-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المقاومة
خبر كان منصوبا بالفتح تحسين
يحيى أبو عاصي * المثل
الفلسطيني يقول : ( عنزة ولو طارت
) ولهذا المثل حكاية طريفة ، وهي
أن رجلا محكوما لزوجته ( وقانا
الله وإياكم حكم النساء ، وإن
كان في بعض الأحيان نعمة كبرى ! )
ذهب هذا الرجل إلى السوق ليبيع
بطة بأمر عسكري من زوجته
الميمونة ، وأوصته أن البطة
التي يجب بيعها في وسط السوق هي
عنزة حتى لو طارت تلك البطة أمام
أعين الجميع ، ذهب الرجل
المحكوم لزوجته حاملا البطة إلى
السوق من اجل بيعها ، وكلما جاء
إليه من يشتري البطة سأله : كم
سعر هذه البطة ؟ كانت تثور ثورة
الرجل المحكوم قائلا بأنها ليست
بطة إنها عنزة ..... تكرر
المشهد السابق مرات كثيرة وسط
السوق ، واجتمع الناس من حول
الرجل المحكوم لعلهم يقنعوه بأن
الذي في يده بطة وليست عنزة ،
لكنه كان مصرا على موقفه بأن
البطة عنزة ..... وأخيرا
جاء إليه رجل حكيم وقال له : أنت
تقول عن البطة عنزة فانظر ماذا
أنا فاعل الآن بها .... مسك الحكيم
البطة وألقاها في الهواء ،
فطارت البطة أمام الجميع ، وقال
له الحكيم : انظر إلى البطة كيف
تطير ... ولو كانت عنزة لا تطير ....
قال له الرجل المحكوم : إنها
عنزة ولو طارت.... عنزة ولو طارت
..... عنزة ولو طارت.... . ربما
بات عند الكثيرين أن الخط
السياسي لتيار ما ، هو أغلى من
الشعب والوطن والقضية ، وصار
عندهم الوطن شركة أو بقرة حلوب
أو مركزا من مراكز الاستثمار
الكبرى ، فكل شيء لا قيمة له
أمام الامتيازات والمصالح
والأموال ، وصار التاريخ
النضالي الحافل بالتضحيات
والدماء والجراح والمعاناة حتى
اللحظة ، مثله مثل قصص ألف ليلة
وليلة وأبي نواس ، وأن مكانه
الطبيعي الآن هو متحف التاريخ
والتراث ، تحت ذريعة الواقعية
والمصلحة القومية العليا ، بحيث
أصبح التراجع عن خطا نهج هذا
التيار السياسي أو ذاك يهدد
تاريخ مسيرته الحركية وإرثه
النضالي ، الذي أصبح خبر كان
منصوبا بالفتح ، وهو يصر بعناد
ويحارب بقوة على كساد طرحه
وفساد بضاعته ، حتى لو قدمت له
كل الأدلة والمعطيات والبراهين
بالحقائق والأرقام إلا أنه في
النهاية عنزة ولو طارت .... فلقد
تعايش مع ذاته وبرمج عقله
وإدراكه ووعيه وأوهم نفسه ، بأن
هذا هو الطريق الأقرب لتحقيق
مصالح شعبه .... حتى لو قال له
الجميع غير ذلك .....ففي ذاكرة
وعيه المبرمجة عنزة ولو طارت .
لأن التراجع بالنسبة له هو
إعلان فشل ذريع لخطة السياسي
أمام خصومه السياسيين الذين
يتربصون به الدوائر ، مما يعني
انتحارا لقادة نهج هذا الخط
السياسي أو ذاك ، وضربا
لمصالحهم وتحطيما لامتيازاتهم
، وهم بذلك مستعدون للتضحية بكل
شيء يتعلق في الشعب والوطن من
أجل خدمة أغراضهم وكراسيهم
ومكتسباتهم ، حتى لو هلك الحرث
والنسل ، وقُضي على الأخضر
واليابس ، والأمثلة على ذلك
أكثر من أن تحصى لدى الفطن
اللبيب . يذكرني
ذلك بحكاية التاجر المُفلس الذي
بدأ يفتش في دفاتر دَينه
المنسية منذ زمن بعيد لعله يحظى
بدَين قديم له على هذا الرجل أو
ذاك ؛ فيجمع منها بعض الفتات
المنسي من ذاكرته .....فما أكثر
المفلسين اليوم من تُجار
السياسة ودكاكين النصب بالفتح . فمتى
ندرك أيها الإخوة الكرام
والأخوات الكريمات ، بأن شلال
الدماء الذي لم يتوقف هو أغلى من
تفاهات الكثيرين ، ولقد صدق
المثل الشعبي الفلسطيني (( إن
الله لا يقبل من ساكت )) فإن لم
تجمعهم تلك الشلالات من الدماء
فستجمعهم حتما أعواد المشانق ،
والغلبة لإرادة الشعوب . ـــــــــــــ *كاتب
فلسطيني مستقل ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |