-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 10/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


في ظل تعقيدات العلاقة الأميركية - الإسرائيلية

هل بات نتانياهو على أعتاب سقوطه الثاني؟

ماجد الشّيخ

   لم تغير جولة المبعوث الأميركي جورج ميتشل التي انتهت قبل أيام، من مشهد العلاقات الأميركية – الإسرائيلية؛ لا إزاء تلك القضايا المختلف، أو تلك  المتفق عليها مع حكومة نتانياهو، حيث تكشفت الحيل والخدع الإعلامية، عن كونها ثابت من ثوابته، فضلا عما كشفته الأيام عن عدم مصداقيته، وتلك سمة يحوزها وقد حازها نتانياهو بجدارة، وعن سابق أصرار وتصميم. ولهذا أمكن ويمكن القول الآن أن جوهر مواقفه المعلنة لا تتطابق وشخصيته التي يمكن وصمها بالفصامية. هكذا كانت مسيرة نتانياهو الأولى: فقدان ثقة بعض أو أغلبية الجمهور الإسرائيلي، وعدم حيازة ثقة الولايات المتحدة وأوروبا والعالم قاطبة، وهذا ما قد يرتب فقدانه السلطة في المآل الأخير. فهل يكرر نتانياهو اليوم مسيرة صعوده ومن ثم سقوطه أو إسقاطه عن شجرة السلطة عام 1999؟ خاصة وهو يكرر اليوم قول "لا" في محل "نعم" وقول "نعم" في محل "لا"، وفق الإعلام الإسرائيلي؟.

 

  هذا هو دأب نتانياهو اليوم أيضا بكاريزما عنجهيته وصلفه العدواني، ففي المرة الأولى حين أعلن التزامه قرارات حكومة رابين بشأن اتفاق أوسلو. وفي المرة الثانية، أي الآن، وهو يعلن قبوله هيكلا عظميا أسماه "دولة فلسطينية" خاصة، وفق مفاهيمه هو: منزوعة السلاح، ومقطعة الأوصال، هي بمثابة حكم ذاتي ذا طابع اقتصادي، تابع بالكامل للاقتصاد الإسرائيلي.. إلخ من مواصفات، تنفي الدولة وإن أبقت شكليا على هوية فلسطينية مزعومة لها، لا يتعرّفها فلسطينيون كثر أو أغلبية الفلسطينيين، فضلا عن رفضهم منح هويتهم لدولة بهذه المواصفات، أو عدم توافر حتى وجود إجماع فلسطيني إزاءها، وهي التي لا ترقى إلى مستوى أي حل مرحلي أو نهائي لجوهر التسوية العتيدة الموعودة.

 

  وعلى حد تعبير باروخ لشيم (يديعوت أحرونوت 17/7) وكما في المرة الأولى عندما رجع عن وعده التزام قرارات حكومة رابين، بيّن أنه توجد "نعم" ليست "لا"، أي أنه سيكون ملتزما مسيرة أوسلو، إذا قام الفلسطينيون على رؤوسهم وأنشدوا نشيد (هتكفا) باليديش أو شيئا من هذا القبيل. وهكذا هو في المرة الثانية، أي الآن، ما زال نتانياهو هو نتانياهو، فـ "دولته الفلسطينية" منزوعة السلاح، وإن سعى لأن ترضي اليمين المتطرف والوسط ويسار الوسط معا، فهو بالتأكيد كان يعي أن ذلك لن يرضي الفلسطينيين ولا العرب. فما طرحه نتانياهو بشأنها، مجرد فكرة وهمية، لا علاقة لها مطلقا بالواقع الإقليمي أو الدولي، الساعي إلى نشدان تسوية سياسية مقبولة، وإن لم ترض كل الفلسطينيين، أو كل العرب، أو حتى كل الإسرائيليين.

 

  ولأن فكرة "السلام الاقتصادي" ما برحت محور تسويته المزعومة، فإن المبادرة الخاصة بالحل المرحلي المؤقت، لإقامة "دولة فلسطينية مؤقتة" لا تخرج عن محور اهتمام حكومته حتى اللحظة. كل هذا في محاولة يائسة لتفادي إمكانية نشوء مأزق مقيم، ومواجهة قد تطول مع إدارة أوباما، وهذا تحديدا ما دفع خبراء معهد الدراسات حول الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، لأن يخرجوا في تقريرهم السنوي بنتيجة مفادها، أنه لا المواقف المشروطة لنتانياهو لإقامة دولة فلسطينية، ولا التفاهمات الجزئية بين إسرائيل وواشنطن حول الملف النووي الإيراني، تكفي لمنع البلدين من أن يجدا نفسيهما على طريق صدام، يمكن له أن يكون ذات تداعيات إستراتيجية خطيرة على إسرائيل.

 

  وفي شأن توقعاتها نشوء مثل هذه الأزمة، واستباقا لمفاعيلها المؤكدة، كشفت صحيفة معاريف (22/7) أن أجهزة الأمن الإسرائيلية بدأت تستعد لإمكانية وقف المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل، وكيف يمكن التصرف بدون الدعم الأمني الأميركي المقدر بـ 2,8 مليار دولار، والذي يلزم إسرائيل شراء الأسلحة والعتاد فقط من الولايات المتحدة.

 

  وعلى الرغم من وجود توتر في العلاقات الأميركية – الإسرائيلية حول ملف التسوية السياسية، ومن ضمنه الاستيطان في القدس والضفة الغربية، وتضارب رؤية الطرفين لمسار ومسيرة مثل هذه التسوية، فإن الجانبان لا يخفيان توثيقهما عملية تنسيق بينهما إزاء الملف النووي الإيراني، حيث وصل إلى إسرائيل نهاية الشهر الماضي، وفد رفيع لإجراء محادثات سرية ضم مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي دينيس روس، ومسؤولون في السي آي إيه، وممثلون عن وزارة الدفاع والمالية بدعوة من مستشار الأمن القومي الإسرائيلي عوزي أراد.

 

    نتانياهو بهذا يكون كمن يقع بين حجري رحى اليمين الديني والقومي المتطرف من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، وعلى حواف الجانبين أو ما بينهما حزب كاديما ورئيسته تسيبي ليفني وشاؤول موفاز الرجل الثاني في هذا الحزب، الواقف على أهبة الاستعداد للتماثل مع الليكود في اللحظة التي يتعرض فيها نتانياهو وائتلافه الحكومي لخطر السقوط أو الإسقاط المتعمد، طالما هو يبتعد في حراكه السياسي عن محور ما تريده الولايات المتحدة والوضع الإقليمي السائد، الطامح للبدء بحل سياسي يوصل إلى تسوية، حتى ولو لم تكن نهائية، فباتجاه خطوة نحو إيجاد صيغة تنحو نحو إنهاء الصراع، وهو ما لا يبدو أن مؤشراته تتوافر حتى اللحظة.

 

  وفي "مواجهته" الأولى مع الكنيست المؤيد أساسا لائتلافه الحكومي بواقع 74 نائبا، سجلت حكومة نتانياهو يوم الإربعاء الماضي (22/7) أولى هزائمها، إلى جانب ما يمكن وصفه بتشققات ائتلافها وتصدعه، وذلك بإفشال الائتلاف ونوابه تعديل مشروع قانون قدمه نتانياهو بشأن "تخصيص الأراضي في إسرائيل"، وهو أحد أبرز المشاريع التي روّج لها مع عدد من المشاريع التي طالما لوح بإقرارها، خصوصا في المجال الاقتصادي، خلال حملته الانتخابية.

 

  وفي هذا المجال اعتبر المعلق السياسي في صحيفة معاريف (23/7) بن كسبيت ما حصل بالنسبة لمشروع تخصيص الأراضي هزيمة مدوية أخرى ومهينة لرئيس الحكومة، في إشارة إلى تراجع نتانياهو منذ تسلمه منصبه عن عدد من المشاريع، حيث كان "من المفروض أن تكون الأيام الـ 120 الأولى لهذه الحكومة شهر عسل، شهر انتشاء، لكن نتانياهو يبدو كمن يعدو إلى الوراء، الانبعاث يبدو احتضارا، بداية ولايته تذكّر بنهايتها، وإذا لم يتبدل الوضع فستكون فعلا نهايتها".

 

  ولهذا بتنا أمام سؤال ينبغي أن تحسم الإجابة عنه في مستقبل قريب، لا يكمن فحواه في: هل تتكرر تجربة سقوط أو إسقاط نتانياهو، بل متى يتحقق سيناريو تكرار التجربة مرة أخرى؟. علما أنه وإلى جانب نتانياهو وائتلافه الحكومي، تتكتل كل قوى اليمين الإسرائيلي، من أجل أن لا يسقط جراء الأزمة البينية – في إطار العائلة الواحدة – مع الولايات المتحدة، لاعتقاد هذه القوى مجتمعة أنه مهما بلغت تنازلات هذه الحكومة، فذلك ما لن ترقى إليه تنازلات أي حكومة تنتمي إلى الوسط أو يسار الوسط. وفي ضوء خبرة اليمين المتطرف، ونتانياهو نفسه، إزاء التباين في المواقف والعلاقات الأميركية – الإسرائيلية وتضاربها، ودخولها نفق أزمة أو مجموعة من الأزمات التي بدت مستعصية في حينه، إلاّ أنها سرعان ما عادت لتستأنف مسيرتها، مجرد تخطي قطوع الأزمة، على ما جرى عام 1992، حين أدت أزمة في العلاقات الأميركية – الإسرائيلية إلى سقوط حكومة إسحاق شامير. كما أن الأمر عاد وتكرر عام 1999 عندما تفسخ اليمين وسقط نتانياهو ذاته.

 

  لكن هذه المرة يبدو أن اليمين المتطرف، وقد وعى درس الخلافات مع واشنطن، وما يترتب عليها من أثمان باهظة، لجهة أن أي انتخابات مبكرة ستعقب ذلك لا يمكنها بالضرورة أن تشكل رافعة إعادته إلى السلطة من جديد. ففي الحالتين السابقتين عامي 1992 و1999 كان الوسط ويسار الوسط هو من خلف حكومتي اليمين في تينك الفترتين. فهل يمكن القول الآن أن نتانياهو وتحالفه الائتلافي مع أقصى يمين الخريطة الحزبية الإسرائيلية قد وعى دروس سقوطه السابق، أم أنه يحاول اليوم تمديد فترة بقائه في السلطة أطول فترة ممكنة، في محاولة مستميتة لتفادي فرض حل أو حلول غير إسرائيلية على إسرائيل، لا تملك أي قدر من النجاح بالضرورة، في ظل تعقيدات الوضع الفلسطيني بداية، والوضع الإقليمي والدولي الذي يحاول فكفكة تشابكات خيوط ما تني تتشابك، وتشهد المزيد من التعقيدات الواضحة والخفية؟.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ