-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
محطة
لا بد أن تمر بها القضية
الفلسطينية أ.د.
محمد اسحق الريفي يرى
كثير من الناس أن القضية
الفلسطينية قد تقهقرت في
السنوات القليلة الماضية، خاصة
مع تصاعد وتيرة التهويد
والاستيطان الصهيوني في الضفة
والقدس، ومع تفاقم الصراع
والانقسام الداخلي.
ورغم أن الشعب الفلسطيني
يتحمل جزءاً من مسؤولية الوضع
الراهن، فإن هذا الوضع هو إحدى
المحطات التي لا بد أن تمر بها
القضية الفلسطينية. لنرجع
قليلاً إلى الوراء، ولنتذكر
الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
فبينما كان الشعب الفلسطيني
يقدم التضحيات الجسيمة، ويضرب
المثل في الصبر والثبات، ويصر
على مقاومة الاحتلال أخذ بعض
الناس ينظرون إلى جهاد الشعب
الفلسطيني من زاوية سوداوية،
فأخذوا يبثون الشائعات بأن
الانتفاضة قد أضرت بالقضية
الفلسطينية، لزعمهم أنها دمرت
اقتصاد الضفة وغزة، وخربت
العملية التعليمية، ومنعت
العمال الفلسطينيين من العمل في
الداخل الفلسطيني المحتل، ...
وهكذا. ومع
الأسف الشديد، فإن تلك المعايير
المتناقضة والمنسلخة عن قيم
الشعب الفلسطيني هي المعايير
ذاتها التي يبني عليها الناس
اليوم نظرتهم لتطورات القضية
الفلسطينية، وهم يرون في
اتفاقيات أوسلو إنجازاً كبيراً
حققه الشعب الفلسطيني، ويزعمون
بأن الانتفاضة حطمت هذا
الإنجاز، رغم أن تلك الاتفاقيات
المشؤومة كرَّست الاحتلال
والتبعية الاقتصادية والأمنية
له، وأسست للانقسام الفلسطيني
الحالي، وأوهمت الفلسطينيين
والعرب بأن المشكلة الفلسطينية
قد حُلت وانتهت، وجمَّلت صورة
العدو الصهيوني المجرم لدى
العالم، وأضفت على كيانه
المغتصب شرعية، وهي حتماً شرعية
باطلة. وكأن
تكريس الاحتلال وسيطرته التامة
على الأرض والجو والمعابر
والحدود، وتسليط الغربيين
لعصابة من الانتهازيين وغير
الوطنيين على رقاب الفلسطينيين
في الضفة وغزة هو إنجاز وطني لم
يحقق الشعب الفلسطيني مثيلاً له
عبر مسيرة جهاده!! وهذا
خطأ كبير، فالشعب الفلسطيني لم
يقم بالانتفاضة الثانية إلا
لرفضه للواقع السيئ الذي أتت به
اتفاقيات أوسلو وملحقاتها
الأمنية، وقدم الشعب الفلسطيني
خلال انتفاضته الثانية
التضحيات الكبيرة، لدفع القضية
الفلسطينية إلى الأمام،
ولتغيير الواقع البائس الذي
يعيشه، وللتخلص من الانتهازيين
والمفسدين والمتسلطين
المتعاونين أمنياً مع
الاحتلال، وللتحرر من الاحتلال
وقيوده. ولم
يعبأ الشعب الفلسطين
بالممارسات الإجرامية للاحتلال
في خضم محاولاته لقمع
الانتفاضة، وتمثلت تلك
الممارسات العدوانية في
الاغتيالات، والأسر، والتعذيب،
وهدم آلاف المنازل والمنشآت،
وقلع عشرات آلاف الأشجار، وضرب
البنية التحتية في الضفة وغزة
وتقطيع أوصالهما، وإقامة مئات
الحواجز العسكرية في القدس
والضفة. ورغم
المعاناة القاسية التي يعاني
منها الشعب الفلسطيني، والتي
تفاقمت في السنوات القليلة
الماضية، فإن تغيرات إيجابية
نوعية طرأت على الوعي الجمعي
الفلسطيني والعربي والإسلامي
والعالمي، حيث اكتشف الناس مدى
خطورة تسوية أوسلو على الشعب
الفلسطيني وقضيته، وظهر بوضوح
للجميع الدور الخطير الذي تلعبه
أنظمة عربية متواطئة مع
الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني
ومقاومته الباسلة، وظهر بوضوح
دور ما يسمى "المجتمع الدولي"
بقيادة الولايات المتحدة
وبشراكة حلفائها الأوروبيين في
التآمر على الشعب الفلسطيني
وتصفية قضيته لصالح العدو
الصهيوني. والأهم
من ذلك كله، أن الفلسطينيين
والعرب والمسلمين اكتشفوا
حقيقة تلك العصابة التي تعبث
بالقضية الفلسطينية وتتاجر بها
وتجني من ورائها الأموال
الكثيرة، في مقابل تعاونها
الأمني والسياسي مع الاحتلال في
حربه على المقاومة الفلسطينية.
إن المعاناة القاسية التي
يعاني منها الشعب الفلسطيني هي
الضريبة التي يدفعها كل شعب
يسعى لتحرير أرضه، ويقاوم من
أجل نيل حقوقه، ويدافع عن
كرامته ووجوده. نحن
الآن بخير، لأننا وصلنا إلى
محطة لا بد من المرور بها،
وعلينا أن نحتسب كل المعاناة
والألم عند الله عز وجل،
فحساباتنا ليست حسابات ربح
وخسارة، وإنما هي تضحيات نقدمها
في سبيل الله عز وجل، وجهاد وصبر
ورباط نعتز به ونحتسبه عند الله
عز وجل... إن
المعاناة التي يعيشها الشعب
الفلسطيني اليوم هي نتاج
تراكمات عديدة لأخطاء في
الممارسات، منذ الانتداب
البريطاني على فلسطين،
ولانحراف في المنهج والفكر لدى
من انسلخوا عن قيم شعبنا وحادوا
عن نهج الإسلام في التعاطي مع
القضية الفلسطينية والصراع مع
العدو الصهيوني.
إذاً هذه محطة لا بد من
المرور بها، ولكن علينا نحن
الفلسطينيين أن نغادر هذه
المحطة إلى المحطة التالية، وهي
محطة الإصلاح والتغيير، وتوظيف
الدعم الشعبي العربي للمقاومة
الفلسطينية في الضغط على أنظمة
التواطؤ العربية الخائبة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |