل الافتقار الشديد لفقه
الأولويات وفهم الضوابط
الشرعية، ينحو هؤلاء الشباب في
تعاطيهم مع الأحداث والقضايا
منحى غير منطقي وغير واقعي
ومناف للشرع ومتصادم مع سنن
الله عز وجل.
وينصِّب هؤلاء الشباب
أنفسهم قضاة على الناس وحكاماً
لهم، ويأخذون على عاتقهم تنفيذ
القانون بأيديهم، وينزلون
الأحكام الشرعية بالناس، بعنف
ودون تمييز أو ضوابط.
وفي ذلك مهلكة كبيرة ومفاسد
كثيرة، إذ يؤدي ذلك العنف وتلك
الممارسات غير المنضبطة التي
تمارسها مجموعات العنف الشعبي
إلى انتشار الفوضى وزعزعة الأمن
والاستقرار في المجتمع، ما يتيح
للمندسين والمنفلتين العبث
بالقانون وبحقوق المواطنين،
وإشعال نار الفوضى التي يسميها
أعداؤنا "الفوضى الخلاقة"،
ويعولون عليها في الفتك بنا
وجعل بأسنا بيننا شديد. وقد
تحدث عدد من خطباء المساجد في
غزة، الجمعة الماضية، عن تلك
الممارسات الخطيرة لمجموعات
العنف الشعبي في غزة، وعن
المفاسد الكثيرة التي تؤدي
إليها، وأكدوا على أن أحكام
الشريعة الإسلامية تهدف إلى
حماية حقوق العباد وكرامتهم
وأموالهم وأمنهم، ولا يجوز
اتخاذها مبرراً للاعتداء عليهم
في الأفراح والأماكن العامة،
ولا يجوز لمجموعات العنف الشعبي
تحويل أحكام الشريعة الإسلامية
إلى وسيلة للاعتداء على
المواطنين واستباحة حقوقهم
وكرامتهم ونهب أموالهم.
وتلك خطوة جيدة لمعالجة هذا
الخلل الكبير ومواجهة هذه
الظاهرة الخطيرة، ولكنها غير
كافية، إذ المطلوب دراسة هذه
الظاهرة دراسة شاملة وكاملة،
والوقوف على أسبابها، ووضع
برامج لتطويقها ومعالجتها،
خاصة إذا علمنا أن جهات أجنبية
تحرك تلك المجموعات، بطريقة غير
مباشرة، وتغذي ثقافة العنف
لديها، بواسطة قيادات وهمية
تنشط عبر المواقع الإلكترونية
العربية التي تنتشر في العالم
الافتراضي. وحيث أن
لغزة وضع خاص شديد الحساسية، في
سياق محاولات العدو الصهيوني
المتواصلة لإعادة إنتاج الفوضى
والفلتان في غزة، في ثوب إسلامي
هذه المرة، لإغراق غزة في العنف
وتوريط حركة حماس وحكومتها في
الاشتباك مع الشبان الطائشين،
وحرمان غزة من الأمن الذي تستظل
به من جحيم الحصار والعدوان
والتآمر الصهيوني الغربي، كان
لا بد من تضافر كل الجهود لتوعية
الشباب وإعادة تأهيل المتورطين
في أعمال العنف ضد المواطنين،
لتفويت الفرصة على الأعداء،
وحماية أبناء شعبنا من الانحراف
وارتكاب الكبائر. ومن
الجدير بالقول، إن من أبرز
أسباب ظهور تلك الظاهرة الخطيرة:
انشغال الدعاة الكبار بأمور
السياسة والحكم عن الاختلاط
بالجيل الناشئ وتربيته
وتوجيهه، وانشغال خطباء
المساجد بمواضيع تتعلق
بالخلافات الداخلية بين حركتي
حماس وفتح وفي الانقسام
الداخلي، وانشغال التنظيمات
المحلية باستقطاب المواطنين
واستيعابهم في صفوفها عن
التربية المتينة، التي تقوم على
أساس الفهم الصحيح للواقع
ولأحكام الإسلام، وعلى الوعي
العميق الذي يؤدي إلى المواطنة
الصالحة وعدم الانجرار وراء
مؤامرات الأعداء ومخططاتهم
العدوانية، التي تستهدف الجبهة
الداخلية وأمن المواطنين
وسلامتهم. وفي هذا
الصدد، نتساءل عن سبب ضعف دور
الجامعات الفلسطينية في معالجة
هذا الخلل الكبير وحث الطلاب
على الانخراط في برامج تعزيز
المواطنة الصالحة لديهم؟!!،
أليس من واجب الجامعات توجيه
التربويين والمثقفين من
أساتذتها لتحقيق السلم
المجتمعي وحماية أبناء الشعب
الفلسطيني وأبناء أمتنا من
الأفكار الشاذة والآفات
الاجتماعية الخطيرة التي تنشأ
من عدم فهم مقاصد الشريعة
الإسلامية والجهل بأحكامها؟!!.
وهذه الأسئلة مطروحة أيضاً
على المدارس والمؤسسات
التعليمية في غزة، الرسمية
والشعبية، وعن الإعلام المحلي. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |